6 أكتوبر، 2025
ANEP الاثنين 06 أكتوبر 2025

جيل الغضب المغربي يواجه المخزن: سقوط جدار الخوف

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
جيل الغضب المغربي يواجه المخزن: سقوط جدار الخوف

لم يعد في المغرب ما يُدهش. دولة المخزن التي اعتادت على هندسة الصمت وشراء الولاءات وجَعل الخوف سياسة رسمية، تواجه اليوم جيلاً لا يخاف. جيل “زد” خرج من رحم الإحباط، ومن بين أنقاض الوعود الكاذبة، ليقول بصوتٍ واحد: كفى عبثاً، كفى فساداً، كفى كذباً.

منذ تسعة أيام، وشوارع الدار البيضاء وساحات المدن المغربية تهتز بشعارات لا لبس فيها: “أخنوش ارحل”، “الشعب يريد العدالة الاجتماعية”، “سلمية سلمية”. لم يخرج هؤلاء الشباب بتحريضٍ خارجي ولا بتمويلٍ غامض كما سيزعم إعلام المخزن غداً، بل خرجوا لأنهم ببساطة شبّوا عن الطوق وكشفوا اللعبة.

جيل الإنترنت، أبناء المنصّات والوعي الفوري، لم يعودوا يؤمنون بمساحيق “الإصلاحات المعلّبة” التي يبيعها النظام المغربي للعالم كل موسم. هؤلاء رأوا بأعينهم كيف تُهدر الثروات على القصور والمهرجانات والتطبيع، بينما يُدفن الشباب في البطالة ويُقهر المعلم والطبيب والعامل.
لقد أدركوا أن “المغرب الجديد” الذي يتغنى به المخزن ليس سوى واجهة براقة لنظامٍ متعفن في العمق.

الردّ الرسمي؟ إنكارٌ، واتهاماتٌ جاهزة، وأجهزة أمن تُحاصر الساحات، وكأن النظام لم يتعلم شيئاً من دروس التاريخ. لا يدرك المخزن أن الاحتجاج لم يعد حدثاً عابراً، بل تحوّل إلى وعيٍ جماعي يتكاثر كل يوم، وأن جيل “زد” ليس مجرد حشودٍ غاضبة، بل جيلٌ يكتب الفصل الجديد من تاريخ المغرب.

الاحتجاجات اليوم هي صرخة وجودية ضد نظامٍ شاخ، ضد حكومةٍ تُدار كإقطاعية عائلية، ضد اقتصادٍ يحتكره رأس المال المقرب من البلاط، وضد إعلامٍ يُجمّل القبح باسم “الاستقرار”.
الاستقرار؟ أي استقرارٍ هذا في بلدٍ يهاجر شبابه جماعياً عبر قوارب الموت؟
أي استقرارٍ في وطنٍ لا يجد فيه الخريجون عملاً، ولا يجد فيه المواطن دواءً، بينما تغرق النخب في الامتيازات والصفقات؟

ما يحدث اليوم ليس نزوة شبابية، بل بداية تصدّع في جدار الخوف. وحين يتكلم جيل الإنترنت بلغة الوعي والحرية، فإن كل أدوات القمع القديمة تفقد مفعولها. هذا الجيل لا تؤثر فيه الخطب الرسمية، ولا تخدعه قنوات “الاستقرار المزيف”، لأنه يعرف أن من يطالب بالكرامة لا يُهدأ بالمسكنات.

قد يحاول المخزن قمع الاحتجاجات أو شيطنتها، لكنه بذلك لا يفعل سوى تأجيل الانفجار القادم. فالتاريخ لا يرحم الأنظمة التي تُصر على دفن الحقيقة بالحواجز. وما لم تُفتح أبواب الإصلاح الحقيقي، فإن رياح الغضب ستهدم السقف على رؤوس من ظنوا أن السلطة وراثةٌ أبدية.

جيل “زد” المغربي لا يريد أكثر من حقه في وطنٍ يحترم إنسانيته. لكن الرسالة وصلت، والعالم يسمعها:
المخزن فقد هيبته، والشعب بدأ يستعيد صوته.

رابط دائم : https://dzair.cc/orl4 نسخ