24 أغسطس، 2025
ANEP الأحد 24 أوت 2025

النساء المسلمات في مناصب قيادية: بين التاريخ والواقع المعاصر .. مساهمة للحقوقية لطيفة ديب

نُشر في:
بقلم: الحقوقية لطيفة ديب
النساء المسلمات في مناصب قيادية: بين التاريخ والواقع المعاصر .. مساهمة للحقوقية لطيفة ديب

تمهيد

عبر التاريخ السياسي الحديث، أثبتت بعض النساء المسلمات أن القيادة ليست حكرًا على الرجال، بل يمكن للمرأة أن تتبوأ أعلى المناصب في الدولة والحكومة، رغم التحديات الاجتماعية والسياسية والدينية التي تواجهها. دراسة هذه النماذج تكشف عمق التغيير الذي طرأ على الفكر السياسي في المجتمعات الإسلامية، وتطرح تساؤلات عن القدرات الحقيقية للمرأة في الحكم والإدارة، بعيدًا عن القوالب النمطية.

أولويات القيادة النسائية في العالم الإسلامي

النساء المسلمات اللواتي تولين رئاسة الحكومات أو الدول لم يكتفين بالتمثيل الرمزي، بل أظهرن قدرات تنفيذية وسياسية عالية:

مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية.

قيادة أحزاب سياسية قوية وتطوير برامج إصلاحية.

تحدي القيود التقليدية المرتبطة بدور المرأة في المجتمع الإسلامي.

أبرز النساء القياديات المسلمات

بنظير بوتو – باكستان

المنصب: رئيسة وزراء باكستان

الفترة: 1988–1990؛ 1993–1996

الملاحظات: أول امرأة مسلمة تتولى رئاسة حكومة في دولة إسلامية. قادت حزب الشعب الباكستاني، وواجهت استبداد النخبة العسكرية، وانتهت حياتها اغتيالًا عام 2007.

الإشارة النقدية: مثال على الصراع بين الطموح السياسي للمرأة وبين بيئة السلطة الذكورية في المجتمعات المسلمة.

ميغاواتي سوكارنوبوتري – إندونيسيا

المنصب: رئيسة إندونيسيا

الفترة: 2001–2004

الملاحظات: ابنة الرئيس الأول سوكارنو. تولت المنصب بعد عزل الرئيس عبد الرحمن وحيد، مؤمنة بالديمقراطية والتوازن بين المؤسسات.

البعد الرمزي: إشارة إلى الانتقال السياسي السلس وإمكانية وصول المرأة إلى أعلى المناصب في أكبر دولة إسلامية سكانًا.

تانسو تشيلر – تركيا

المنصب: رئيسة وزراء تركيا

الفترة: 1993–1996

الملاحظات: أول وأخر امرأة تتولى منصب رئيسة الوزراء في تركيا، قادت حزب الطريق القويم، وعكست قدرة النساء على مواجهة التحديات الحزبية في بيئة ذكورية قوية.

مامي مادور بوي – السنغال

المنصب: رئيسة وزراء السنغال

الفترة: 2001–2002

الملاحظات: أول امرأة تتولى هذا المنصب في السنغال، دلالة على قدرة المرأة على التبوؤ موقع سياسي حساس حتى في دول ذات تقاليد سياسية محافظة.

خالدة ضياء – بنغلاديش

المنصب: رئيسة وزراء بنغلاديش

الفترة: 1991–1996؛ 2001–2006

الملاحظات: أرملة الرئيس السابق ضياء الرحمن وقائدة الحزب القومي البنغلاديشي. كانت ثاني امرأة تتولى رئاسة الحكومة في بنغلاديش.

شيخة حسينة واجد – بنغلاديش

المنصب: رئيسة وزراء بنغلاديش

الفترة: 1996–2001؛ 2009–2024

الملاحظات: أطول امرأة في العالم تشغل منصب رئيسة حكومة. ابنة مؤسس بنغلاديش مجيب الرحمن، قائدة رابطة عوامي.

البعد العملي: نموذج لإدارة الدولة لفترة طويلة بفعالية، مع استمرارية برامج التنمية والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.

معصومة ابتكار – إيران

المنصب: نائبة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة

الفترة: 2017–2021

الملاحظات: أول امرأة تتولى منصب نائبة الرئيس الإيراني، وشغلت منصب وزيرة البيئة.

البعد الرمزي: إشارة إلى إمكانية للمرأة في أن تكون صوتًا مؤثرًا داخل هرم السلطة حتى في الدول التي تحكمها الأعراف الدينية الصارمة.

سيسي مريم كايداما سيديبي – مالي

المنصب: رئيسة وزراء مالي

الفترة: 2011–2012

الملاحظات: أول امرأة تتولى رئاسة وزراء مالي، ما يعكس القدرة على مواجهة التحديات السياسية والأمنية في منطقة مضطربة.

عاطفة يحيى آغا – كوسوفو

المنصب: رئيسة كوسوفو

الفترة: 2011–2016

الملاحظات: أول امرأة تتولى رئاسة الدولة في كوسوفو منذ إعلان استقلالها، رمز للتقدم السياسي في أوروبا الشرقية بين المسلمين.

أمينه غريب – موريشيوس

المنصب: رئيسة موريشيوس

الفترة: 2015–2018

الملاحظات: تولت منصب رئيسة الدولة بعد شغلها رئاسة الوزراء بالإنابة، مثال على تولي المرأة المناصب العليا في البيئات المختلطة دينيًا.

حليمة يعقوب – سنغافورة

المنصب: رئيسة سنغافورة

الفترة: 2017–2023

الملاحظات: أول امرأة مسلمة تتولى رئاسة سنغافورة. نموذج للتوازن بين أقلية مسلمة في دولة متقدمة اقتصاديًا واجتماعيًا.

سامية سولوهو حسن – تنزانيا

المنصب: رئيسة تنزانيا

الفترة: 2021–حتى الآن

الملاحظات: أول امرأة مسلمة من السنة تتولى رئاسة دولة في شرق إفريقيا، تولت المنصب بعد وفاة الرئيس جون ماغوفولي.

تحليل واستنتاجات

التمكين السياسي للمرأة المسلمة: هذه التجارب تكسر الصور النمطية عن دور المرأة في المجتمعات الإسلامية، وتثبت أن القيادة تعتمد على الكفاءة والدعم الشعبي وليس الجنس أو الدين وحدهما.

التحديات المشتركة: رغم إنجازات هؤلاء القائدات، فإنهن واجهن مقاومة سياسية وثقافية، وأحيانًا تهديدات مباشرة للسلامة الشخصية، كما في حالة بنظير بوتو.

تأثير الخلفية العائلية والسياسية: كثير من هذه النساء كنّ مرتبطات بأسر سياسية أو مؤسسات قوية، ما سهّل لهن الوصول إلى أعلى المناصب، مثل ميغاواتي وسيخة حسينة.

الأثر الرمزي والاجتماعي: تولي النساء هذه المناصبه يلهم جيل الشباب والنساء في العالم الإسلامي، ويعيد تعريف مفهوم القيادة ويعزز المساواة بين الجنسين في الحياة العامة.

خاتمة

تجربة النساء المسلمات في رئاسة الحكومات والدول تثبت أن القدرة القيادية ليست محدودة بالذكورة، وأن التاريخ الحديث يكتب فصولًا جديدة من الإنجاز والتمكين. هؤلاء القائدات ليسن مجرد رموز، بل أدوات تغيير حقيقية قادت شعوبها نحو الاستقرار والتنمية، متحديات القيود الاجتماعية والسياسية المفروضة على المرأة.

مطالبنا في المناصفة في تولي الكفاءات القيادية النسوية في تقلد المناصب العليا في الدولة مشروعة ودستورية ولن نتوقف عن المطالبة بها.

الدكتورة المحامية لطيفة ديب
رئيسة المنظمة الوطنية للكفاءات والنخب النسوية الجزائرية.

رابط دائم : https://dzair.cc/29jj نسخ