صحة ورياضة : عملية الاستشفاء عند الرياضي

أيوب بن مومن

يعرف الاستشفاء على أنه مصطلح عام يستخدم بمعنى استعادة تحديد مؤشرات الحالة الفسيولوجية والنفسية للإنسان بعد تعرضها لضغوط زائدة أو تعرضها تحت تأثير أداء نشاط معين ويمكن قياس أو تقدير هذه الحالات موضوعيا من خلال قياس هذه المؤشرات النفسية والفسيولوجية.

ويقصد بها العلاقة الزمنية بين فترتي الحمل والراحة أثناء الوحدة التدريبية، والعلاقة الصحيحة بين فترتي الحمل والراحة من الأسس الهامة لضمان استعادة الفرد لحالته الطبيعية نسبيا، وبالتالي ضمان استمرار قدرة الفرد على العمل والأداء وتقبل المزيد من الأحمال التدريبية، وتتحدد طول فترة الراحة طبقا لشدة وحجم الحمل. وكمبدأ عام يجب أن يصل الفرد في نهاية فترة الراحة إلى درجة تسمح له بالقدرة على تكرار التمرين التالي بصورة طيبة.

وأصبحت النتائج الرياضية العالية اليوم ترتبط ارتباطا وثيقا بتنفيذ حمل تدريبي عال مرتبطا بنظام الاستشفاء على درجة عالية ليس خلال التدريب فقط ولكن أيضا خلال المنافسة وفترة الإعداد لها. ولهذا فإن دراسة طبيعة حدوث التعب والاستشفاء تعتبر ذات أهمية خاصة من الناحية النظرية والتطبيقية، ولهذا أصبحت عملية تحسين النتائج الرياضية ترتبط بشكل أساسي بعمليات التدريب الرياضي المرتبطة والمنسقة مع عمليات الاستشفاء الملائمة لها، وبذلك يمكن للرياضي أن يواجه تأثيرات حمل التدريب.

وتعتبر عملية الاستشفاء عملية مستمرة فهي تحدث قبل التدريب وبعده، ومن خلال فترات الراحة البينية إثناء جرعة التدريب، ومن خلال أيام الراحة خلال الأسبوع ومن خلال الفترات الانتقالية بيم المواسم الرياضية، وقبل المنافسة وبعدها، وتعتمد عملية الاستشفاء على تخطيط علمي مثلها في ذلك كعمليات التدريب المختلفة حلال الموسم الرياضي، فبعد وضع خطة التدريب الموسمية أو الأسبوعية يقوم أخصائي الاستشفاء بوضع خطته بحيث تكون ملائمة مع خطة التدريب في أوقاتها، واختلاف نوعية الاستشفاء.

تتم عمليات الاستشفاء بمعدل غير متساو حيث يكون معدلها في البداية سريعا ثم تتم بعد ذلك بمعدل بطئ، وقد فسر هيل ذلك بعاملين لهما تأثيرهما على سرعة عمليات الاستشفاء.

عدم كفاية كثافة عمل الجهاز الدوري التوفير الأكسجين المطلوب للجسم خلال فترة الاستشفاء، حيث تتم عملية استشفاء الجهاز الدوري بصورة سريعة جدا بعد أداء العمل العضلي، في الوقت الذي لا يكون هذا الجهاز قد قام بتلبية حاجة العضلات إلى تعويض الأكسجين الذي استهلكته أو استدانته خلال العمل العضلي، وبذلك يهدئ عمل الجهاز

الدوري في الوقت الذي ما زالت العضلات في حاجة إلى كميات كبيرة من الأكسجين، ولذلك فإن تعويض الدين الأكسجيني يستغرق وقتا أطول من الوقت اللازم الاستشفاء الجهاز الدوري وبناءا على ذلك فإن معدل القلب لا يعبر دائما عن الصورة الكاملة لعمليات الاستشفاء.

تختلف عمليات الاستشفاء بالنسبة لحامض اللاكتيك المتراكم في العضلة بعد الأداء، حيث يتم خلال مرحلتين أولهما المرحلة السابقة والمرتبطة بأكسدة حامض اللاكتيك في العضلات، المرحلة الثانية المرحلة البطيئة وترتبط بالإضافة إلى أكسدة حامض اللاكتيك بالعضلات أيضا بعمليات انتشار حامض اللاكتيك خارج العضلات.

وتختلف أيضا سرعة عمليات الاستشفاء للدين الأوكسجيني بشقيه بدون اللاكتيك وباللاكتيك، حيث تختص المرحلة الأولى بتعويض الدين الأوكسيجيني بدون اللاكتيك بإعادة بناء مصادر الطاقة الفوسفاتية، والمرحلة الثانية للدين الأوكسجيني اللاكتيكي وتهدف إلى أكسدة حامض اللاكتيك.

وقد اتضح أن الدين الاوكسجيني بدون اللاكتيك لدى الرياضيين حوالي 5-3 لتر أوكسجين ولغير الرياضيين 1.5-2.5 لتر أكسجين، أي أن الرياضي يستطيع تنفيذ عمل عضلي سريع وقوي دون توفر الأكسجين الذي يتطلبه هذا العمل والذي يقدر بحوالي 5-3 لتر، على أن تقوم العضلات بعد تنفيذ هذا العمل بتعويض هذا الأكسجين في استخدامه لإعادة بناء المركبات الفوسفوتية للطاقة والتي تم تكسيرها لإنتاج طاقة لاهوائية. أما بالنسبة للدين الأوكسجيني اللاكتيكي، حيث يتم تكسير الجليكوجين بالعضلة في حالة نقص الأكسجين فإن الرياضي يستطيع أن يؤدي عملا عضليا يتطلب مقدار 13-8 لتر أكسجين، غير أن هذا الجزء من الدين الأكسجيني يتم بشكل أبطء يقل عن 40-50 مرة عن سرعة الاستشفاء التعويض الدين الأوكسجيني بدون اللاكتيك، وهذا يعبر عن عدم تساوي معدل تعويض العضلات بالأكسجين الذي تحتاجه لتعويض العجز في الأوكسجين الذي حدث أثناء أداء الحمل البدني والذي يمكن أن يصل في مجموعه الكلي 20-15 لتر أكسجين.

وبناءا على ما سبق فإن استشفاء مصادر الطاقة اللازمة لتدريبات السرعة وهي المصادر الفوسفاتية تتم بصورة أسرع من استشفاء مصادر الطاقة اللازمة لتدريبات تحمل السرعة وتكون سببا مباشرا في تراكم حامض اللاكتيك وتتطلب فترة زمنية أطول.

وقد اتضح أن عمليات الاستشفاء بعد أداء مجموعة تدريبات بالشدة القصوى تتم خلال خمس دقائق الأولى بعد الأداء مباشرة أسرع منها خمسة أضعاف فترة 13 دقيقة التالية لذلك.

ولذلك فإن فترات الراحة البينية خلال تكرار المجموعات التدريبية لا تعطي كاملة اعتمادا على أن معظم عمليات الاستشفاء تتم خلال الخمس دقائق الأولى بعد المجهود، حيث تتم

عمليات استعاضة الأكسجين خلال الدقائق الثلاث الأولى بمعدل سرعة 5 أضعاف الدقائق التالية لذلك، كما أن معدل القلب يتم استشفاؤه خلال أول خمس دقائق بمعدل أسرع 2 مرة ضعف الثلاث الدقائق التالية.

ومن بين أنواع الاستشفاء الراحة من حيث الأداء، والراحة الإيجابية النشطة، وهي المدة الزمنية” الراحة البينية” التي تتمثل في الأداء الخفيف لبعض الأنشطة البدنية المقصودة بهدف استعادة الأجهزة الوظيفية لشفائها والتقليل من أثار الأعراض التي تؤدي إلى ظهور التعب مثل المشي – الهرولة- بعض تمرينات المرونة.

الراحة السلبية، ويقصد بها المدة الزمنية” الراحة البينية “بين الأداء والتكرار وتتمثل بعدم قيام الرياضي لأي نوع من أنواع الأنشطة الحركية المقصودة بعد الانتهاء من التمرين السابق مثل الوقوف الرقود الاسترخاء

الراحة تبعا للهدف مراد تحقيقه، الراحة الكاملة، وهي المدة الزمنية التي تستمر لضمان استعادة الاستشفاء الكاملة قبل تكرار التمرين التالي أو المجموعة.

الراحة غير كاملة، وهي المدة الزمنية التي يتم تكرار التمرين التالي في استعادة الاستشفاء الكامل التي تكون بحدود 70-80 من الزمن الكلي اللازم لاستعادة الاستشفاء وتستخدم في تدريب تحمل السرعة.

ومن بين مراحل الاستشفاء، الاستشفاء في تدريبات السرعة والقوة، حيث يعتبر تحديد مراحل الاستشفاء من المشكلات العلمية الهامة التي تحتاج إلى مزيد من الدراسات والبحوث؛ نظرا الأهمية ذلك في تخطيط توالي الأحمال التدريبية، وعلى سبيل المثال عند تكرار العدو المسافة 200-300 متر فإن المرحلة الأولى (مرحلة التعب) تستمر لمدة 15 دقيقة، تأتي مرحلة التعويض الزائد خلال فترة 5 دقائق التالية، أي أن أفضل زمن لتكرار أداء العدو لمسافة 200-400 متر هو خلال فترة 5 دقائق التي تلي أول 15 دقيقة بعد الأداء، وفي مثال آخر عند أداء تمرين الثقل من أمام الصدر لأعلى من وضع الرقود وتكرار ذلك حتى مرحلة التعب والرفض وكذلك عند أداء تمرين ثني الذراعين من وضع الارتكاز على المتوازيين أمكن تحديد مراحل استعادة الشفاء لهذه التمرينات، حيث استغرقت مرحلة التعب وانخفاض المستوى ومرحلة العودة إلى المستوى الأول قبل التعب فترة 7-12 دقيقة، بينما ظهرت مرحلة التعويض الزائد خلال الفترة من الدقيقة 13-20.

شارك المقال على :