جريدة “فايننشال تايمز “اللندنية: “صفقة ترامب الأخيرة مع المغرب لا تدعم السلام بل تزيد من احتمالات الحرب في الصحراء الغربية”

كحلوش محمد

عبّرت جريدة “فايننشال تايمز” اللندنية في مقال رأي عن مخاوفها من آخر صفقات الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب المحفوفة بالمخاطر.

وأفادت الجريدة بأن اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية لا يجلب السلام بل يعزز الحرب، وأضافت أن آخر صفقات “السلام” التي توصلت إليها إدارة دونالد ترامب وبمعاييرها الخاصة هي “أغرب” الاتفاقيات، فمقابل اعتراف المغرب بالكيان الصهيوني، وتطبيع العلاقات معها اعترفت الولايات المتحدة بمزاعم الرباط في الصحراء الغربية.

وفي كل الترتيبات التي تقوم على “اخدمني أخدمك” والتي تحمل كل علامات قيادة ترامب، محاولة لإرضاء الذات وحب عقد الصفقات مهما كانت آثاره بعيدة المدى وعدم لامبالاة بالضرر الذي يتسبب به نهجه.

وكانت الصفقة مع المغرب التي أعلن عنها يوم الخميس هي آخر صفقة في سلسلة مع الدول العربية التي حسّنت العلاقات مع الكيان الصهيوني بأمر من حكومة الولايات المتحدة. وكلها كانت تقوم على فكرة المقايضة والعقود التجارية، فقد رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

ومررت إدارة ترامب صفقة بيع مقاتلات “أف-35” مقابل فتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وحصل المغرب من جانبه على اعتراف ترامب بسيادته على الصحراء الغربية التي ظل وضعها محل خلاف منذ انسحاب إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة منها عام 1975. وهي اليوم محل نزاع بين المغرب والحكومة التي أطلقت على نفسها اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي تطالب باستقلال المنطقة.

وتقول الجريدة إن التوترات زادت في الصحراء الغربية، وباتت جبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر تشن هجمات ضد مواقع الجيش المغربي الذي تقوم قواته بحراسة جدار رملي محصن على طول 2700 كيلومتر، وجاء هذا في أعقاب توغل القوات المغربية بالمنطقة منزوعة السلاح لفتح طريق سده المتظاهرون، ويربط ما بين المغرب ودول الصحراء الأفريقية.

وكان قرار الأمم المتحدة الصادر عام 1991 والذي حدد معالم وقف إطلاق النار منذ 30 عامًا قد نص على أن مستقبل المنطقة يتقرر عبر استفتاء. ومن هنا، فقد هزّ اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الإجماع الدولي، رغم أن الاتحاد الأوروبي أكد مواصلته التعامل مع المنطقة كمتنازع عليها. ولكنه قد يزيد من جرأة الحكومة المغربية المتهمة بانتهاكات لحقوق الإنسان في المنطقة. كما يزيد القرار الأمريكي من مخاطر زعزعة استقرار منطقة تعاني من حروب في ليبيا ومالي وتعتبر منطقة خصبة لتفريخ المتشددين، بحسب الجريدة.

وفي هذه الصفقة تم التخلي عن المصالح الأمريكية طويلة الأمد لصالح رغبات ترامب الطامح لتقديم نفسه كصانع سلام ومحاور ناجح. وقد فشل في تحقيق ما وعد به من “صفقة القرن” لتسوية النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، لكنه لا يزال يحاول التغلب على سلفه باراك أوباما الذي منح جائزة نوبل للسلام.

ولو نظر للاتفاقية بشكل منفصل فهي غير مسؤولة. ولو تم النظر إلى الصفقة مع المغرب كجزء من جهود حل النزاع الفلسطيني- الصهيوني فتبدو غريبة، وقامت استراتيجية ترامب على منح كل شيء يطلبه طرف واحد، ويزيل كل ورقة نفوذ من الطرف الآخر- مثل الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ، وسيادتها على الجولان المحتل، وعلاقات تطبيع جديدة مع الدول العربية.

وأدى كل هذا لتخفيف الضغط على إسرائيل لكي تتفاوض على حل طويل الأمد مع الفلسطينيين. ولم ينجح اتفاق ترامب الأخير في دعم قضية السلام بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين، بل ربما أشعل الحرب. وبدون استفتاء في الصحراء الغربية، فمن المحتمل أن تزيد جبهة البوليساريو هجماتها. وربما تلقت الجبهة دعمًا جديدًا من رعاتها مثل الجزائر، بشكل يزيد من التوتر مع المغرب، وبدلًا من تقوية مصداقيته كصانع سلام في الأيام الأخيرة من حكمه، يقوم ترامب بزيادة مخاطر عدم الاستقرار.

عمّـــــار قـــردود

رابط مقال جريدة “فايننشال تايمز “اللندنية:

https://www.ft.com/content/4b3ecaa9-b03f-48f4-acb7-c553e9583dda

شارك المقال على :