14 أكتوبر، 2025
ANEP الثلاثاء 14 أكتوبر 2025

جيل زد يعود إلى الشارع: شباب المغرب يستأنف الاحتجاجات ويواجه المخزن من جديد

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
جيل زد يعود إلى الشارع: شباب المغرب يستأنف الاحتجاجات ويواجه المخزن من جديد

بعد أسابيع من الهدوء الحذر، يعود جيل زد المغربي إلى الساحات من جديد، معلنًا أن زمن الصمت انتهى، وأن الوعود الرسمية لم تعد تقنع شبابًا يواجه البطالة والتهميش وانسداد الأفق.
في بيان نُشر على منصة “ديسكورد”، أعلنت حركة “جيل زد 212″ عن استئناف احتجاجاتها يوم السبت المقبل في مختلف مدن المملكة، للمطالبة بـ”الحق في تعليم جيد وصحة لائقة للجميع”، وبـ”الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي”.

جيل رقمي يواجه دولة تقليدية

هذه الحركة، التي وُلدت من رحم الفضاء الرقمي، تمثل أول تمرد اجتماعي حقيقي من جيل الإنترنت ضد بنية سياسية تقليدية متكلسة، جيل لم يعد يكتفي بالشعارات الرسمية عن التنمية والعدالة الاجتماعية، بل يطالب بكرامة ملموسة، وفرص متكافئة، ومؤسسات شفافة، وهو جيل يعيش يوميًا ما تسميه تقارير دولية “الفجوة المغربية”: مدارس متدهورة، مستشفيات مكتظة، ووظائف نادرة لا تُمنح إلا عبر الوساطة والمحسوبية.

الشرارة: مأساة في مستشفى أغادير

انطلقت الشرارة الأولى منتصف سبتمبر الماضي، عندما توفيت ثماني نساء حوامل في مستشفى عمومي بأغادير، في حادثة كشفت حجم الانهيار في المنظومة الصحية.
تلك المأساة تحولت إلى نقاش حاد على الإنترنت، ليتحول النقاش إلى حركة احتجاجية شبابية منظمة على “ديسكورد” و”إنستغرام”، سرعان ما وجدت صداها في الشارع.

مخزن متوجّس.. وشباب لا يخاف

السلطات المغربية – أو ما يُعرف في الخطاب الشعبي بـ”المخزن” – تبدو حتى الآن مترددة بين القمع والاحتواء، ففي الوقت الذي تعلن فيه الحكومة استعدادها للحوار، تواصل أجهزة الأمن اعتقال ناشطين ومدونين بتهم “المساس بالأمن والنظام العام”، وبين هذا وذاك، يفقد الشارع الثقة في النوايا الرسمية، خاصة وأن الوعود بالإصلاح باتت تتكرر منذ عقدين دون أن تترجم إلى واقع.

صوت جيل جديد يغيّر قواعد اللعبة

ما يميز “جيل زد” ليس فقط لغته وأدواته الرقمية، بل أيضًا قدرته على تجاوز الخطوط التقليدية للمعارضة، فالحركة لا تنتمي لأي حزب، ولا تتحدث باسم إيديولوجيا، بل باسم أزمة وجودية لشباب يرى وطنه يُدار بعقلية الماضي، هم جيل لم يعرف سنوات الرصاص، لكنه يعيش “رصاص التهميش” اليومي في التعليم والصحة والبطالة.

الملك يتحدث… لكن الشباب لا يسمع

في خطابه الأخير، دعا الملك محمد السادس إلى “تسريع برامج التنمية” و”تحسين الخدمات الصحية والتعليمية”، دون أن يذكر الاحتجاجات صراحة، غير أن كثيرين يرون أن الخطاب فقد صداه لدى جيل فقد الثقة في الدولة، إذ لم تعد الكلمات تكفي لإخماد غضب من يعيش الفقر والتفاوت والفساد كواقع يومي.

جيل زد.. مستقبل لم يعد ينتظر

“جيل زد 212” لا يحمل مشروعًا انقلابيا، بل صرخة اجتماعية مدنية في وجه منظومة سياسية فقدت الإحساس بنبض الشارع، إنهم أبناء المدارس العمومية التي انهارت، والمستشفيات التي خذلتهم، والوظائف التي تُمنح بالمحاباة، ومع كل ذلك، لا يزالون يرفعون شعار السلمية ويطالبون بالكرامة، في مواجهة نظام لا يسمع إلا حين يعلو الصوت في الشارع.

اليوم، المغرب يقف أمام مفترق طرق حقيقي: إما أن يفتح المخزن أفقًا سياسيًا جديدًا لجيل يطالب بحقوقه، أو أن يغامر بخلق قطيعة تاريخية بين الشباب والدولة، قطيعة لا تُصلحها بيانات ولا خطب.

رابط دائم : https://dzair.cc/qcma نسخ