صحة و رياضة : تأثير الضغوط النفسية على لاعبي كرة القدم

أيوب بن مومن

ويعد التدريب الحديث في كرة القدم عملية تربوية منظمة مبنية على أسس علمية هدفها الوصول باللاعبين إلى أرقى المستويات لتحقيق الأداء المتكامل والمتطور والسريع الذي تسعى إليه دول العالم، وتحاول معظم هذه الدول العمل على إعداد منتخباتها وأنديتها وتأهيل مدربيها والاستعانة بمدربين يحملون فكراً جديداً للأداء للارتقاء بمستويات هذه المنتخبات والأندية من أجل التمثيل المشرف لبلادهم في البطولات الدولية، والمستويات الرياضية العالمية التي تتطلب من الفرد الرياضي ضرورة استخدام قدراته البدنية والمهارية والخططية والنفسية بصورة متكاملة وذلك لمحاولة إحراز أفضل مستوى ممكن.

وتتداخل العوامل البدنية والنفسية ببعضها البعض للوصول باللاعبين إلى أعلى المستويات الرياضية من خلال التدريب المبني على الأسس والمبادئ العلمية، ولكن ينصب الاهتمام الكبير بتنمية المهارات الأساسية والتي تعد مؤشراً ذا قيمة لقدرات اللاعبين في تنفيذ المهام الرئيسة في اللعبة.

ويعتمد علم التدريب الرياضي على دعم العلوم الطبيعية والإنسانية والتي تعد من العلوم المهمة والمساعدة لعملية التدريب ونخص منها هنا علم النفس الرياضي الذي يعد من أهم العلوم الإنسانية التي يعتمد عليها التدريب الرياضي، حيث يأتي في مقدمة العلوم المساعدة على نجاح المدرب وتطوير الأداء الرياضي، ونتيجة لذلك أخذ خبراء التدريب الرياضي يوجهون عناية فائقة لمختلف النواحي النفسية المرتبط بالتدريب الرياضي والمنافسات الرياضية.

وفي كثير من الأحيان يتم إعداد اللاعبين بدنياً ولياقياً وفنياً وتكتمل برامج الإعداد البدني وتنمية المهارات الفنية واللياقية، ولكن لا يتحقق النجاح المطلوب فتختلط الأوراق وتتضارب الآراء وتختلف المعالجات الإدارية والفنية، وفي عالمنا العربي تقال إدارات ومدربين، أفراداً وجماعات لسوء نتائج الفرق في المنافسات المحلية والقارية ولكن يغفل الكثير من العاملين في إدارات الأندية والمدربين عاملا مهما من عوامل النجاح ألا وهو التدريبات الذهنية لأن التدريب العقلي يعد أحد الأساليب الحديثة المستخدمة في اكتساب المهارات الحركية وتطويرها إلى جانب الإعداد للمنافسات والإنجازات الرياضية العالية التي تتطلب قدراً كبيراً من استخدام المهارات النفسية والعقلية لأن التفوق الرياضي يتوقف على مدى استفادة اللاعبين من قدراتهم النفسية على نحو لا يقل عن الاستفادة من قدراتهم البدنية، فالقدرات النفسية تساعد الأفراد على تعبئة قدراتهم وطاقاتهم البدنية لتحقيق أقصى وأفضل أداء رياضي، فاللاعبون العالميون أو الدوليون مثلاً يتقاربون بدرجة كبيرة من حيث المستوى الفني والبدني والمهاري والخططي ويحدد العامل النفسي الفارق بين هؤلاء اللاعبين أثناء المنافسة، حيث يلعب دوراً رئيسا في أدائهم وبالتالي تحقيقهم للنجاح والفوز.

فالفرد الرياضي الذي يفتقر إلى السمات النفسية الإيجابية لن يستطيع مهما بلغت قدراته ومستوياته البدنية والفنية من تحقيق أعلى المستويات، لذا يجب التركيز عليها خلال التدريب قبل الوصول إلى المنافسات لأن التدريب العقلي يجب أن يحقق مستوى أفضل في الأداء بواسطة تطوير أية مهارات نفسية، وزيادة القدرة على الثبات والتحكم في الأداء لما له من دور مهم وفعال في الوصول إلى حالة الأداء المثالية لتحقيق الإنجاز وتنمية الصفات النفسية التي تنمي لدى اللاعبين القدرة على تنفيذ النواحي الخططية والبدنية أيضاً.

وهذا لأن التحركات البدنية والمهارات الفنية تبنى على حسب قدرات اللاعب الذهنية وذكائه الخاص اللذين يتحكمان بدرجة كبيرة في إيجاد التناغم ومزج المهارة الفنية مع البدنية والتي يستطيع من خلالها توظيف مهاراته في التشكيلات الخططية والأداء الجماعي بالانضباط والدقة المطلوبة.

وقد تزايد في السنوات الأخيرة استخدام برامج تدريب المهارات النفسية مع الرياضيين مع اختلاف مستوياتهم وفي جميع المراحل وخاصة المرحلة السنية، وفي هذا المعنى يتضح أن برامج تدريب المهارات النفسية يعد جزءاً رئيسا ومهما لبرنامج التدريب الرياضي، على أن يتم تطبيق هذا البرنامج على نحو متواز مع برنامج التدريب البدني والمهاري والخططي وتبرز أهمية الصفات النفسية والإرادية والتي تمثل العزيمة والإصرار وعدم اليأس والتحمل والمثابرة التي يتم تنميتها من خلال التدريب على النواحي السلوكية العقلية الإيجابية والتي تركز في التركيز والانتباه والدقة.

وتتأثر مستويات الدافعية لدى الرياضيين نتيجة لدوافع معينة وهذا التأثير لا يكون بالنمو نفسه بل يختلف من رياضي إلى آخر، فبعضهم يستجيب بشكل أفضل عند سماعه لتعليمات المدرب لهم أو تشجيعه لهم على مضاعفة المجهود، فمنح المكافآت أو تغيير مواقع اللاعبين في خطة اللعب أو تكليف اللاعب بمسؤولية معينة، أو توجيه العقاب له أو تحذيره… إلخ كلها أساليب يمكن استخدامها مع اللاعبين لذا يفضل التعرف على شخصية اللاعب وطبيعته حتى نستطيع اختيار الوسيلة المناسبة للدافعية لاستخدامها عند الحاجة دون اللجوء إلى وضع جميع أفراد المجموعة تحت درجة المعاملة نفسها، وأن نكون أكثر حذراً في تعاملنا في ذلك مع الناشئين.

فمن سمات الدافعية سمة الحالة التدريبية وهي أن يهتم ويتحرى اللاعبون المنافسات الرسمية ويضعوا لأنفسهم أهدافاً عالية ويطمحوا في أن يكونوا دائماً أفضل ويتقبلوا المخاطر والصعاب، على أمل أن ذلك سيساعدهم على إتمام الأعمال الموكلة إليهم بنجاح، ومن ثم يتسم سلوكهم بالإيجابية نحو المنافسة والسعي للارتفاع بمستواهم الرياضي وينتظمون في التدريب بشغف ويولونه كل اهتمامهم ويسعى كل لاعب إلى التدريب مع

احترام قواعده بمحض إرادته منفذاً لكل إرشادات وتعليمات المدرب واحترام وتقبل نصائحه بروح رياضية طيبة.

إن الثقة بالنفس من المهارات المهمة في المجال الرياضي نظراً لتأثيرها في أداء اللاعبين، وأن ثقة الرياضي في قدراته تمثل مصدراً إيجابياً مهما لتحقيق الطاقة النفسية الإيجابية، الثقة بالآخرين

أما سمة الحافز وهي سمة تميز اللاعبين برغبتهم الحقيقية في الكسب والنجاح، حيث يسعى كل لاعب للفوز والإنجاز وتحقيق النجاح والاستمتاع بمواجهة التحدي، حيث إن الحافز هنا يمثله الدافع الشخصي لمزاولة اللعبة والكفاح للنجاح من أجل التفوق والإبداع والامتياز وبذلك يعتبر مقياساً لجدية المحاولة من قبل اللاعب، وأن يؤدي أفضل ما عنده.

إن اللاعب الذي يتميز بالتصميم لا يستسلم بسهولة ويقبل على التدريب الجاد مهما كانت قسوته بما يمكنه ذلك من تحقيق أهدافه أي يبذل مزيداً من الجهد سواء في التدريب أو المنافسة ويستمر في العطاء بجد بالغ الوضوح بغض النظر عن طول ساعات التدريب أو طول فترات المعسكرات الإعدادية أو ما يحيط بالمنافسة من ظروف متغايرة.

إن ممارسة الأنشطة الرياضية تساعد على تحقيق التوازن النفسي وتقلل من التوتر حيث يترتب على الاشتراك فيها إشباع الميول والاتجاهات والحاجات النفسية والتعبير عن الذات وتفريغ الانفعالات المكبوتة.

شارك المقال على :