ألقى اليوم السبت، وزير الاتصال محمد مزيان، كلمة بمناسبة احتفالية اليوم العالمي لحرية الصحافة.
وفي التالي نص الكلمة كاملاً:
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على النبي الصادق الأمين
يسعدني أن أتوَاجَد معكم، اليوم، بهذه المناسبة الطيبة، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي يكن اهتماما بالغا للصحافة الوطنية ومهن الإعلام والاتصال. وخير دليل على ذلك، إرساؤه لتقليد تنظيم لقاءات صحفية دورية لتنوير الرأي العام حول المستجدات التي تعرفها الساحة الوطنية على مختلف الأصعدة.
ولا يفوتني بهذه المناسبة، أن أتقدم لكافة الصحافيات والصحافيين بخالص التهاني، مُجدِّدا للجميع الدعم المطلق للدولة، ولكل الجهود الرامية لترقية المهنة.
أيتها السيدات، أيها السادة،
الحضور الكريم،
نحن نلتقي اليوم للاحتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة، في هذا الحفل البهيج، لتقييم الوضع العام لقطاع الإعلام والاتصال في البلاد، والوقوف أمام التحديات المهنية، وكذا التفكير في إيجاد مخرجات عملية، عبر آليات يقترحها الفاعلون في الحقل الإعلامي، كفيلة بجعل النموذج الإعلامي الوطني يتجاوب مع الرهانات الحالية.
إنها مناسبة، إذن، للوقوف أمام واقع إعلامنا ومساءلته في روية، بعيدا عن كل المزايدات، حتى يتسنى لنا إحصاء مكتسباته وتحديد نقائصه لاستدراكها ومعالجتها، بما يجعلها في وضع يكفل لها إنتاج مضامين إعلامية نوعية وتنافسية على جميع الأصعدة.
ولن أفوت هذه المناسبة الطيبة، دون استذكار أسماء أولئك المهنيين الذين رحلوا عنا، وقد تركوا لنا أثرا طيبا يشهد على تضحياتهم وإسهاماتهم وما بذلوه خدمة للمهنة التي أفنوا حياتهم دفاعا عن قيم السلام والعدالة و الحق و الحقيقة.
ونحن نحتفل بهذا اليوم، فإننا نجدد تطلعنا جميعا كأسرة إعلامية إلى مستقبل أحسن للصحافة، وفي هذا السياق، فإننا نسترشد بهذه التضحيات المشرفة وبالتحول الجوهري الذي تعرفه المهنة في ظل مسار التأسيس لنموذج إعلامي جديد، يرتكز على الانتقال السلس والشامل للرقمنة، وعلى احترام الحق الدستوري للمواطن لمعلومة صحيحة ومؤكدة.
سيدي الوزير الأول،
أيها الحضور الكريم،
يحل اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظرف عصيب، تطبعه سلسلة من الأزمات، انزلق بعضها الى حروب مباشرة، فيما عُرفت فيه ما يسمى بحروب الجيل الخامس انتشارا مسَّ تقريبا كل مناطق عالمنا الكبير، الذي ضاقت مساحته بفضل منجزات العقل البشري من خلال تكنولوجيات الاتصال الحديثة وابتكارات الذكاء الاصطناعي.
إن العالم المتعدد الأقطاب، الذي نعيش اليوم إرهاصاتِه، له تداعيات على المستوى الإعلامي واسقاطات حتى على مستوى مفهوم حرية الصحافة، الذي تمت التضحية به أمام منطق الحروب والصراعات وتصاعد النزاعات المتشددة.
فبعض العناوين الصحفية والقنوات التلفزيونية المهيمنة، أصبحت، ومنذ مدة، بين أيدي سلطة المال، وهي السلطة التي أصبحت بحق المحدد الحقيقي لوسائل الاعلام هذه.
لذا، فهؤلاء الذين اعتادوا أن يُنَصِّبُوا أنفسهم في موقع محاكم التفتيش لتوزيع صكوك الاعتراف بالإحترافية واحترام حرية التعبير، أصبحوا يمارسون الرقابة على كل ما لا يتماشى ومصالحهم الاقتصادية والسياسية، وحتى وان كان على حساب جثثِ أطفال ونساء غزة السليبة، الذين يموتون تحت القصف العشوائي لالة الحرب الصهيونية. فحتى الصحفيون لم يسلموا من هذا البطش البربري والعنصري، إذ أحصت عدد من القنوات الإعلامية العالمية، للفترة الممتدة من 07 أكتوبر 2023 الى غاية اليوم ما لا يقل عن 180 صحفيا شهيدا بغزة دون سواها، وفي ظل تعتيم اعلامي رهيب.
أيها الحضور الكريم،
لعلكم شاهدتم وعايشتم منذ شهر أوت الفارط، تلك الهجمة الإعلامية العنيفة ضد كل ما تمثله الجزائر. ومعلوم اليوم، أن الحرب الإعلامية الموجهة ضد بلادنا قد مرت بمراحل عدة، واتخذت أشكالا متعددة ومتنوعة، ليستعر لهيبها في الآونة الأخيرة، بهدف تشويه صورة الجزائر وتعطيل مسيرتها التنموية وخلق البلبلة فيها من خلال الترويج لأخبار كاذبة ومضللة.
وعليه، بات من الضروري على إعلامنا التكتل للتصدي لهذا العدوان الإعلامي الصارخ، ضمن ما أسميناه بالجبهة الإعلامية الموحدة.
ولقد تجاوبت الأسرة الإعلامية الوطنية مع هذا المسعى، وهذا ما لمسناه خلال اللقاءات الجهوية الأربعة التي عقدناها تباعا بوهران وقسنطينة و ورقلة والجزائر العاصمة.
وكان الوعي، الذي أبان عليه مهنيو قطاع الاعلام والاتصال، بمستوى تحديات الوضع ومتطلبات المرحلة التاريخية الحساسة التي نعيشها. وبذلك جاءت توصيات أشغال اللقاءات الجهوية، مرتبطة بالراهن وتداعياته وتحدياته على المستوى المحلي والجهوي. كما عبرت عن طموح الأغلبية الساحقة للعاملين في هذا القطاع الحساس، بتقليص الفجوة الرقمية ومسايرة التغييرات الحاصلة في مجال التقنيات المسخرة للإيصال المعلومة للمواطن والاستعمالات الإعلامية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
السيد الوزير الأول،
أيها الحضور الكريم،
لقد جعلت السلطات العليا في البلاد من بين أولوياتها، ترقية البيئة الإعلامية لأجل صحافة حرة ومسؤولة، تتميز بالتعددية والاستقلالية واحترام قواعد الاحترافية، وآداب وأخلاقيات المهنة، لتكون عمادا لممارسة ديمقراطية محمية من جميع أشكال الانحراف.
وتكريسا لهذا الأساس، فقد حرصت الدولة على اعادة بعث صندوق دعم الصحافة بموجب أحكام المادة 220 من القانون رقم 24-08، المتضمن قانون المالية لسنة 2025، لجعله بمثابة الية تعول عليها، لتجسيد سياستها في مجال دعم الصحافة بمختلف أشكالها وترقيتها وتطوير مهارات الصحفيين ومختلف الفاعلين في مهن الصحافة.
ولقد تم الحرص على تعميم الجهات المستفيدة من دعم الصندوق، ليضم كل وسائل الاعلام السمعية البصرية والإلكترونية والمكتوبة، سواء كانت عمومية أو خاصة، حتى يتسنى للإعلام الوطني تأديةُ أداء دوره المحوري، عبر إنتاج مضامين إعلامية ذات جودة.
كما جاءت هذه الإجراءات لدعم مسعى وسائل الاعلام الوطنية لمواكبة التكنولوج