3 سبتمبر، 2025
ANEP الأربعاء 03 سبتمبر 2025

رئيس حكومة المخزن عزيز أخنوش بين تهم الفساد وتشابك المصالح: ثروة على حساب الدولة؟

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
رئيس حكومة المخزن عزيز أخنوش بين تهم الفساد وتشابك المصالح: ثروة على حساب الدولة؟

يعيش المغرب منذ سنوات على وقع جدل متصاعد حول شخصية رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، الذي يُعتبر في الوقت ذاته أحد أبرز رجال الأعمال وأكثرهم ثراء في البلاد. الجمع بين المنصب السياسي الرفيع وقيادة إمبراطورية اقتصادية تمتد من المحروقات إلى الزراعة، جعل اسمه يتكرر في تقارير إعلامية وحقوقية تتحدث عن تضارب مصالح خطير واتهامات باستغلال النفوذ. هذه الصورة تعززت بعد تقارير محلية ودولية كشفت عن استفادة شركاته من صفقات عمومية بمبالغ ضخمة، في وقت يرزح فيه ملايين المغاربة تحت وطأة الغلاء وتدهور القدرة الشرائية.

يُنظر إلى أخنوش باعتباره نموذجًا لما يُعرف في الأدبيات السياسية بـ”الزواج بين السلطة والثروة”، حيث يجمع بين أدوات اتخاذ القرار السياسي ومفاتيح السوق. فشركته الكبرى “أفريقيا” تهيمن على سوق المحروقات بالمغرب، وتُتهم بتحقيق أرباح استثنائية خلال سنوات تحرير أسعار الوقود، بينما لم يستفد المواطن من أي تخفيض في الأسعار رغم تقلبات السوق العالمية. هذه الوضعية فجرت سنة 2018 حملة مقاطعة شعبية غير مسبوقة استهدفت منتجات تابعة لمجموعته، لتتحول إلى مؤشر على حجم الاحتقان الشعبي تجاه ما يعتبره كثيرون جشعًا مقننًا محميًا بالسياسة.

الانتقادات الموجهة لأخنوش لا تتوقف عند مسألة أسعار الوقود، بل تتعداها إلى شبهات فساد في صفقات عمومية بمجالات الفلاحة والصيد البحري. فبصفته وزيرًا للفلاحة لسنوات طويلة قبل أن يصبح رئيسًا للحكومة، أُثيرت مرارًا أسئلة حول مدى استفادة شركاته من البرامج الوطنية التي يفترض أنها موجّهة لدعم الفلاحين الصغار. تقارير صحفية مغربية ودولية تحدثت عن استفادة مجموعته من صفقات ضخمة، بما يجعل الحدود بين المال العام والمال الخاص ضبابية على نحو يثير القلق.

مع توليه رئاسة الحكومة، كان يُنتظر من أخنوش أن يتجرد من مسؤولياته التجارية أو أن يضع على الأقل جدارًا فاصلًا بين نشاطه الاقتصادي وقراراته السياسية. لكن الواقع أثبت أن هذا الفصل لم يتحقق، وأنه لا يزال يتحكم في تكتل اقتصادي ضخم، بينما تتخذ حكومته قرارات تؤثر بشكل مباشر في سوق الطاقة والضرائب والصفقات العمومية. هذا التداخل فتح الباب واسعًا أمام اتهامات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني التي ترى أن رئيس الحكومة يستعمل منصبه لحماية مصالحه التجارية بدل حماية المصلحة العامة.

البعد الدولي حاضر أيضًا في هذه القضية، إذ أن صورة المغرب كوجهة استثمارية تتضرر كلما برزت فضائح مرتبطة بتضارب المصالح في أعلى هرم السلطة. فالمؤسسات المالية والشركات الأجنبية تتابع بدقة هذه التطورات، لأنها تثير مخاوف من غياب الشفافية وضعف المنافسة العادلة. وفي وقت تسعى فيه الحكومة لاستقطاب استثمارات أجنبية كبرى، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال صعب: هل السوق المغربية مفتوحة للجميع، أم أنها خاضعة لهيمنة تكتلات اقتصادية مرتبطة بالسلطة السياسية؟

الشارع المغربي، من جانبه، يعبر بطرق مختلفة عن استيائه من هذه الوضعية. فإلى جانب المقاطعات الاقتصادية، هناك نقاش واسع على شبكات التواصل الاجتماعي يضع أخنوش في قلب الجدل حول فشل الحكومة في مواجهة الغلاء والبطالة وارتفاع المديونية. كثيرون يرون أن الجمع بين المال والسلطة جعل قرارات حكومة المخزن منحازة بطبيعتها لفئة محدودة من المستفيدين، بينما تُترك الغالبية لمواجهة أزمات معيشية خانقة.

قضية عزيز أخنوش ليست مجرد ملف شخصي، بل تعكس طبيعة البنية السياسية والاقتصادية في المغرب، حيث تظل السلطة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالثروة، وحيث تغيب آليات المحاسبة الفعالة التي تضمن تكافؤ الفرص والشفافية. وفي غياب إصلاحات جذرية تضع حدًا لهذا التشابك الخطير، فإن صورة رئيس الحكومة كرجل أعمال أولًا وسياسي ثانيًا ستظل مثار شكوك وانتقادات، ليس فقط داخل المغرب، بل أيضًا خارجه.

رابط دائم : https://dzair.cc/8qqo نسخ