دهاليز التاريخ… مهندسان … / بقلم سعيد عياشي

كحلوش محمد

في زمن الخليفة الأموي عبد الملك ولما  أراد عمارة بيت المقدس وقع اختياره على رجاء بن حيوة ومساعده يزيد بن سلام للإشراف على تصميم وبناء قبة الصخرة المعروفة اليوم كرمز للمسجد الأقصى.

لم يدخر رجاء بن حيوة جهداً ومساعده لأجل انجاز المهمة على أكمل وجه فكانت تحفة فنية أنجزتها يدّ مهندس وخطاط ماهر وكانت أجمل وأروع بكثير عما هي عليه اليوم بعدما أقدم أبو جعفر المنصور فيما بعد في حدود  سنة 140هـ على قلع الذهب والصفائح التي كانت تغطي القبة وتزين الأبواب واستعمال ثمنها في ترميم المسجد الأقصى وساحاته

رجاء بن حيوة بن جرول الكندي ( 660م-730م) من مواليد بيسان الفلسطينية، فقيه وعالم حافظ وخطاط ماهر من التابعين، وضعه أصحاب السير مع أعلام الطبقة الثانية ذاع صيته كمهندس بعد أن تولى تصميم قبة الصخرة ، وإشرافه على عملية البناء والزخرفة كان ملازما للخليفة عمر بن عبد العزيز ولم يصاحب خليفة بعده كما كان وزيرا مستشاراً لعبد الملك بن مروان ومقربا من سليمان بن عبد الملك وهو من أشار عليه بالعهد لعمر بن عبد العزيز بعده، كان يعد من خيرة أهل الشام علما وفضلا وورعاً.

قبة الصخرة بنيت على ثلاث دوائر هندسيه جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين وتثمينتين ( ثمانية)واحدة داخلية وأخرى خارجية والتي نتج عنهما رواق داخلي مثمن الأضلاع أما القبة فصممت لتكون بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة وتقوم على أربع دعامات حجرية واثنى عشر عموداً من الرخام الدعامات تحيط  بالصخرة بشكل دائري بديع وبين كل دعامة وأخرى ثلاث أعمدة رخامية والجدران الداخلية كسيّت بالفسيفساء والأصداف والأحجار الكريمة والقبة غطيت كلها بالذهب الخالص مع الأبواب فكانت بحق تحفة شامية مميزة من إبداع عالم وفقيه وخطاط و مهندس …

المهندس المصري الدكتور محمد كمال اسماعيل (1908-2008)كان من أوائل المهندسين المصريين نال شهادة الدكتوراه في العمارة الإسلامية من مدرسة الفنون الجميلة بباريس ، شغل مدير مصلحة المباني الأميرية سنة 1948بعد عودته من فرنسا ، وضع تصميمات العديد من المباني الحكومية المعروفة اليوم على غرار دار القضاء العالي التي صممها على منوال الطراز الإيطالي الكلاسيكي و مجمع التحرير الشهير الذي شُيد على مساحة 28 ألف متر مربع ومن 14 طابقاًو1356غرفه ومسجد صلاح  والقائمة طويلة.

المشروع الأبرز للدكتور محمد كمال اسماعيل توسعة الحرمين الشريفين عهد الملك فهد الذي كلفه بهذا المشروع  حيث أشرف ونفذ أكبر توسعة للحرمين على امتداد 14قرنا ، شملت توسعة الحرم المكي إضافة كتلة من الجهة الغربية متجانسة مع الطابع المعماري للحرم وتهيئة السطح للمصلين والساحات المحيطة وتوسعة منطقة الصفا والمروة وتبليط الساحات والمطاف برخام بارد مقاوم للحرارة الذي اشرف على جلبه  الدكتور محمد كمال من اليونان .

شملت توسعة الحرم النبوي 7 مداخل رئيسة وكل مدخل بـ 7 بوابات إضافة إلى مدخلين من الجهة الجنوبية ويصبح إجمالي بوابات الحرم النبوي 59 بوابة إضافة إلى ثماني بوابات خاصة بالسلالم الميكانيكية موصلة إلى سطح المسجد المخصص للصلاة وأصبح المسجد ب10مآذن ستة منها جديدة بارتفاع 99متر .

المهندس محمد كمال اسماعيل رفض تلقي أتعابه على العمل الضخم الذي قام به رغم إلحاح الملك فهد وشركة بن لادن المنفذة للمشروع وقال للمهندس بكر بن لادن أأخذ مال على الحرمين الشريفين ؟ فين أودي وجهي من ربنا….

بقلم / سعيد عياشي

شارك المقال على :