سيرة الشيخ محمد بوركاب ومسيرته خلال عقدين من الزمن… للشيخ شوقي سليمان

دزاير توب

كتب الشيخ شوقي سليمان أبو حرم رسالة، عقب تنحية الشيخ محمد بوركاب من إدارة وتسيير مدرسة العلامة عبد الحميد بن باديس للقراءات.

وفيما يلي نص الرسالة:

شاءت إرادة الله العلي القدير أن تكون آخر كلماتي في مسجد الأمير عبد القادر أمام جموع المصلين ثناء على جهود الشيخ محمد بوركاب المباركة في خدمة القرآن الكريم و إحياء علم القراءات في مدينة العلم و العلماء فقلت كلمات أوثقها هاهنا لا أخرم منها حرفا واحدا فبعد أن أنهى الشيخ درسه في فقه الصيام في شهر رمضان قمت بواجب الشكر والعرفان لأهل العلم والحفاوة بهم فقلت :

في دقائق معدودات قدم لنا الشيخ إضاءات في عديد المسائل الفقهية و لا عجب فالشيخ دكتور في الفقه و أصوله ، و هو من أحيا علم القراءات في مدينتنا و مدرسته العامرة تخرج منها آلاف الطلبة و مئات المجازين وعشرات الجامعين للقراءات و طلابه يؤمون الناس في ربوع الجزائر ومنهم من يؤدي رسالته في تعليم القرآن في أصقاع الأرض في ماليزيا و تركيا و قطر ….

و قد كرمته رابطة العالم الاسلامي كأحسن معلم للقرآن، فهل نعرف قدر علمائنا أم ننتظر حتى يأتي تقديرهم من غيرنا ؟

نسأل الله أن يديم لنا نوره و ظله : آمين

في الغد تلقيت مكالمة من إدارة الشؤون الدينية مفادها أنه تم تحويلك لمسجد آخر و نرجو عدم الذهاب إلى مسجد الأمير مرة أخرى

سبحان الله متى أصبح الثناء على عالم رباني تهمة ؟

نعم أدرك أن هذا المشهد قميص عثمان الذي طال انتظاره من الإدارة لإنهاء إمامتي في المسجد بعد عشرين سنة و لأن مجرد التذرع بالإطالة في خطبي لا يعتبر سببا مقنعا لعزلي .

لقد آثرت الصمت حينها حتى لا أشغل الناس عن عبادتهم في رمضان و حتى لا يستغل الأمر في الإساءة لصورة القطاع كما هو موثق في التظلم الذي لم أتلق عليه ردا إلى اليوم.

كذلك حرصي على استمرار الشيخ بوركاب في نفعه و عطائه و عدم ورود اسمه في قضيتي جعلني أتحفظ من ذكر هذه الرواية رغم اتصال إخواني الصحفيين الذين بلغهم الخبر .

بالنسبة لي قضيت عشرين سنة على منبر الأمير داعيا إلى الوسطية و الاعتدال و الحفاظ على الهوية الجزائرية و اللحمة الوطنية و ما كنت يوما داعية فتنة أو فرقة و عشت المرحلة المباركة للدعوة في مسجد الامير و في صحبة الشيخ بوركاب و عايشت مرحلة تأسيسه للمدرسة و تذوقت باكورة ثمارها الطيبة بحضور ملتقياتها العلمية و صحبت العلماء الوافدين إلى مدينتنا و ألسنتهم تلهج بالثناء على الجزائر و أهلها و رأيت من مظاهر الاجتماع على الخير بين أعيان المدينة و علمائها و مسؤوليها ما يعجز اللسان عن وصفه و لقد كانت هذه الملتقيات أعراسا إيمانية وولائم فكرية عم نفعها و خيرها فأحيت الشوق و الوجد لحفظ كتاب الله و تعلم علومه في نفوس أبناء مدينتنا .

أما الشيخ بوركاب أحسبه – و الله حسيبه – من العلماء العاملين و من الربانيين الصالحين رجل القرآن علما و تعليما و سمتا و أدبا ، صحبته في بعض أسفاره فرأيت من أحواله عجبا رأيت حاله مع الله في أذكاره و أوراده و كانت مسافات الطريق تطوى لنا طيا و هو ينثر عبق سيرة الشام و علمائها و قرائها و يتحفنا أحيانا بقضايا فقهية و أخرى بلطائف لغوية وكان وجداني وكل كياني ينشد قول القائل:

ما لذة العيش إلا صحبة العلماء هم السلاطين والسادات والأمراء فاصحبهم وتأدب في مجالسهم ,وخل حظك مهما قدموك وراء

أشهد أن الشيخ تقي نقي عف اللسان عفيف نظيف اليد صادق في دعوته عاش خادما للقرآن

ووالله إنني مشفق على من تطاول على مقام الشيخ بوركاب فقد قال الحق سبحانه في الحديث القدسي : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب

أبناء مدينتنا رواد مسجدنا : قضيتي ليست أن أكون إماما في هذا المسجد أو ذاك فبقائي حلس بيتي خير لي من أن أكون شيطانا أخرس

وأن أعظ الناس في المقابر أكرم لي عند ربي من أن أكون عونا للظالمين.

يا أهل قسنطينة الكرام : إذا كانت النملة تفرق بين الملح و السكر فإن أبناء مدينة ابن باديس يفرقون بين الحق و الباطل و بين المصلح و المفسد و بين الغث و السمين

“فأما الزبد فيذهب جفاء ، و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”

 

أخوكم و محبكم :

شوقي سليمان أبوحرم

شارك المقال على :