1 أكتوبر، 2025
ANEP الأربعاء 01 أكتوبر 2025

“جيل زد يوسّع” رقعة الحراك: المدارس والجامعات تفتح أبوابها للمظاهرات وصمت محمّد السادس وحكومة المخزن يؤجّج الغضب

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
“جيل زد يوسّع” رقعة الحراك: المدارس والجامعات تفتح أبوابها للمظاهرات وصمت محمّد السادس وحكومة المخزن يؤجّج الغضب

لليوم الخامس على التوالي، تُجدد مجموعة جيل زد دعواتها للتظاهر في عدد من المدن المغربية، وتعلن أن المطالب التي تحرك الشباب هي مطالب اجتماعية بامتياز، داعية إلى الاحتجاج السلمي واحترام حق التعبير، رغم الصمت المريب من سلطات المخزن والاستخدام المفرط للقوة في تفريق المتظاهرين.

مدن تستجيب، وفضاءات تعليمية تدخل المعادلة

من الرباط والدار البيضاء إلى فاس ومكناس وطنجة، تؤكّد “جيل زد” أن دعواتها هذا اليوم موجهة بشكل خاص إلى التلاميذ وطلاب الجامعات، لتنظيم وقفات رمزية داخل المدارس والجامعات. الفكرة ليست مجرد اجتذاب الطاقات الشبابية إلى الشارع، بل جعل الميدان التربوي جزءًا من التعبير، ونسج شبكة حراك تربط بين المدرّج والميادين الحضرية.

هذا التحول يُعدّ تطوّرًا نوعيًا في حراك الشباب المغربي، إذ يقطع مع الحراك الفئوي الضيق، ويُحكم على زخم التظاهر بأن يصبح معركة شاملة في كل الأحياء والمرافق.

مطالب بسيطة… ولكن صادمة لنظام المخزن

لم تطلب المجموعة ما هو مستحيل، بل هي أرادت ما هو بديهي: تعليم يليق بالبشر، صحة تُقدّم دون تمييز، وعيش كريم لا يُمنح كصدقة بل يُستحق كحق. شعارها واضح: لا للتمييز، لا للمحسوبية، لا للتفاوت البغيض.

هذه المطالب — في سياق نظام حوّل الميزانيات إلى مشاريع عبثية وقاعات فخمة بينما المستشفيات تُوصد أبوابها — تمس قلب المعركة: كرامة المواطن المغربي قبل أي مشروع رياضي أو استثمار خارجي.

الصمت الرسمي… مخاطرة ليست بسيطة

التعاطي الرسمي حتى الآن كان تفضيلًا للصمت مع إطلاق تهديد ضمني بالقمع أو المحاسبة، بدل الحوار أو الردّ السياسي. هذا الصمت يزيد الاحتقان، ويحوّل المواجهة إلى مواجهة مباشرة بين الشارع والقوّات الأمنية، في حين يُسجّل الرصد الإعلامي والشهادات الميدانية العديد من حالات التوقيفات والتدخل الأمني العنيف.

ربيع الطلبة… دخل على الحلبة

الطلبة دخلوا على الخطّ، ليس كمتفرّجين بل كمحتجين، مطالبين بحقهم في التعليم الرصين والكرامة الاجتماعية. بعض الجامعات أكدت بأن وقفات رمزية جرت في ساحاتها، في حين أُبلغ عن إرسال دعوات للتنسيق داخل الأروقة الطلابية. هذا التداخل بين الفعل الأكاديمي والسياسي يعطي الحراك مداه وعمقه.

ردّ النظام: الاعتقال والملاحقة القضائية

لا تخلو الاحتجاجات من ردّ أمني صارم: اعتقل عدد من الشباب، بعضهم يُعرض أمام النيابات العامة، والبعض الآخر يُحتجز انتظارًا لمحاكمات قد تكون مقلوبة. هذا النهج يذكّر بمقاربة سلطات المخزن مع حراكات سابقة، حيث تُوظّف القوة القانونية والقضائية للضغط وإخافة المعارضين بدل التعامل مع الأسباب الحقيقية للمطالب.

من العنف إلى مواجهة … وخطر التصعيد

لا يخفى أن بعض المواجهات في شوارع مختلفة تحوّلت إلى عنف محدود — رشق بالحجارة، احتكاكات، وإشاعات عن تضرّر ممتلكات عامة. السلطات تقول إنها تعرضت لأضرار، بينما المحتجون ينفون أن يكون العنف خيارهم.

لكن المخاطر كبيرة: إذا استمر القمع وتزايدت الاعتقالات، فإن الشارع قد يردّ بتعبئة أشمل وتوسع في الانخراط، حتى من فئات كانت بعيدة عن الحراك إلى اليوم.

لماذا هذا الحراك مختلف؟ لأنه شبابي بالكامل، لا قيادة مركزية، ولا تبعية حزبية واضحة، ما يصعّب تفكيكه، ولأنه يشمل المدرسة والجامعة والشارع معًا، مما يمنحه طابعًا وطنياً لا محليًا، وكذلك لأنه يستمد قوته من تلاقي الشعور بالظلم مع أدوات رقمية فاعلة، وأيضاً لكونه يتموضع في ظل أزمة ثقة عميقة بين المواطن والمخزن.

الوداع للزمن القديم: المخزن أمام اختبار عسير

إذا واصل القصر والمخزن هذه المقاربة القمعية، وفشل في فتح قنوات حوار حقيقية، فإن النظام سيجد نفسه أمام لحظة استحقاق تاريخية. هذا الحراك، الممتد إلى رحم المدارس والجامعات، يُمهّد لولادة فجر جديد في المغرب: مغرب يُدار من الشارع وليس من القصر.

لكن المؤكد أن المشهد لا يحتمل أي تردّد، ولا مجال للتراجع. فالشارع اليوم هو صاحب المبادرة، وهو من يكتب قواعد اللعبة الجديدة، ونظام المخزن إما أن يستجيب أو ينهار تحت وطأة اختياراته القمعية.

رابط دائم : https://dzair.cc/d6k7 نسخ