النباح بقدر الألم: عملاء الاستخبارات الفرنسية يهرفون بما لا يعرفون… بقلم – عبد الخالق المحمدي

مروان الشيباني

نشر موقع “الجزائر بارت” معلومات تتحدث عن بيع سوناطراك لخام صحارى بلند (Saharan Blend) بالخسارة منذ أسبوع. وأن الشركة تخسر 5 دولارات عن كل برميل نفط تبيعه.

المعلومات التي نشرها الموقع الذي ينشط من فرنسا، عارية من الصحة وهي معلومات تشير إلى أن كاتبها لا علاقة له بصناعة النفط لا من قريب ولا من بعيد، وأن الذي قدم له تلك المعلومات يعيش في كوكب أخر غير الكرة الأرضية، وأن أقصى ما يتمناه هو بث البلبلة والوهن وزرع روح الانهزامية وتخويف قطاع عريض من الشعب من أن القادم أسوأ.

يقول كاتب المقال، إن الجزائر تبيع نفطها (صحارى بلند) مقابل 14.19 دولار أمريكي، وهذا كلام ينم عن جهل كبير بملف صناعة البترول، ويبرز عدم إلمام بالموضوع ولا بأبجديات تسعير الخامات المختلفة المنتجة في العالم، ولا ماهي أهم أنواع النفط المنتج في العالم ولا في المنطقة العربية والقارة الإفريقية. كما لا يعلم كاتب المقال نوعية النفط الجزائري ولماذا يكثر عليه الطلب من صناعة التكرير العالمية وخاصة في أوروبا( ليس بسبب القرب الجغرافي فقط) كما يجهل أيضا العلاوة السعرية التي يحصل عليها النفط الجزائري ولماذا وكم تبلغ هذه العلاوة؟

كل هذا المعطيات تجعل من الذين يتمنون خراب الجزائر، أضحوكة لدى المختصين في الطاقة سواء في داخل الجزائر أو خارجها، وخاصة لما يعرفون أن هؤلاء وللأسف الشديد يحملون جنسية الدولة التي يتمنون خرابها صباح مساء.

أن يعميك الحقد الأسود ويدفعك إلى أن تتمنى خراب بلادك، فهذه لم تحصل إلا مع المعارضات العربية العميلة التي ظهرت منذ الغزو الأمريكي للعراق في بداية التسعينات، الذي رافقه بروز بعض اللصوص العراقيين من طهران ولندن وباريس، دخولهم على ظهر الدبابات الأمريكية لنهب العراق وتذبيح شعبه، ثم بروز موجة ثانية من العملاء والخونة وباعة الشرف مع ما يسمى بالربيع العبري الذي أطلقته المخابرات الغربية في 2011، ورأينا كيف ساهم “ثوار الناتو” في تخريب سوريا وليبيا، وهاهم اليوم يتمنون الشيء نفسه للجزائر ومن على نفس المنابر من باريس ولندن، أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، متحالفين مع التيار النيوليبرالي المتوحش خدام الصهيونية العالمية.

ولأنهم يهرفون بما لا يعرفون، سنقوم بإبلاغهم، بان النفط الجزائري صحاري بلند(Saharan Blend) هو واحد من بين 6 خامات الأعلى سعرا في العالم بسبب نوعيته الجيدة (نفط خفيف وحلو – بسبب نقص معدل الكبريت) مما يرفع الطلب عليه من صناعة التكرر العالمية.

سعر البترول الجزائري، يتم حسابه على أساس مرجع صحاري بلند لحقل رأس تنورة بالعربية السعودية، الذي يعتبر نفطا خفيفا ومطلوب بكثرة من المصافي، وعادة تبلغ العلاوة على نفط صحاري بلند بين 1.5 و2 دولار إضافية على سعر برنت بحر الشمال المرجعي.

وعليه فإن المعدل الحالي للنفط الجزائري أعلى من المتوسط الذي تحدث عنه هؤلاء بسبب جهلهم، وأكثر من ذلك فإن سعر النفط الجزائر خلال الربع الأول من العام الجاري يقع فوق 64 دولار وهذا أعلى من السعر المرجعي في قانون المالية ( 50 دولار) بحوالي 14 دولار، والاهم أيضا أن سعر النفط الجزائري لأقرب تسليم في مايو القادم سيكون في حدود 20 دولار على الأقل، وسيواصل ارتفاعه بداية من يونيو القادم، مع بداية رفع الحجر الصحي في الدول الأوروبية، وعودة قطاعات النشاط إلى الحركة وخاصة قطاع النقل الجوي والبري الذي يستهلك 65 % في المتوسط للمواد المكررة.

معروف في الأوساط المتخصصة أن عدد كبير من المصافي الأوروبية تعتمد على النفط الجزائري نظيرا لنوعيته الجيدة.

لماذا لا تصح مقارنة سعر تكلفة الإنتاج بالجزائر مع روسيا والسعودية؟

إن الحديث عن متوسط كلفة إنتاج برميل النفط في الجزائر أيضا ليس صحيحا، فمعدل كلفة الإنتاج في حقول حاسي مسعود الذي ينتج النفط منذ 1956 اقل بكثير مما تزعمه هذه الأطراف الحاقدة، مع العلم أن حقل حاسي مسعود تديره سوناطراك بإمكاناتها الذاتية، فيما تتقاسم الإنتاج مع مجموعة اناداركو الأمريكية في حوض بركين وتكاليف الإنتاج فيه اقل بكثير أيضا لمجموعة من العوامل الموضوعية. ويبلغ إنتاج حقل حاسي مسعود 350 ألف برميل في اليوم، من إجمالي إنتاج البلاد البالغ 1.04 مليون برميل (قبل التخفيض بموجب اتفاق أوبك +) .

ومعلوم أن إنتاج الجزائر لا يتعدى 1 % من الإنتاج العالمي من النفط البالغ 100 مليون برميل في اليوم قبل أزمة كورونا، ويبلغ متوسط عمق الخزانات النفطية في الجزائر ما بين 3000-3200 م فيما يبلغ متوسط عمق الخزانات في العربية السعودية 1000 م و في روسيا 1200 م، وهذا ما يفسر سعر التكلفة المنخفض عموما في هاتين الدولتين، مقارنة مع نظيراتها في الجزائر، فضلا عن نموذج المناجمنت المنتهج من شركتي ارامكو، أكبر شركة نفط في العالم بإنتاج متوسط يبلغ 12 مليون برميل في اليوم، أو روسنفت الروسية بإنتاج 4.65 مليون برميل يوميا فضلا عن كونهما أكبر شكتين للنفط في العالم مدرجة في البورصات مما يلزمها بأعلى معايير الشفافية. وهو ما يؤكد أن هؤلاء الذين يحركهم الحقد على البلد والضغينة، كل همهم، هو خراب البلد، فهم أصبحوا لا يطيقون رؤية الجزائر منتصرة قوية شامخة بين الأمم، وهذا خدمة لمشغليهم الذين يدفعون لهم مقابل الاستمرار في نباحهم.

لسوء حظ هؤلاء وحظ عصابات الإجرام الدولي التي يحزنها كيف سلمت الجزائر من الربيع العبري، أن الجزائر لها جيش هو سليل جيش التحرير الوطني، ولها رئيس منتخب شرعيا وديمقراطيا باعتراف كل أمم الدنيا، وهي بصدد بناء مؤسسات قوية وديمقراطية حقيقية، وهي اليوم بصدد إعلان حرب حقيقية على الفساد وأدواته المتغلغلة في مختلف الدواليب وهذا بعد أن تمكنت من التخلص من أخطر عصابة في التاريخ الحديث.

إن الجزائر التي تزعجهم وتزعج مشغليهم، هي هذه الجزائر الجديدة، التي عرفت جيدا ماهي الأسقام الحقيقية التي أصيب بها البلد منذ فترة طويلة، وهي اليوم بصدد تفكيكها، وأخطر تلك الأسقام، مرض الدوران في فلك عدو الأمس واليوم والغد، فرنسا وأزلامها الذين وضعوا مقدرات وخيرات أبناء الشعب الجزائري في خدمة قتلة أجداد وآباء هذا الشعب الأبي.

نعم سيستمرون في النباح، ولن يتوقفوا عنه، ولكن هيهات أن يحققوا أهدافهم لأن قطار الجزائر الجديدة انطلق، ولن تكون هذه الجزائر، إلا كما حلم بها أحفاد بن مهدي والحواس وعميروش، وقبل ذلك بن باديس والأمير عبد القادر، أحب من حب وكره من كره.

شارك المقال على :