السبت 13 ديسمبر 2025

بيان من “المنفى” ووهم دولة من ورق: عندما يفضح “الماك” عزلته قبل أن يُعلن فشله في الإعلان عن الاستقلال المزعوم والمتوهّم

تم التحديث في:
بيان من “المنفى” ووهم دولة من ورق: عندما يفضح “الماك” عزلته قبل أن يُعلن فشله في الإعلان عن الاستقلال المزعوم والمتوهّم

ليس بيان ما يُسمّى «لجنة تنظيم إعلان استقلال منطقة القبائل» سوى وثيقة اعتراف سياسي بالفشل، كُتبت بلغة الضحية، ووقّعتها جماعة إرهابية لفظها الواقع قبل أن تفضحها الوقائع. فالتنظيم الذي كان يَعِد أتباعه بـ«حدث تاريخي» في قصر المؤتمرات بفرساي، انتهى إلى بيان إنذار مرتبك، يتوسل القضاء الفرنسي، ويتوعد بإعلان «دولة» عبر فيسبوك.

أول الحقائق الصادمة في البيان ليست المنع، بل الدولة التي منعته. فرنسا، التي طالما اتُّهمت بغضّ الطرف عن تحركات فرحات مهني وتنظيمه، هي نفسها التي قالت كلمتها الأمنية: لا مراسم، لا قصر، لا شرعية. قرار مقاطعة إيفلين ليس تفصيلاً إداريًا، بل صفعة سياسية لتنظيم إرهابي حاول الاحتماء بالجغرافيا الفرنسية ليصنع وهمًا سياديًا بلا أرض ولا شعب.

أما الاتهام السريع بـ«ضغوط جزائرية»، فهو الملاذ الأخير للتنظيمات المعزولة: حين يسقط الادعاء، يُستدعى خطاب المؤامرة. الحقيقة أبسط وأقسى: الماك تنظيم مصنّف إرهابيًا، وأي نشاط علني له يُعدّ مخاطرة أمنية حتى في عواصم تتغنى بالحريات. لا فرنسا ولا غيرها مستعدة لتحمل تبعات لعبة انفصالية متهورة يقودها شخص يعيش في منفاه الاختياري ويخاطب منطقة لا تعترف به.

الأكثر سخرية أن البيان يتحدث باسم «الشعب القبائلي»، بينما القبائل نفسها لفظت هذا التنظيم. لم تشهد قرى ولا مدن المنطقة أي تعبئة، ولا مسيرات، ولا تأييد يُذكر. لا بل إن الصوت الغالب في القبائل كان – وما يزال – صوتًا جزائريًا واضحًا: اختلاف في الرأي نعم، انفصال لا. فمن لا يملك شارعًا، ولا نخبة، ولا تمثيلًا اجتماعيًا، كيف يعلن «استقلالًا»؟

ثم يأتي الوهم الأكبر: «سيُعلن الاستقلال في مكان غير معلن، ويُبث عبر منصاتنا». هكذا تُختزل «الدولة» إلى بث مباشر، و«السيادة» إلى هاشتاغ، و«التاريخ» إلى توقيت رقمي. أي استقلال هذا الذي يبدأ بالاعتذار للضيوف وينتهي بالهروب من العنوان؟

إن بيان الماك لا يكشف شجاعة، بل ارتباكًا. لا يعلن ميلاد دولة، بل يُسجّل لحظة انهيار مشروع. لا يخاطب شعبًا، بل يبرّر خيبة. وهو، قبل كل شيء، يؤكد حقيقة يعرفها الجزائريون جيدًا: الجزائر ليست ملفًا يُدار من المنفى، ولا وحدة تُقايَض بقصر مؤتمرات.

ستبقى الجزائر واحدة موحّدة، بتنوعها، باختلافاتها، وبقدرة شعبها على عزل الطارئين على التاريخ. أما فرحات مهني وتنظيمه، فموعدهم ليس مع الاستقلال، بل مع مزيد من العزلة والاندثار مهما غيّروا المكان، أو أخفوا العنوان، أو رفعوا الصوت.

رابط دائم : https://dzair.cc/ze3y نسخ

اقرأ أيضًا