السبت 26 جويلية 2025

زيارة الرئيس تبون إلى إيطاليا… دلالات إستراتجية ورسائل عميقة… بقلم المحلل عبد الحكيم بلعور

نُشر في:
بقلم: المحلل بلعور عبد الحكيم
زيارة الرئيس تبون إلى إيطاليا… دلالات إستراتجية ورسائل عميقة… بقلم المحلل عبد الحكيم بلعور

حلّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمطار روما الدولي (ليوناردو دا فنشي)، حيث كان في استقباله وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو، وذلك في زيارة رسمية يترأس خلالها أشغال الدورة الخامسة للقمة الحكومية الجزائرية الإيطالية رفيعة المستوى عن الجانب الجزائري.

هذا المشهد يحمل دلالات عميقة، كونه يخرج عن المألوف من حيث البروتوكول، حيث جرت العادة أن يُستقبل رؤساء الدول من قبل مسؤولين مدنيين مثل وزير الخارجية أو رئيس الوزراء، غير أن استقبال وزير الدفاع للرئيس عبد المجيد تبون يعكس مستوى جديدًا من التنسيق بين البلدين، ويؤشر إلى بُعد استراتيجي متقدم، خصوصًا في المجال الأمني والدفاعي.

في ظل رؤية الجزائر لعالم متعدد الأقطاب، انتهجت مبادئها الخاصة المبنية على الاحترام المتبادل، والرؤية الاقتصادية القائمة على مبدأ “رابح-رابح”، الذي يعود بالنفع على جميع الشركاء، ضمن هذه الإستراتيجية الجديدة، تم استحداث قاعدة استثمارية واعدة، وبدء في استغلال موارد الإستراتيجية بشكل عقلاني.

من جهتها، كثّفت إيطاليا جهودها لتعزيز وجودها في الجزائر من خلال عدد متزايد من الشركات التي تنشط في مجالات متعددة، باستثمارات كبيرة وهامة، تعكس اهتمام روما المتزايد بالشراكة مع الجزائر يشكّل دافعًا مشتركًا لتطوير التنسيق الأمني والتعاون في مجالات الدفاع، وهو ما تجسّد بشكل رمزي وفعّال في صورة الاستقبال ذاتها بستقبل وزير الدفاع رئيس دولة أجنبية، هو مؤشر قوي على أن التعاون الدفاعي والأمني بين الطرفين قد بلغ مستوى متقدمًا، ويبعث برسالة واضحة مفادها أن الجزائر شريك أمني استراتيجي حقيقي.

كما أن هذا البُعد أصبح في صلب العلاقات الثنائية، جنبًا إلى جنب مع التعاون الاقتصادي والسياسي، ويفتح الباب في مجالات مثل تبادل المعلومات الأمنية، وربما الصناعة العسكرية في المستقبل.

من جهة أخرى، فإن الموقع الجيوسياسي للجزائر يمنحها دورًا محوريًا في أمن منطقة المتوسط، ويجعل منها لاعبًا رئيسيًا في ملفات مثل مكافحة الإرهاب، الهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة ويحمل كذلك إشارات مهمة تتعلق بالملفات الدفاعية المطروحة، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية المتعددة (في ليبيا، الساحل، البحر الأبيض المتوسط)، وهو ما يؤكد أن الجزائر باتت رقماً صعباً في معادلة الاستقرار الإقليمي.

الرئيس عبد المجيد تبون استُقبل كرئيس دولة له وزن إقليمي واعتبار خاص، وليس فقط كطرف مشارك في قمة حكومية متعددة المجالات، وهذا ما يُعدّ علامة فارقة في مسار الدبلوماسية الجزائرية، ودليلًا على ارتقاء العلاقة الجزائرية الإيطالية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية ذات البعد الأمني العميق.

لقد تحولت الجزائر من مجرد مزوّد للطاقة، إلى شريك موثوق في ملفات الدفاع والاستقرار، في دلالة على تنامي الثقة الإيطالية بدورها كقوة توازن إقليمي، ومركز ثقل في منطقة المتوسط.

بقلم المحلل بلعور عبد الحكيم

رابط دائم : https://dzair.cc/lj87 نسخ