الخميس 08 ماي 2025

رجال الأعمال الأجانب في الإمارات يعانون من النصب والابتزاز في ظلّ مناخ استثماري يهيمن عليه الفساد المقنّن وغسيل الأموال تحت أنظار أبناء زايد

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
رجال الأعمال الأجانب في الإمارات يعانون من النصب والابتزاز في ظلّ مناخ استثماري يهيمن عليه الفساد المقنّن وغسيل الأموال تحت أنظار أبناء زايد

كشف تحقيق استنادًا إلى شهادات حصرية ومصادر موثوقة، عن الوجه المظلم للاستثمار في الإمارات في ظل تصاعد المخاطر التي تواجه المستثمرين الأجانب في الدولة، وسط ما وصفته بـ”مناخ استثماري غير آمن”، يهيمن عليه الفساد المقنّن وممارسات غسيل الأموال التي تمر تحت أنظار السلطات، وأحيانًا بدعم من أطراف ذات نفوذ داخل الدولة الخليجية.

وقال التحقيق الذي نشرت صحيفة عربي21، إنه رغم ما تبثه الإمارات من صورة وردية عن نفسها كواحة استثمارية آمنة، فإن الواقع على الأرض، بحسب التقرير، يكشف عن مناخ استثماري محفوف بالمخاطر، خاصةً على الشركات الناشئة.

وأبرز التحقيق أن الشركات الناشئة تقع فريسة سهلة لشبكات منظمة تستغل الثغرات القانونية، وتتحرك بحرية ضمن بيئة مشبوهة يسودها غياب الشفافية وتواطؤ الأجهزة القضائية.

وأشارت المعلومات إلى أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تدفقًا كبيرًا للمستثمرين إلى الإمارات، وهو ما واكبه تصاعد في عمليات النصب والابتزاز.

إذ تنشط في البلاد مافيات مالية مرتبطة بجهات نافذة، تعمل على الاستيلاء على أموال الشركات الأجنبية الحديثة التأسيس، عبر أدوات قانونية ملتوية وقضاء خاضع للتأثير السياسي والمصالح الشخصية.

تهديدات وتحايل قضائي

في واحدة من الشهادات، أكد مصدر من دبي أن هناك محامين وأفرادًا من داخل الجهاز القضائي يستغلون مناصبهم السابقة ونفوذهم الحالي لتحويل مسارات القضايا، كما حدث مع محامٍ بارز يُدعى “س.م”، والذي حوّل العديد من القضايا إلى مناطق اختصاصه السابق بصفته مدعيًا عامًا، بهدف التحكم بنتائج النزاعات لصالح متنفذين.

ورغم سعي الضحايا إلى اللجوء إلى القضاء، فإن معظم القضايا لا تسلك طريق العدالة الطبيعي. بل يتعرض المتضررون أحيانًا للترهيب الجسدي والنفسي. ذكر المصدر حالة قام فيها مجهولون بتحطيم سيارة محامي أحد الضحايا أمام محكمة الشارقة، بعد تقدم موكله بشكوى ضد أحد رجال الأعمال الإماراتيين المتهمين بالاحتيال.

غسيل أموال وممارسات مشبوهة

جانب آخر خطير تطرق إليه التقرير، هو أن الإمارات أصبحت بيئة خصبة لغسيل الأموال، حيث يتدفق إليها رؤوس أموال غير مشروعة من دول خاضعة لعقوبات، مثل روسيا، ويتم إدماجها في الاقتصاد المحلي عبر تأسيس شركات وهمية أو أنشطة ظاهرها قانوني.

ففي إحدى الحالات، نقل رجل أعمال روسي نشاطه إلى الإمارات، وأطلق مشروعاً لتأسيس خدمة “تاكسي ذكي”. لكن بعد شراء أسطول سيارات، فوجئ بالاستيلاء على شركته عبر مستندات قانونية مزورة، بمساعدة مافيا مرتبطة بشخصية نافذة في أبوظبي. ورغم لجوئه إلى القضاء، انتهت القضية بالإغلاق دون النظر في الأدلة.

ويبدو أن البيئة التنظيمية المعيبة، وغياب المساءلة الجدية، يوفران غطاءً مناسبًا لغسيل الأموال. كثير من المستثمرين من روسيا، على وجه الخصوص، يبحثون عن “مخارج آمنة” لأموالهم في ظل العقوبات الغربية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال والاحتيال.

تهديد محامين دوليين وصمت رسمي

المحامي الإيطالي الشهير ستيفانو سوتّي، الذي تولى إحدى القضايا نيابة عن مستثمر روسي، أكد تعرضه لمحاولة ترهيب بعد أن أُصيبت سيارته بأضرار أمام قصر العدل في الشارقة. كتب سوتّي في منشور على فيسبوك أن الحادثة لم تكن عشوائية، بل تعكس أساليب الضغط غير القانونية التي تُمارس ضد من يحاول كشف التواطؤ القضائي.

كما لفت إلى أن تقديم بلاغ لدى الشرطة تطلب دفع 150 دولارًا، ما يؤكد وجود بُعد مالي حتى في الإجراءات الأمنية الأساسية، وهو ما اعتبره انعكاسًا لفوضى في إدارة العدالة.

أكبر قضية احتيال عقاري في الشرق الأوسط

من أبرز الشواهد التي تكشف فساد البيئة القضائية في الإمارات، ما أعلنته مؤسسة العدالة الدولية في واشنطن عن تورط خبراء قضائيين من دبي في دعم وزير سعودي في أكبر قضية احتيال عقاري في الشرق الأوسط.

والقضية تتعلق بـ”شركة تعمير القابضة”، حيث اتُّهم الوزير السعودي أحمد الراجحي وأشقاؤه بالاستيلاء على أصول الشركة ونهب حقوق مؤسسها، المستثمر الفلسطيني الكندي عمر عايش.

وبعد 12 عامًا من التقاضي، حكمت المحكمة لصالح عايش، لكن فقط بعد تدخل دولي وضغط من منظمات حقوقية، ما أثار تساؤلات عن مدى نزاهة واستقلالية القضاء الإماراتي.

الخلاصة: الإمارات ليست دائمًا بيئة آمنة للاستثمار

رغم الترويج المستمر من قبل السلطات الإماراتية لكون البلاد مركزًا عالميًا للأعمال والاستثمار، فإن الواقع، وفق هذه الشهادات والتحقيقات، يرسم صورة مختلفة: بيئة يسودها التواطؤ، الفساد وغسيل الأموال، مع غياب واضح للضمانات القضائية والحماية القانونية للمستثمرين.

هذه المعطيات تدفع المستثمرين والمراقبين الدوليين إلى إعادة تقييم المخاطر القانونية والأمنية للاستثمار في الإمارات، في ظل نظام يغيب فيه استقلال القضاء، وتُستخدم فيه الأدوات القانونية كوسائل للابتزاز وليس للعدالة.

رابط دائم : https://dzair.cc/mo1r نسخ