28 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 28 سبتمبر 2025

“جيل زد” يواجه المخزن: الغضب الرقمي يهدد المغرب بالتحول إلى زلزال شعبي

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
“جيل زد” يواجه المخزن: الغضب الرقمي يهدد المغرب بالتحول إلى زلزال شعبي

حين يتفوّق “جيل زد” – الصوت الرقمي الجديد للشباب المغربي – في بثّ صرخاته داخل الفضاء العام، يبدأ المخزن في الكشف عن وجهه الحقيقي: القمع المباشر، الحظر الأمني، الاعتقالات المفاجئة، والحصار الإعلامي. تحذيرات الخبراء تكشف أن المكابح الأمنية قد تدفع هذا الجيل الناشئ إلى التحوّل الجماهيري ضد النظام.

جيل زد، الذي برز فجأة على تطبيق “ديسكورد” وراح يدعو إلى النزول للمطالبة بتحسين التعليم العام، وتجديد الصحة، وفرص التشغيل، ليس مجرد ظاهرة ظرفية، بل إعلان عن مواجهة استراتيجية بين أجيال ضاقت صدورها بانسداد المؤسسات التقليدية.

لكن ردّ السلطة لم يكن أقل توقعًا: انتشار أمني مكثف منع التجمعات، توقيف شبان، وتعطيل المسارات الجماعية التي حاولت التعبير في الشارع. هذه المقاربة الأمنية إذا استمرت قد تحوّل التعبير الرقمي إلى غضب متفجر لا يقفل في الأقفاص الأمنية.

ما الذي يخشاه المخزن حقًا؟ أنه عندما يُسكت الصوت الرقمي القادر على التحرك، يُترك الشارع ليحدث الفعل المضاد، وأن الاعتماد على القمع وحده قد يضع المغرب أمام صدمة سياسية.

من جهة ثانية، يعكس الرفض الأمني لهذه التحركات منطقًا قديمًا: أن النظام لا يقبل بتصدّع حصون السيطرة، حتى لو كان الدمار الاجتماعي قد بلغ ذروته. وهذا يشي بأن الخشية ليست من مطالب التغيير، بل من تبعاتها—من فقدان السيطرة إلى تدحرج السلطة.

في الأثناء، ثمة حوادث متزامنة تُظهر أن المكابح الأمنية ليست المنهج الوحيد: حركتان احتجاجيتان محليتان، مثل “حراك المستشفيات” خلال الصيف، واحتجاجات على غلاء الخدمات في القرى، وضعت المنطقة خارج نطاق التحكم المركزي، وكشفت هشاشة الرباط كلها في إدارة الأزمات.

وفي السياق العام، كثيرًا ما نعتمد على الحجج الطوباوية بأن “الأخطار من الخارج” أو “المخططات الدولية”، بينما الواقع يقول إن الخطر الحقيقي يكمن في الداخل: في منظومات متصدعة، مؤسسات مستبقية على ولاء لا على أداء، وجيل جديد رفض أن يبقى صامتًا.

إذا واصل المخزن اعتماده على المقاربة الأمنية، فإن المغرب مقبل على لحظة “الانفجار الرقمي إلى الشارع”: كرة ثلج تتدحرج عبر المدن، تلقى دعمًا من مناخ احتقان عميق تراكم على مدى سنوات. الدول التي حاولت خنق الحراك الرقمي قبل أن تمنحه مساحات للتنظيم عانت فيما بعد من زلزال الشارع.

في المحصلة، المخزن أمام اختبار وجودي: هل سيسكت الصوت الجديد، أم يستجيب للمطالب المشروعة ويُدرِج الشباب في الخطر الاجتماعي ضمن أولوياته؟ تجاهلهم اليوم قد يتحوّل غدًا إلى كابوس يخرج عن السيطرة، فتتحول “جيل زد” من مبادرة تحدٍ إلى عنوان لثورة لا تُطفأ بقمع أو حظر.

رابط دائم : https://dzair.cc/f49o نسخ