17 سبتمبر، 2025
ANEP الأربعاء 17 سبتمبر 2025

المغرب يغرق في أزمة اجتماعية عميقة: انهيار القدرة الشرائية وانفجار شعبي قادم

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
المغرب يغرق في أزمة اجتماعية عميقة: انهيار القدرة الشرائية وانفجار شعبي قادم

في ظل التوسع المكلف في مشاريع البنية التحتية وبث الخطب الرسمية عن التنمية، يوشك المغرب على أن ينهار تحت وطأة أزماته الاجتماعية المتفاقمة. بوتيرة متسارعة، تنهار المقدرة الشرائية، ويتزايد الفقر، وتستفحل البطالة بين الشباب، في ظل حراك شعبي متنامٍ واحتقان يتجه نحو التحرر من قيود النظام، أو ما يُعرف بـ”المخزن”.

تدهور اجتماعي خطير

أكثر من ثلاثة أرباع الأسر المغربية (76 %) شهدت تراجعًا واضحًا في مستويات معيشتها خلال العام الماضي، في حين يؤكد نحو نصف الأسر أن عجزها المالي يزداد، فيما 40 % اضطروا إلى الاستدانة أو تفريغ مدخراتهم لتلبية أساسيات الحياة.

التوقعات المستقبلية قاتمة بنفس القدر: تقليص فرص التوظيف للشباب وتدهور الخدمات العامة يجعل ثقة الناس بالدولة تتآكل كل يوم.

بطالة قياسية.. والباقي أهمال

بلغت نسبة البطالة في 2024 مستوى 13.3 %، بواقع مليون و600 ألف عاطل، ولا يزال نحو 36 % من الشباب يعانون من انعدام فرص العمل، بينما تقترب نسبة البطالة لدى النساء والخريجين من 20 %.

في وقت تعلن الحكومة عن خطة بقيمة 1.4 مليار دولار لتحفيز التوظيف، فإن تلك الأموال لم تنعكس على أرض الواقع حتى الآن، في ظل هيمنة الاقتصاد الريعي وقوانين العمالة المعيقة للقطاع الخاص.

غضب المدرجات والزلازل الاجتماعية

في مدينة الرباط، خرج ناجون من زلزال 2023 ليطالبوا، بعد سنتين، بإعادة بناء منازلهم، واحتجوا أمام البرلمان رافعين لافتات مثل: “أموال الزلزال، أين ذهبت؟ إلى الملاعب والمهرجانات!” في ذكرى تضامنهم مع المشاريع الرياضية الباهظة للتغطية على الفقر في مناطق نائية.

رسالة قوية مفادها أن التباعد التنموي بين المدن الكبرى والأطلس أو الريف يخلق تضحية بشرية واقتصادية لا يمكن السكوت عنها.

تنفس الشارع… مجتمع يثور

الأصوات المرتفعة ضد البطالة والتهميش لا تبقى رمزية. العمال المغاربة تحدوا قرار حظر تظاهرهم وخرجوا إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم، محملين شعارات احتجاجية ضد الظلم الاجتماعي والبارادات التي تدار بها الاقتصاد الوطني.

كما أصدرت أكبر النقابات المغربية (CDT) بيانًا حاد اللهجة، تحذر فيه من خطر انفجار اجتماعي نتيجة انهيار القدرة الشرائية وتفشي الفساد واستهداف الحريات النقابية.

أبعاد متجذرة: الفقر جغرافياً وقطريًا

رغم مزاعم حكومة المخزن عن “انخفاض” نسبة الفقر من 11.9 % إلى 6.8 % خلال عشر سنوات، تُظهر المناطق الداخلية أن الفقر مازال مستشريًا، وإن كان مؤقتًا على الورق. الملك نفسه دعا لإصلاحات عاجلة لسد الفجوة التنموية بين الشمال الغني والمناطق الريفية المتخلّفة.

الزراعة المتعثرة بسبب الجفاف المستمر منذ سنوات فقدت 137 ألف وظيفة عام 2024 وحده، مما عمّق الانكماش الاقتصادي لقطاع يعيل أعداداً ضخمة من الأسر، خصوصًا في الأطلس والجرف والصحراء.

ماذا خلفت هذه السياسات؟ نظرة شاملة

المشهد الذي ترسمه تلك المؤشرات ليس مجرد أزمة اقتصادية محضّة، بل هو خريطة اجتماعية لمنهجين متعارضين:

نموذج تنموي يفضل المشاريع الكبرى والمبهرجة (كاستعدادات كأس العالم) على توسيع شبكة الحماية الاجتماعية؛

نظام سياسي مركزي يتحكم في الموارد وينسق قراراته بعيدًا عن آليات النزاهة والمحاسبة.

النتيجة؟ مجتمع مقهور غير قادر على التوصّل إلى حلول داخلية بسبب اختناق الحراك، في حين أن الوضع يتجه نحو انفجار اقتصادي واجتماعي مبكر إذا لم يحدث تحول جذري في توجه السلطة.

المغرب يعيش لحظة فارقة:

76 % من الأسر إما هي في تراجع أو تعيش في العجز المالي.

البطالة نصف مليون شاب مقطوع الأمل.

مشاريع البنية تحجب النهوض الاجتماعي عن ملايين أُخرى.

بينما تُدار الدولة بشعارات التحول الحضاري، فإن الشارع يعاني من صمت النظام وتجميده لحركة الإصلاح.

لم يبق أمام الحكومة إلا خيارين: الإنقاذ الاجتماعي بالكلمة وبالإصلاح الفعلي، أو المخاطرة بأن يتحول غضب الجماهير إلى شرارة لا ينطفئ له لهب قريب.

رابط دائم : https://dzair.cc/rte7 نسخ