الأربعاء 28 ماي 2025

المغرب والكيان الصهيوني يمارسان الفساد والضغط يداً بيد في أمريكا اللاتينية ضد الشعب الصحراوي

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب والكيان الصهيوني يمارسان الفساد والضغط يداً بيد في أمريكا اللاتينية ضد الشعب الصحراوي

في يونيو 2023، قام رئيس الكنيست أمير أوحانا، وهو من والدين مغربيان، بزيارة إلى المغرب لمدة ثلاثة أيام، حيث التقى برئيس الوزراء عزيز أخنوش ووزير الخارجية ناصر بوريطة. وفي يومه الأخير، استقبله نظيره المغربي بحفاوة بالغة في البرلمان بالرباط. وفي خطابه، أعلن أن الكيان الصهيوني سيعترف قريبا بـ “سيادة المغرب” على الصحراء الغربية، وهو ما حدث في 17 يوليو، أي بعد شهر واحد فقط. وعلاوة على ذلك، فقد وعد بشيء ربما يكون أكثر قيمة بالنسبة للمغرب: “الدبلوماسية الإسرائيلية سوف تساعد المغرب بكل طريقة ممكنة في الحصول على اعتراف الدول الأخرى”.

وفي 11 ديسمبر 2024، قام الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا بزيارة الكيان الصهيوني. وبحسب مقال نشرته صحيفة جيروزاليم بوست العبرية في 19 ديسمبر ، فإن بينيا ضغط خلال لقاء مع أمير أوحانا من أجل اعتراف باراغواي بـ “سيادة المغرب” على الصحراء الغربية. وبعد مرور أسبوع، وتحديدا في الخامس والعشرين من الشهر نفسه، وافق الكونغرس الباراغواياني على قرار يؤكد “سيادة المغرب” على الأراضي الصحراوية المحتلة.

وهناك دولة أخرى تتمتع فيها الدبلوماسية الإسرائيلية بحضور قوي بسبب موقعها الجيوسياسي وهي بنما. وقد اعترفت هذه الدولة بالجمهورية الصحراوية وأقامت علاقات دبلوماسية معها في عام 1978؛ ومنذ ذلك الحين، أصبح للصحراويين بعثة دبلوماسية دائمة هناك. وفي يوليو 2024، تولت الحكومة الجديدة برئاسة راؤول مولينو اليميني، المعروف بمواقفه المؤيدة للكيان الصهيوني، السلطة. وفي سبتمبر، التقى وزير الخارجية البنمي خافيير مارتينيز آتشا مع السفير الإسرائيلي إيتاي باردوف، حيث يُزعم أن الدبلوماسي الإسرائيلي شجعه على قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية، وهو الأمر الذي سيحدث بعد شهر ونصف. وفي أوائل شهر نوفمبر، أصدرت وزارة الخارجية البنمية بيانا أعلنت فيه قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية وأعربت عن دعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء الغربية.

وفي بلدان أخرى في أميركا اللاتينية حيث لا فائدة من النفوذ الصهيوني، يستخدم المغرب محفظته: حيث يقيم عدد كبير من المشرعين من بلدان مختلفة في فنادق فاخرة في مراكش وأكادير مملوكة لمجموعة سيجر، الشركة القابضة الملكية لمحمد السادس. وبمجرد وصولهم إلى هناك، يتم اصطحابهم إلى الصحراء الغربية في جولات إرشادية بهدف تطبيع احتلال الإقليم؛ ويشاركون في فعاليات دعائية يُحظر فيها الإشارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان، أو السجناء السياسيين، أو الصحراويين المفقودين.

وبمجرد وصولهم إلى هناك، يتم اصطحابهم إلى الصحراء الغربية في جولات إرشادية بهدف تطبيع احتلال الإقليم.

غيدو جيراردي، الرئيس السابق لمجلس الشيوخ التشيلي، الذي كان في السابق يؤيد قضية الشعب الصحراوي، تراجع تماما عن موقفه عندما بدأ يستمتع بعروض العطلات إلى المغرب. وكان من بين الحاضرين أيضا أعضاء مجلس الشيوخ التشيلي مثل خايمي كوينتانا، وممثلين أرجنتينيين مثل ياميل سانتورو، والمرشحة الرئاسية السابقة للبيرو كيكو فوجيموري، ابنة الديكتاتور السابق ألبرتو فوجيموري، الذي قطع العلاقات مع الجمهورية الصحراوية في عام 1995.

في سبتمبر 2021، قرر الرئيس المنتخب حديثًا، بيدرو كاستيلو، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية، ولكن بسبب عدم استقرار حكومته والتحالفات المتتالية، وصل ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، زعيم اللوبي المغربي في بيرو، في أغسطس 2022 إلى وزارة خارجية الدولة الأنديزية وقرر على الفور قطع العلاقات مع الصحراويين مرة أخرى، وحتى أكثر من ذلك، الاعتراف بـ “سيادة المغرب” على الصحراء الغربية، على الرغم من أن هذا الهراء لم يدم طويلًا: تم فصل رودريغيز ماكاي بعد شهر واحد فقط وتم إعادة العلاقات مع الجمهورية الصحراوية على الفور.

ومن بين الزيارات الأخيرة إلى الصحراء الغربية المحتلة زيارة غوستافو باتشيكو، رئيس البرلمان الأنديزي، وهو دمية معتادة في يد الدكتاتورية المغربية. في زيارته الثالثة للمغرب خلال أربع سنوات، سافر باتشيكو إلى العيون، عاصمة الصحراء الغربية المحتلة، حيث عقد مؤتمرا صحفيا أشاد فيه بمحمد السادس. ومن المنطقي أنه كان قد أقام قبل ذلك لمدة ثلاثة أيام في مراكش في فندق المامونية الفاخر المملوك للملك المغربي.

قائمة المشرعين البيروفيين والتشيليين والأرجنتينيين والكولومبيين… الذين يضغطون من أجل المغرب لا تنتهي.

قائمة المشرعين البيروفيين والتشيليين والأرجنتينيين والكولومبيين… الذين يضغطون من أجل المغرب لا تنتهي. وتشكل زياراتهم الأسبوعية تقريبا إلى المغرب والصحراء الغربية المحتلة متعة للصحافة المغربية، التي تقدمهم كمثال على التحول النموذجي في قضية الصحراء الغربية في أمريكا اللاتينية لصالح المغرب. ومن بين الحالات الأكثر غرابة تلك التي وقعت في يونيو 2023، أثناء زيارة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ التشيلي، فرانسيسكو شاهوان، إلى المغرب، وبعد اجتماع مع وزير الخارجية المغربي، صرح شاهوان، وهو ينسب إلى نفسه مهام تنفيذية ليست من مسؤولياته، لوكالة الأنباء المغربية الرسمية أن بلاده تدعم “وحدة التراب المغربي، بما في ذلك الصحراء”، وهو الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم في الصحافة المغربية. وفي اليوم التالي، أصدرت وزارة الخارجية التشيلية بيانا تتبرأ فيه منه، وأكدت أن موقفها من قضية الصحراء الغربية لم يتغير وهو متوافق مع قرارات الأمم المتحدة.

وبالنسبة للنظام المغربي، تشكل أميركا اللاتينية عنصرا أساسيا في خططه لاحتلال الصحراء الغربية. وقد اعترفت أغلب بلدانها بالجمهورية الصحراوية فور إعلانها في عام 1976؛ ومنذ ذلك الحين، أظهروا دعمهم القوي لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير في مختلف هيئات الأمم المتحدة. لقد أصبح قطع الروابط السياسية والأخوية بين اللاتينيين والصحراويين هاجسا لدى النظام المغربي، وهو لا يتردد في استخدام أي وسيلة لتحقيق ذلك، بما في ذلك الفساد.

أحمد بابا (مواليد 1987، مخيمات اللاجئين الصحراويين) هو إداري وناشط. مهتم بالجغرافيا السياسية لشمال أفريقيا، ويبحث بشكل خاص في العلاقات بين المغرب وإسبانيا والصحراء الغربية، مع التركيز على دور جماعات الضغط وتأثيرها على حزب العمال الاشتراكي الإسباني.

رابط دائم : https://dzair.cc/xeuo نسخ