الجمعة 27 جوان 2025

 ترامب يثور على الحقيقة: هجمة ضد الإعلام تُعرّي نفاق الديمقراطية الغربية حين تكون إيران في الصورة … بقلم د. هناء سعادة

نُشر في:
بقلم: د. هناء سعادة
 ترامب يثور على الحقيقة: هجمة ضد الإعلام تُعرّي نفاق الديمقراطية الغربية حين تكون إيران في الصورة … بقلم د. هناء سعادة

 بقلم: د. هناء سعادة

في مشهد فاضح يجسّد الإفلاس السياسي وغياب الحدّ الأدنى من التوازن المؤسساتي، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومًا هستيريًا على اثنين من أبرز أركان الصحافة الأميركية، هما شبكة CNN وصحيفة The New York Times، لمجرد أنهما نشرا تقارير تُفنّد مزاعمه بشأن “النصر الساحق والحاسم” الذي ادّعى أن القوات الأميركية حققته ضد إيران.

وفي منشور غاضب كتبه بأحرف كبيرة على منصته Truth Social، دعا ترامب إلى “الطرد الفوري” للصحفيين الذين أعدوا التقارير، واصفًا إياهم بـ”الأشرار ذوي النوايا الخبيثة”، في اتهام مباشر يُذكّر بممارسات الأنظمة الاستبدادية التي لطالما ادّعت واشنطن محاربتها.

رد الفعل الترامبي جاء عقب نشر تحقيقات استقصائية كشفت – بالاستناد إلى تقارير استخباراتية أولية – أن الهجمات الأميركية على إيران لم تحقق أهدافها الاستراتيجية، بل أخفقت في تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية، ولم تُحدث سوى تأخيرٍ تقنيٍّ مؤقت لا يتعدى بضعة أشهر في مسار تخصيب اليورانيوم الإيراني.

وأفادت CNN نقلاً عن مصادر استخباراتية مطلعة، بأن التقييم الصادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA)، واستند إلى تحليل أضرار المعركة الذي أعدّته القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، خلُص إلى أن المواقع النووية الثلاثة المستهدفة لم تكن تحوي المكونات الأساسية للبرنامج النووي، وأن المعرفة التقنية لا تزال راسخة لدى الإيرانيين.

لكن بدل أن يُراجع ترامب خطاباته التضليلية أو يقدّم توضيحًا للرأي العام، اختار خيارًا أقرب إلى سلوكيات الطغاة: تهديد بالملاحقة القانونية، اتهامات بالخيانة، وتحريض ضد الصحافة المستقلة. وقد هدد بالفعل برفع دعاوى قضائية ضد المؤسستين الإعلاميتين، بدعوى أن التقارير ألحقت “ضررًا بالسمعة الرئاسية”، وطالب بتراجع فوري و”اعتذار علني”.

غير أن صحيفة نيويورك تايمز رفضت تلك التهديدات في ردٍ قانوني صريح، وأكّدت عبر مستشارها ديفيد ماكرو أنها “لن تتراجع ولن تعتذر”، لأن ما كُتب “هو الحقيقة بعينها”، في دفاع نادر عن قيم الصحافة أمام موجة التشويه والتهديد.

أما ترامب، فقد واصل هذيانه السياسي، وهاجم الإعلام الأميركي بأسره، واتّهمه بأنه “متواطئ مع إيران” و”يسعى لتشويه الجيش الأميركي”، في محاولة يائسة لحرف الأنظار عن الفشل الذريع للعملية العسكرية التي لم تُحقّق هدفًا واحدًا مما أُعلن.

إن هذا السلوك يُعرّي نفاق منظومة طالما سوّقت نفسها كراعية لحرية التعبير والصحافة، فإذا بها ترتعد من تقرير استقصائي، وتُجنّد رأس الدولة للهجوم على الإعلاميين، لمجرد أنهم نقلوا وقائع ميدانية مدعومة بمصادر رسمية.

وإذ ينكشف زيف ادعاءات “النصر”، ويتأكّد فشل الضربات في تحجيم قدرات إيران النووية، يتضح أن الدولة الوحيدة التي خرجت أقوى وأكثر صلابة من هذه الجولة هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي لم تكتفِ بإفشال الأهداف العسكرية والسياسية، بل أجبرت الإعلام الغربي نفسه على قول ما حاولت واشنطن حجبه: إيران لم تُهزم، بل وقفت، وثبّتت معادلات الردع، بينما غرق خصومها في وهم الانتصار الإعلامي.

رابط دائم : https://dzair.cc/fjem نسخ