رغم الخسائر التي تكبدتها فرنسا في مالي.. إلا أنها لا تزال مستمرة في غيها

كوثر دزاير توب

كشفت صحيفة لوموند الفرنسية في مقال لها صدر أول أمس الأربعاء تناول حصيلة ثماني سنوات من التدخل العسكري الفرنسي في مالي، حجم ما وصفته على أنه “نتائج متباينة لـ “برخان””، العملية العسكرية التي تشنها القوات الفرنسية على “الإرهاب” المزعوم في مستعمرتها السابقة مالي، أين نشرت هناك ما مجموعه 5100 جندي في منطقة الساحل كجزء من هذه العملية.
وأفاض التقرير الصحفي للجريدة الفرنسية في الحديث عن كون تقييم العملية يبدو صعبا للغاية، فبعد مرور عام على المحاولة الأخيرة التي كان من المفترض أن تسمح للجيش الفرنسي بإيجاد “مخرج مشرف في الساحل”، والتي تدعي أن عملية “برخان” ستكون دقيقة. في جانفي 2020 ، في باو ، حيث أعطى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “إشارة الإنطلاق” لإرسال 600 جندي إضافي ، لا سيما إلى مالي ، ليصبح عدد الجنود المنتشرين في الساحل 5100 جندي لم يتم الوصول إلى تحقيق الأهداف العسكرية المسطرة بعد ثماني سنوات من الحرب، في مقابل الوضع مرير الذي يعاني منه سكان المنطقة.
وعلى المستوى العملياتي البحت ، تضيف لوموند، وإذا ما تم استثناء عملية القضاء على الإرهابي عبد المالك دروكدال أمير تنظيم القاعدة في ما يسمى “المغرب الإسلامي”، لا توجد عناصر إرهابية وازنة من بين الذين قتلوا، بعد ثماني سنوات من التدخل، حيث وصفت وزارة القوات المسلحة الفرنسية عدد الإرهابيين الذين قتلوا هناك حتى الآن بأنه ” لا معنى له في حد ذاته وأن الشيء الرئيسي هو أن هناك تأثير “عملية برخان” على الحياة اليومية للماليين أو دول الساحل المجاورة”.
و كان الرئيس الأسبق مامادو توري واحدًا من بين آلاف الماليين المؤيدين للعملية و الذين تجمعوا في 2 فبراير 2013 ، بشارع الاستقلال في باماكو للترحيب بحفاوة بفرانسوا هولاند ، الذي اعتبروه “المنقذ”، في مقابل هذا المشهد المفرط في التفاؤل بـ “صدق نوايا الفرنسيين” نقلت صحيفة لاكروا الفرنسية وبعد ثماني سنوات عن ذلك التجمع الذي كان يعبر عن طلب من السلطات المالية، كي تطلق فرنسا “عملية سيرفال” لوقف تقدم من اعتبرتهم “الجهاديين”، تلاشى الحماس بين ساكنة باماكو، حيث يقول أحدهم معبرا عن الوضع المأساوي الذي تسبب لهم فيه الفرنسيون: “لم أكن أعتقد أننا سنكون هنا حتى الآن في عام 2021، فمازال هناك المزيد من القتلى والأراضي المحتلة”.
وفي ذات السياق يشير موديبو غالي سيسي ، طالب الدكتوراه في جامعة لايدن في هولندا ، والذي كثيرًا ما يجري دراسات استقصائية في شمال ووسط مالي، إلى أن “أغلب الماليين يؤكدون أن عملية برخان أقل فعالية من عملية سيرفال، فمنذ بداية عملية برخان ، أعادت الجماعات الإرهابية تنظيم نفسها قبل توسيع منطقة عملها، واليوم ينشطون في وسط البلاد ويحققون تقدما مطردا كما يتضح من الهجمات في الجنوب في غاو، بوابة شمال مالي، ولا تستحوذ القوات الفرنسية سوى على قاعدة واحدة فقط توفر دوريات منتظمة في المنطقة لكنها لا تفعل الكثير لردعها، تضيف الصحيفة.
ويقول الباحث مردفا: “عملية برخان تنفذ ضربات في مناطق معينة من أجل تهدئة حماسة منتقديها، لكنها نادرا ما تقدم المساعدة إلى جيوش الساحل التي يهاجمها الإرهابيون، على الرغم من مواردها الجوية المتطورة. ”
وعلى صعيد ما تخلفه عملية برخان من مآسي لسكان منطقة الساحل وخاصة ما يعانيه الماليون من جرائها، وخاصة منذ أن نفذت القوات الفرنسية غارة جوية في 3 جانفي الماضي خلفت العديد من القتلى وسط تجمع من المدنيين كانوا يحضرون حفل زفاف وفقًا لما أكده السكان المحليون في دوينتزا ، وسط البلاد، كانت عملية برخان في قلب المناقشات المستفيضة، وهي الأطروحة التي أصر الجيش المالي ووزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي على رفضها ، من خلال تأكيدها يوم الأحد 10 يناير على قناة فرانس إنتر “أن طائرتين مقاتلين فرنسييتين اشتبكت مع مقاتلين وقتلت العشرات من الجهاديين” ، وأنها “لم تفعل”، حيث أنه “لم يكن هناك زواج ولا زوجات ولا أطفال “.
ولم يتوقف الجدل عن الاحتدام منذ ذلك الحين، مما أدى إلى تقوية معسكر أولئك الذين يريدون رؤية قوات برخان تغادر المنطقة، المعروفة بأنها “وكر” للإرهابيين، كما يوضح أحد مواطني المنطقة، حيث يظهر هذا الجدل ، في نظره ، ضرورة الحوار مع الجماعات المسلحة لإيجاد حل دائم للأزمة، فلقد أعرب الماليون بالفعل في عام 2019 عن استعدادهم للتفاوض مع المقاتلين المتمردين خلال الحوار الوطني الشامل، لكن لطالما عارضت فرنسا ذلك، وهو الموقف الذي يؤكد تمسكها بوجودها العسكري في المنطقة رغم ما تكبدته من خسائر مادية وبشرية وتسببها في تنامي التطرف والعنف المضاد بشكل مباشر زاد من تأزيم الأوضاع هناك.
أحمد عاشور

شارك المقال على :