دي ماريا ..من طفل تنقله والدته بالدراجة الى التدريبات .. الى التألق في سماء الكرة العالمية

أيوب بن مومن

أغلب الناس تنظر الى مسيرته و تقول عنه أنه مدهش، لعب في أكبر أندية العالم لكرة القدم، لعب لبنفيكا ، ريال مدريد ، مانشستر يونايتد و باريس سان جيرمان. هو صاحب القدم اليسرى الساحرة و نجم المنتخب الأرجنتيني أنخيل دي ماريا.

يبدو الامر في غاية البساطة و أن النجم الأرجنتيني أنخيل دي ماريا ولد نجما و لطالما ساعده والداه و هيئت له الظروف طريق النجاح، لكن الحقيقة لا يمكن لاحد تخيلها، كما لا يمكن تخيل كمية الاشياء التي مرر بها النجم الأرجنتيني.

بدأ دي ماريا كرة القدم في سن مبكرة حيث كان يقود أمه الى الجنون ، مما اضطرها لإصطحابه الى طبيب في سن الرابعة و قالت له : “دكتور ، انه لا يتوقف عن الركض في كل مكان ، ماذا افعل ؟” فرد عليها الطبيب الأرجنتيني ببساطة : ” ماذا تفعلين ؟ هناك اجابة واحدة…كرة القدم”

لتبدأ قصة اللاعب، حبث تلقى والده مكالمة هاتفية من مدرب ناشئين نادي روساريو سينترال الذي اخبره انهم يريدون ان يلعب معهم إبنه أنخيل و هو بعمر السابعة. و لكن كان ذلك موقف مضحك لأن والده مشجع متعصب لنيو اولد بويز ، و أمه متعصبة لسينترال ، اذا لم تكن من روساريو لن تفهم هذه العداوة ، انها هناك مثل الحياة و الموت.

والده رفض العرض خصوصا و أن المسافة تبعد تسع كيلومترات عن المنزل، غير أن أمه أصرت على أن تأخذه هي يوميا إلى التدريبات على متن غارسيا، حيث كانت غارسيا عبارة عن دراجة صفراء قذرة. و اعتادت أمه أن توصله بها الى التمرين يوميا، كانت لديها سلة في الامام و مساحة صغيرة لشخص في الخلف ، و كانت أخته الصغيرة تأتي معهم كذلك على طرف منصة خشبية لتجلس عليها قام والده بصنعها.
لقد كان الامر يبدو كمشهد من فيلم كرتون. امراة تقود دراجة عبر الحي مع فتى صغير في الخلف و فتاة صغيرة على الجانب ، و حقيبة في السلة في الامام ، العجلة ترتفع وتنحدر و تمر عبر الاحياء الخطرة ، في المطر ، في البرد ، في الظلام ، لم يهم ذلك.
أيام دي ماريا في سينترال لم تكن سهلة ، حيث كاد يترك كرة القدم لولا إصرار والدته. ففي سن الخامسة عشر ، كان أنخل بنفس حجمه الصغير ، و كان لديه مدرب يفضل اللاعبين البدنيين. في احدى الايام لم يقفز لعرضية و في نهاية التمرين جمع المدرب اللاعبين ثم قال له: ” انت جبان ، انت عار ، لن تحقق ابدا اي شئ. ستصبح فاشلا.”
و في سن السادسة عشر ، لم يصل دي ماريا الى الفريق الاول بعد ، مما دفع والده إلى القلق ، حيث جلس معه على الطاولة في أحد الأيام واخبره بأن لديه ثلاث خيارات : ان يعمل معه ، أو ان يكمل المدرسة ، و في حال إستمراره في اللعب، إذا لم ينجح في مدة عام، سيترك الكرة و يعمل معه.
دي ماريا لم يقل شيئا، كان يعرف كيف كان الوضع معقدا ، كانوا يحتاجون الى المال. و قبل آخر شهر قبل ان يترك اللعب ويعود للعمل مع ولده ، لعب دي ماريا اول مباراة له مع الفريق الأول. لتبدأ بذلك مسيرته الكروية. لكن القتال بدأ قبل ذلك بكثير ، حيث كانت امه تلصق حذائه ، منذ ان كانت تقود غراسيليا عبر انحاء المدينة تحت المطر ، و في كل الظروف.

روساريو لم تكن تمتلك مطارا دوليا ، كان الفريق يذهب الى المطار و يركب اي طائرة يجدها ، لم تكن هنالك أسئلة.
ففي احدى المرات ، كان على فريق روساريو ان يلعب في كولومبيا ، و تنقل عبر تلك الطائرات التي تستخدم لشحن السيارات و ما شابه، كانت تلك طائرتهم ، و كان اسمها “هيروكليس”. و اضطر اللاعبون لإرتداء سماعات حربية ضخمة لحجب الصوت المزعج ، في مقاعد قليلة و مساحة فارغة ، لثمان ساعات ، لمباراة كاس الليبارتدوريس.

إنتقل أنخيل دي ماريا الى نادي بنفيكا البرتغالي بعمر التاسعة عشر ، بعد القليل من الوقت ، بدا الانتقال غلطة كبيرة ،حيث لم يكن يلعب مع لفريق ، و أراد الانسحاب والعودة الى المتزل. ثم اتت اولمبياد 2008 . النهائي ضد نيجريا ، كان ذلك اسعد يوم في حياته ، حيث سجل هدف الفوز ،و جلب ميدالية ذهبية للأرجنتين.
و تألق بعدها مع النادي البرتغالي بنفيكا، حيث دفعته قدراته و مهاراته العالية إلى كسب محبة الجماهير و دعمه و تشجيعه، و قدم مستويات رائعة مع ناديه على المستوى المحلي و القاري، مما دفع الصحافة البرتغالية تدعوه دي ماريا الساحر بعد تسجيله الهاتريك الأول له مع الفريق.

و في سنة 2010، انتقل دي ماريا إلى ريال مدريد في صفقةٍ بلغت 25 مليون دولار، و لعب دورًا أساسيًّ في فوز الفريق بلقب الدوري الإسباني 2011-2012. وبعد فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا، انتقل إلى نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي عام 2014، لكنّه انضمّ إلى صفوف باريس سان جيرمان في العام التالي. ليواصل النجم الأرجنتيني مسيرة تألقه في سماء الكرة العالمية ليصبح اليوم من أبرز نجوم كرة القدم العالمية.

شارك المقال على :