21 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 21 سبتمبر 2025

“سامير”.. المصفاة الوحيدة في البلاد: كيف باع المخزن أمن المغرب الطاقوي للوبيات المحروقات؟

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
“سامير”.. المصفاة الوحيدة في البلاد: كيف باع المخزن أمن المغرب الطاقوي للوبيات المحروقات؟

لم يعد ملف شركة “سامير” مجرّد قضية اقتصادية داخلية، بل تحوّل إلى فضيحة سياسية من العيار الثقيل، تكشف حجم ارتهان القرار المغربي للوبيات المحروقات النافذة، التي تلاعبت بمصير المصفاة الوحيدة في البلاد، وفرضت على الدولة أن تظل متفرّجة، بينما ينزف الاقتصاد الوطني والمجتمع أثماناً باهظة.

النقابة الموحدة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالشركة دقت ناقوس الخطر مجدداً، محمّلة السلطات المغربية مسؤولية الخسائر “الرهيبة” التي تكبدها المغرب منذ تعطيل المصفاة، متهمة الدولة بالتواطؤ مع مصالح اللوبيات التي تتحكم في السوق النفطية وتستفيد من استيراد المحروقات بأسعار ملتهبة.

فمنذ أن تزامن إيقاف الإنتاج مع قرار تحرير الأسعار، دخل المغرب في نفق مظلم: اقتصاد هش، عمال بلا أجور، متقاعدون مهددون، وأمن طاقوي مفقود. ومع ذلك، ظل القرار السياسي غائباً، وكأن حماية جيوب “المحظوظين” أهم من حماية المصالح العليا للوطن.

النقابيون شددوا على أن التصفية القضائية يجب أن تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بإعطاء نفس جديد لمساعي التفويت، وحماية الأصول المادية للشركة والخبرة الوطنية التي باتت مهددة بالاندثار. وحذّروا من صفقات “مشبوهة” كتأجير خزانات الشركة لشركات أجنبية بشكل يربك عملية الإنقاذ الشاملة، مطالبين بمراجعة العقود بما يخدم المصلحة الوطنية لا أجندات ضيقة.

لكن الأخطر من كل ذلك هو الصمت الرسمي، بل التواطؤ، مع ما وصفه المراقبون بـ”النهب المقنّن”، حيث تُركت الشركة تموت ببطء بينما تراكمت أرباح شركات الاستيراد، التي صارت تتحكم في السوق بلا حسيب ولا رقيب. النتيجة: مواطنون يكتوون بأسعار الوقود، وبلد مرتهن لمورّدين خارجيين، في زمن صار فيه الأمن الطاقوي مسألة سيادة وطنية.

إن أزمة “سامير” لم تعد شأناً محلياً، بل قضية إقليمية تهم المغاربة، لأنها تكشف كيف فرّط النظام المخزني في ورقة استراتيجية كان يمكن أن تجعل المغرب أقل تبعية وأقوى تفاوضاً. ما يحدث اليوم هو العكس: دولة مستسلمة للوبيات داخلية وأجندات خارجية، وشعب يؤدي الفاتورة.

وهكذا، تتحول “سامير” من مجرد شركة معطلة إلى مرآة تعكس اختلالات السلطة في المغرب: غياب القرار السيادي، تغوّل اللوبيات، وفضيحة دولة تضعف نفسها بيدها، بينما تُصدّر للعالم خطاب “النموذج التنموي” و”مسار الإنجازات”.

تورّط رئيس حكومة المخزن رجل الأعمال عزيز أخنوش في أزمة سامير

في قلب هذه الفضيحة تقف شخصية واحدة تثير الغضب الشعبي: عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ومالك مجموعة “أفريقيا غاز”، الذي تحوّل من وزير “تقنوقراطي” إلى تاجر أزمات يستثمر في معاناة شعبه. فمنذ إغلاق مصفاة “سامير”، تضاعفت أرباح شركاته بشكل جنوني، بعدما انفردت بالسوق وفرضت أسعاراً ملتهبة جعلت المغاربة أكبر ضحايا تحرير المحروقات.

إغلاق المصفاة لم يكن مجرد صدفة أو عجز إداري، بل قرار سياسي محسوب، صبّ في مصلحة لوبي المحروقات الذي يتزعمه أخنوش، تحت مظلة المخزن. لقد تركت الدولة آلاف العمال والمتقاعدين في الشارع، وخسرت البلاد استقلالها الطاقوي، بينما انتفخت جيوب شركات رئيس الحكومة الذي يشرّع القوانين بيد، ويبيع البنزين والغاز باليد الأخرى.

ما جرى ليس تضارب مصالح عادياً، بل جريمة اقتصادية مكتملة الأركان: إعدام أداة استراتيجية مثل “سامير” كان بوابة لاحتكار السوق من طرف قلة قليلة مرتبطة مباشرة بدوائر السلطة. والنتيجة أن المغرب صار رهينة لواردات النفط الخام، والمواطن المغربي يدفع فاتورة مرتفعة كل يوم من جيبه، بينما يتباهى أخنوش بزيادة ثروته وتوسيع إمبراطوريته المالية.

إن استمرار هذا الوضع يفضح التواطؤ البنيوي بين المال والسلطة في المغرب: حيث تُغلق المؤسسات الوطنية لحساب الشركات الخاصة، ويُضحّى بالاقتصاد الوطني في سبيل مصالح شخصية. وإذا كان المخزن يحاول إخفاء الحقيقة وراء خطاب “الإصلاحات”، فإن الشارع يعرف جيداً أن المستفيد الأول من موت “سامير” هو رئيس الحكومة نفسه، الذي يجلس على كرسي السلطة ويبيع الوهم للمغاربة فيما يبيع لهم الوقود بأضعاف سعره الحقيقي.

رابط دائم : https://dzair.cc/ixz0 نسخ