بينما يحاول اللواء المتقاعد خليفة حفتر الترويج لنفسه كـ”رجل المرحلة” في ليبيا، تُطارده من جديد تهم ثقيلة تتعلق بجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهذه المرة من داخل أروقة القضاء الأمريكي، في قضية قد تسقط عنه ما تبقى من أوراق التوت السياسية.
التحالف الليبي الأمريكي، الذي يقود منذ سنوات معركة قضائية ضد حفتر، أعلن مؤخرًا عن رفع دعوى جديدة أمام المحكمة الفيدرالية في واشنطن ضد حفتر ونجله صدام، على خلفية جرائم مروعة ارتُكبت إبان العدوان على طرابلس سنة 2019، حيث قُتلت عائلة ليبية بدم بارد على يد مرتزقة “فاغنر” المدعومين من قوات حفتر.
اللافت أن صدام حفتر، وهو أحد المتهمين الرئيسيين في هذه القضية، تم إخطارُه شخصيًا بالدعوى خلال تواجده في واشنطن، ما يُسقط عنه أي حجة تتعلق بعدم المعرفة أو التبليغ، خاصة وأنه يحمل الجنسية الأمريكية، ما يجعله عرضةً للمساءلة المباشرة بموجب قوانين تحظر التعاون مع منظمات إجرامية مثل “فاغنر”.
حفتر، الذي لطالما استند إلى دعم خارجي للتغطية على فظائع قواته، يجد نفسه اليوم محاصرًا قانونيًا في دولة يُفترض أنه يحمل جنسيتها، في مشهد يكشف تناقضًا صارخًا بين صورة “الرجل القوي” التي يحرص على تصديرها، وواقعه كمتهم بارتكاب مجازر بحق مدنيين ليبيين.
رئيس التحالف عصام عميش أكد أن هذه الدعوى تُعد “اختراقًا قانونيًا” بعد سنوات من محاولات طمس الحقائق والتلاعب بملفات الجرائم، مشيرًا إلى أن توقيت القضية الجديد، إضافة إلى احتمال إعادة فتح ثلاث قضايا سابقة في محكمة فيرجينيا، يمثل تطورًا استراتيجيًا في كسر جدار الحصانة الزائفة الذي أحاط نفسه به حفتر.
من المعروف أن حفتر، خلال سنوات الصراع، تورط في عمليات قصف عشوائي، وتجنيد مرتزقة أجانب، وتنفيذ إعدامات ميدانية، فضلًا عن خرق صارخ للاتفاقات السياسية، ما جعل اسمه مرادفًا للفوضى والدمار في نظر قطاعات واسعة من الشعب الليبي.
اليوم، وبينما يتنقل حفتر بين الاجتماعات السياسية والمناسبات الرسمية، يقف ظل العدالة الأمريكية طويلًا أمامه، ومعه ملفات موثقة من الدم والمجازر والانتهاكات، في لحظة فاصلة قد تضع حداً لطموح جنرال الحرب وتفتح الباب أمام محاسبة تاريخية كان يظن أنها لن تأتي.
حفتر في عيون خصومه ليس قائدًا عسكريًا بل مشروع خراب مستمر، محاط بالدم، ومطلوب أمام العدالة.
