وفيما تتراكم الفضائح تباعًا في المغرب — من فشل منظومة التعليم إلى الإهمال البنيوي للمدارس والجامعات — يطل الآن ملف إعادة الإعمار بعد الزلازل ليكشف صورة أخرى من “فساد النظام” وغياب المحاسبة. وفق تحقيق حديث، فإن “ضحايا الزلزال” يصرّون على أن عملية إعادة الإعمار شهدت تجاوزات وتوزيع مساعدات وإشراف على إعادة البناء دون شفافية، مع استفادة جهات غير مستحقة، وهو ما ينسف أي شعار عن “عدالة اجتماعية” أو “تنمية متوازنة”.
هذا التداخل بين الفشل في التعليم والفوضى في التسيير يجعل من قطاعات أساسية — مثل السكن، البنية التحتية، التعليم — رهينة سوء إدارة ومصالح مصلحية، لا تخدم المواطن المغربي العادي. أما الأثقل من ذلك هو أن من يدفع الثمن هم، في غالبهم، نفس الفئات الضعيفة: التلاميذ والشباب الباحث عن تكوين، العائلات التي خسرت منازلها، الفئات الشعبية التي تعتمد على الدعم الرسمي.
بهذا، تنضج حالة من الغضب — خصوصًا بين شريحة شباب جيل زد — الذي لم يعد يقبل أن تُباع حقوقهم في التعليم والسكن والأمان الاجتماعي كرهون لسياسات الريع والمحسوبية التي ينتهجها المخزن. غضبٌ يصاحبه سؤال: لماذا تبقى الموارد والتمويلات تتسرب إلى جهات “مخطّط لها” بعيدًا عن المحتاجين؟ ولماذا تُدار الملفات الحيوية بهذه الفرَص للمحسوبية والزبونية؟
ولن يكون هذا غضبًا عابرًا: فكل فضيحة — سواء في التعليم أو الإعمار — تُعمّق شعور الإحباط والتهميش لدى شرائح واسعة من المغاربة الحانقين على وضعٍ مزرٍ، وتؤسس لشرخ أوسع بين الدولة والمجتمع، خاصة بين الأجيال الجديدة التي ترنو إلى التغيير، وتعول على الدولة كضامنة لحقوقها.
إن الجمع بين انهيار المدرسة، خوصصة التعليم، الفساد في إعادة الإعمار، واستمرار تجاهل المطالب الاجتماعية — لا يظهر فقط فشل “إصلاح” ممنهج، بل يشير إلى مؤامرة بنيوية لإبقاء رغبات الشباب والفئات الشعبية تحت رحمة علاقات الزبونية والريع.
وفي هذا المناخ المتفجّر، لا تكفي الشعارات ولا القوانين الجديدة لتعويض ما فقد: ثقة، تكافؤ فرص، عدالة، أفق مستقبلي. المطلوب هو مساءلة حقيقية، شفافية كاملة، وتغيير شامل في فلسفة الحكم — وإلا فسيبقى “المخزن” ورشة خراب منظّم، نسبته الحقيقية تُقاس بأحلام جيل أضاع أحلامه.
