الثلاثاء 15 جويلية 2025

الملك محمد السادس يُصارع سرطان الدم في مرحلة مُتقدمة مع تفاقم أزمة خلافته والمغرب على مفترق طرق

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
الملك محمد السادس يُصارع سرطان الدم في مرحلة مُتقدمة مع تفاقم أزمة خلافته والمغرب على مفترق طرق

أكد الديوان الملكي المغربي رسميًا ما كان مصدر تكهنات مُستمرة في الأوساط الدبلوماسية والسياسية: يُعاني الملك محمد السادس من سرطان الدم الليمفاوي المزمن في مرحلة مُتقدمة، وهو سرطان دم خطير قد يُؤدي إلى الوفاة. بدأ الملك، البالغ من العمر 61 عامًا، الخضوع للعلاج الكيميائي قبل ثلاثة أشهر، ومن المُتوقع أن يُغادر البلاد بعد فترة وجيزة من انتهاء احتفالات عيد العرش في يوليو المُقبل لمواصلة علاجه في باريس.

وأثار هذا الإعلان، رغم ترقبه المُطوّل، صدمةً واسعةً في المشهد السياسي المغربي، مُثيرًا مخاوف من فراغ في السلطة ومُؤججًا أزمة خلافة مُتصاعدة أصلًا، حيث امتنع القصر الملكي عن تقديم جدول زمني لغياب الملك، وهو إغفالٌ لم يُسهم إلا في تعميق حالة عدم اليقين والتكهنات المُحيطة بمستقبل النظام الملكي.

ملكٌ في عزلة، وقصرٌ في حالة فوضى

يُتوقع الآن من محمد السادس، الذي غاب بشكلٍ ملحوظ عن الساحة المغربية- إذ قضى أكثر من 200 يوم خارج المغرب خلال العام الماضي – أن ينسحب تمامًا من الحياة السياسية، تاركًا آليات الدولة لطاقمٍ من الشخصيات غير المنتخبة، والمثيرة للجدل في كثير من الأحيان. وبينما يُتهم الملك منذ فترة طويلة بالحكم عن بُعد، فإن حالته الصحية تجعله الآن شخصيةً رمزيةً إلى حدٍ كبير، مع انخراطٍ ضئيلٍ في الشؤون اليومية للحكم.

ووفقًا لمحللين إقليميين، فإنّ مفاصل السلطة الحقيقية قد وقعت بشكل متزايد في أيدي دائرةٍ داخليةٍ غامضة، تضم أسماءً مثل عبد اللطيف الحموشي، رئيس جهاز المخابرات والأمن المغربي؛ وفؤاد عالي الهمة، مستشار الملك المؤثر؛ وأندريه أزولاي، المستشار اليهودي الصهيوني ذي العلاقات الوثيقة مع جماعات الضغط الأجنبية؛ والأخوين زعيتر، ذوي السوابق الإجرامية، الذين أثار أسلوب حياتهم المُترف وقربهم المُريب من الملك ناقوس الخطر في الأوساط الدبلوماسية والأمنية. الخلافة في خطر

وسلط تدهور صحة الملك الضوء بشكل غير مسبوق على ولي العهد مولاي الحسن، الوريث المراهق للعرش. ومع ذلك، تشير تقارير من داخل القصر إلى أن الأمير الشاب أصبح أكثر عرضة للخطر في أعقاب التنافسات الداخلية وصراعات النفوذ بين الفصائل المتنافسة.

وتصاعدت التوترات مؤخرًا بعد العثور على سائق مولاي الحسن الشخصي وحارسه الشخصي ميتين داخل المجمع الملكي، في ظروف غامضة ومريبة. ورغم عدم صدور أي بيان رسمي يوضح ملابسات الحادث، إلا أنه زاد من المخاوف من أن الأمير نفسه قد يكون مستهدفًا من قبل الساعين للتأثير أو السيطرة على المرحلة المقبلة من القيادة المغربية.

لعبة جيوسياسية أوسع نطاقًا

ومما يزيد من تعقيد الأزمة تنامي الشعور بالتدخل الأجنبي، وخاصة من الكيان الصهيوني، الذي عزز حضوره بشكل كبير في المغرب بعد اتفاقيات التطبيع. ويشير المراقبون إلى اهتمام تل أبيب بتأمين موطئ قدم قوي في شمال أفريقيا، باستخدام الرباط كنقطة انطلاق للنفوذ السياسي والاقتصادي والأمني في جميع أنحاء القارة.

لذا، يُخاطر صراع الخلافة بتجاوز الحدود الوطنية، ليتحول إلى صراع جيوسياسي شديد الخطورة، يضم جهات دولية ذات مصالح وأجندات متباينة. ومع توقع استقرار الملك محمد السادس في أحد قصوره الفرنسية – الممولة من ثروات الشعبين المغربي والصحراوي – يتساءل الكثيرون عما إذا كانت هذه الإقامة الطويلة في الخارج ستمثل نهاية السيطرة الملكية المباشرة على المملكة.

في حين يواجه العاهل المغربي تشخيصًا طبيًا قاتمًا، تُركت الأمة في حالة من الغموض السياسي، معرضة لانتزاع السلطة، وصراعات النخبة، والتدخل الأجنبي. في الوقت الحالي، يراقب الشعب المغربي وينتظر – بعضهم بقلق، والبعض الآخر باستسلام منهك – بينما تتأرجح دولته بين الاستمرارية والفوضى.

رابط دائم : https://dzair.cc/0amy نسخ