حذرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان من أن إخفاق الحوار الاجتماعي الذي يضاف إلى إخفاقات حكومية بالجملة وعلى عدة مستويات، سينتهي بالبلاد إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع.
وأعربت الهيئة الحقوقية المغربية في تصريح بمناسبة عيد الشغل، عن أسفها العميق من تعثر مسلسل الحوار الاجتماعي، الذي ظل في جوهره شكلياً وغير مُمَأسس، إذ لم يُفْضِ إلى مخرجات مهمة وملموسة ترتقي إلى مستوى تطلعات الطبقة العاملة، فالمطالب الأساسية لا تزال تراوح مكانها، بينما تم تمرير قوانين تُقيد الحقوق، وعلى رأسها مشروع قانون الإضراب، الذي أعدته الحكومة في غياب توافق وطني.
وأشارت إلى أن إخفاقات حكومة المخزن، يعكسها تدهور الأوضاع الاجتماعية واستفحال الغلاء، والارتفاع غير المسبوق في مؤشرات البطالة، لا سيما في صفوف الشباب والنساء، وتراجع القدرة الشرائية بسبب استمرار سياسة تحرير السوق دون رقابة صارمة على المضاربات واحتكار السلع والخدمات.
وأكدت ذات الهيئة إلى أنّ البرامج الحكومية المعلنة لم تؤد إلى تخفيف الأعباء المعيشية على العاملات والعمال، بل تسببت سياسات الإعفاءات الضريبية غير العادلة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، في توسيع هوة التفاوت الاجتماعي، وترسيخ منطق الامتيازات، وغياب العدالة الجبائية.
كما نبهت إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع النقابي، حيث تستمر الانتهاكات التي تطال النقابيين في أماكن العمل، من طرد وتنقيل تعسفي وحرمان من الترقية والتهديد المباشر، في غياب حماية قانونية، ويتم القمع في كثير من الأحيان بتواطؤ مع السلطات الإدارية.
واستنكرت العصبة التضييق على الحق في التنظيم الذي تتعرض له إلى جانب هيئات حقوقية ونقابية، وطالبت بإلغاء الفصل 288 من مجموعة القانون الجنائي، لما يشكله من تهديد مباشر للحق في الإضراب والعمل النقابي.
كما سجلت العصبة استمرار التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وانهيار منظومة الحماية الاجتماعية، واستمرار هزالة الأجور في العديد من القطاعات، وضعف الإنصاف الجبائي، وغياب حماية قانونية للنساء العاملات، واستمرار منطق الريع في التوظيف، وعدم تنفيذ اتفاقات الحوار الاجتماعي القطاعي، وتوظيف القضاء في تصفية الحسابات مع النقابيين.
وأكدت الهيئة الحقوقية أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان الكونية، وأن النضال من أجل الشغل الكريم، والأجر العادل، والحماية الاجتماعية، هو في جوهره دفاع عن الكرامة الإنسانية.
ودعت حكومة المخزن إلى مأسسة الحوار الاجتماعي ووقف كل أشكال التضييق على الحريات النقابية والجمعوية، وإلغاء كل الإجراءات التي تقيد الحق في التنظيم والإضراب، إلى جانب مكالبتها بالإفراج الفوري عن كافة وصولات الإيداع الخاصة بالجمعيات، وإطلاق إصلاحات تشريعية شاملة لمنظومة الشغل، تراعي المعايير الدولية وتصون مكتسبات الطبقة العاملة.
وأكدت العصبة رفضها المطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني، خاصة التطبيع الاقتصادي وفتح السوق المغربية أمام المستثمرين الصهاينة، ودعت إلى دعم نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والعدوان. كما دعت إلى تعزيز جبهة حقوقية واجتماعية وطنية، لمواجهة التراجعات الخطيرة، والدفاع عن الحقوق الاجتماعية وحرية التعبير والتنظيم.