23 أكتوبر، 2025
ANEP الخميس 23 أكتوبر 2025

بين الحق والواقعية السياسية.. المغرب يناور والبوليساريو تحذّر: الصحراء الغربية ليست للبيع يا مخزن!

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
بين الحق والواقعية السياسية.. المغرب يناور والبوليساريو تحذّر: الصحراء الغربية ليست للبيع يا مخزن!

في خضمّ التحركات الدبلوماسية المتسارعة حول قضية الصحراء الغربية، جاءت تصريحات ممثل جبهة البوليساريو محمد يسلم بيسط لتعيد النقاش إلى جوهر المسألة: حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، لا “تسوية سياسية مفروضة” من الخارج.

هذه التصريحات، التي تزامنت مع اقتراب اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن تجديد ولاية بعثة مينورسو، تمثل رفضًا واضحًا لمحاولات الالتفاف على القرارات الأممية التي تعتبر الصحراء الغربية إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي في طور التصفية من الاستعمار.

بين “الحكم الذاتي” و”الاستفتاء”: جوهر الخلاف

يُدرك المراقبون أن جوهر الصراع الدبلوماسي بين الرباط وجبهة البوليساريو يتمحور حول المرجعية القانونية للحل، فبينما يطرح المغرب مبادرة “الحكم الذاتي” كخيار “واقعي”، يتمسك الطرف الصحراوي بخيار الاستفتاء، باعتباره الآلية الشرعية الوحيدة لتجسيد الإرادة الشعبية.

إن ما تصفه الرباط بـ”الواقعية السياسية” يُنظر إليه في جبهة البوليساريو والعديد من العواصم كمحاولة لتجاوز القانون الدولي وتثبيت أمر واقع بالقوة، تحت مظلة دعم غربي يغلّف الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الإقليم.

الشرعية الدولية مقابل منطق القوة

من منظور القانون الدولي، تظلّ الشرعية مع البوليساريو، التي تعترف بها الأمم المتحدة كطرف أساسي في النزاع. أما المغرب، فقد استثمر خلال السنوات الأخيرة في ما يمكن تسميته “الدبلوماسية الاقتصادية المدفوعة”، مستعينًا بتحالفات مع باريس وواشنطن وتل أبيب لتوسيع دائرة الاعترافات، دون أن يحقق أي تقدم فعلي في الإطار الأممي.

إن ما يسميه البعض “الانفتاح المغربي” لا يمكن فصله عن الصفقات السياسية التي رافقت موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا عن العلاقات المصلحية القديمة التي تربط المخزن ببعض الدوائر الفرنسية، في مقدمتها شبكة نيكولا ساركوزي ووزيرته السابقة ذات الأصول المغربية رشيدة داتي، وهي علاقات شابتها شبهات فساد وتأثيرات مالية طالما أثارت الجدل في باريس.

التحول الجيوسياسي وعودة روسيا إلى الملف

من اللافت أن الجزائر وروسيا كثّفتا مؤخرًا اتصالاتهما الدبلوماسية بشأن القضية الصحراوية، في مؤشر على تحول في ميزان القوى الدولي داخل مجلس الأمن.
فبعد عقود من الهيمنة الغربية على صياغة القرارات المتعلقة بالصحراء الغربية، بات واضحًا أن الزمن الجيوسياسي تغيّر، وأن موازين القوى الجديدة تمنح مساحة أوسع لصوت الشرعية والقانون الدولي على حساب منطق الإملاء السياسي.

البوليساريو والرهان على الحوار الجاد

تصريحات بيسط التي أكدت أن “السلام لا يُبنى بالمؤامرات ولا المناورات” تعبّر عن تحوّل في الخطاب الصحراوي نحو الواقعية المشروطة بالشرعية.
فالجبهة لا ترفض الحوار، لكنها ترفض أن يتحول إلى أداة لتجميد الصراع أو لشرعنة الاحتلال.

وفي هذا الإطار، يمكن قراءة الموقف الصحراوي الجديد كمحاولة لإعادة المبادرة السياسية إلى الميدان الدبلوماسي، مع الحفاظ على خيار المقاومة المشروعة كوسيلة ضغط سياسية.

الجزائر ثابتة على المبدأ

بالنسبة للجزائر، لا يمكن لأي حلّ في الصحراء الغربية أن يكون مستدامًا إلا إذا انطلق من الاعتراف بحق تقرير المصير، فكل “حل مفروض” هو في جوهره زرعٌ لنزاعٍ دائم، لا يهدد استقرار المنطقة فحسب، بل يقوّض مصداقية المنظومة الدولية برمتها.

لقد آن الأوان لأن يدرك المخزن أن القوة لا تمنح الشرعية، وأن التاريخ لا يُكتب بالصفقات، بل بمقدار احترام إرادة الشعوب.

رابط دائم : https://dzair.cc/j83q نسخ