الأحد 16 نوفمبر 2025

عمر هلال.. عندما تتحوّل الدبلوماسية المخزنية إلى ارتباك مباشر على الهواء وتتحجج على المكر بالكلام المعسول.. بقلم: معمر قاني

تم التحديث في:
بقلم: معمر قاني
عمر هلال.. عندما تتحوّل الدبلوماسية المخزنية إلى ارتباك مباشر على الهواء وتتحجج على المكر بالكلام المعسول.. بقلم: معمر قاني

لم يكن الجزائريون بحاجة إلى دليل جديد يكشف ارتباك الخطاب المغربي الرسمي حول قضية الصحراء الغربية. لكن ممثل المغرب في الأمم المتحدة، عمر هلال، تكفّل مختارًا — وعلى الهواء مباشرة عبر قناة الـ بي بي سي — بتقديم برهان إضافي على العبثية التي تطبع الرواية المخزنية منذ عقود.

ففي حوار مع الإعلامية نوران سلام، طُرح عليه سؤال بسيط في صياغته، عميق في دلالاته:
“إذا كانت الصحراء مغربية، فلماذا تقترحون لها حكمًا ذاتيًا؟”

هلال، الذي تعوّد على أسئلة من نوع “نعم، بالطبع”، وجد نفسه هذه المرة أمام سؤالٍ لا يقبل الدوران، فابتسم وقال: “سؤال جيّد”. غير أن الجيّد لم يكن الجواب الذي قدّمه، إذ اختار ربط “الحكم الذاتي” — الذي يقدمه المغرب باعتباره “أقصى ما يمكن” — بشيء لا علاقة له بالقانون الدولي ولا بتاريخ النزاع:
“لأننا نريد حسن الجوار مع إخواننا الجزائريين.”

هكذا، بكل بساطة، يعترف ممثل المغرب أمام العالم بأن عرض الحكم الذاتي ليس “حلاً سيادياً”، ولا “مبادرة تاريخية” كما يروّج المخزن، بل مناورة موجهة نحو الجزائر، وكأن القضية مجرد ورقة استفزاز أو بطاقة مقايضة.

وكأننا سمعنا جواب عمر هلال من قبل؛ نعم تذكرت.. كلامه يشبه ألاعيب محمّد السادس وتصريحاته الوهمية حول اليد الممدودة، تلك اليد التي لا يمدها إلا وخنجر مسموم في يده الأخرى المختبئة خلف ظهره.
منطق هلال، الذي من المستحيل أن يكون ما على لسانه في قلبه، تمام مثل ملكه، يضع المغرب في ورطة دبلوماسية واضحة: كيف يمكن لبلد أن يزعم أن أرضًا “جزء لا يتجزأ من ترابه”، ثم يقترح لها نظام حكم ذاتي.. لا لشيء إلا لإرضاء جار لا يقبل المساومات في مبادئه؟
إنه الاعتراف الذي لم يكن المخزن يريده، لكنه خرج منه على لسان ممثله الأممي، بكل هدوء وابتسامة.

والمشهد يصبح أكثر مفارقة عندما نعلم أن الرجل نفسه قام بتغطية العلم الجزائري في إحدى جلسات مجلس الأمن. أي “حسن جوار” هذا الذي يبدأ بتمويه الأعلام وينتهي بالارتباك أمام سؤال مباشر؟
كيف يمكن لمن يزعم احترام “سيادة الآخرين” أن يحاول حجب رمز دولة بأكملها ثمّ يزعم أنّه يريد حسن جوار معها؟
إنها أفعال لا تصدر عن خطاب قوي، بل عن خطاب مرتبك يدرك هشاشته.

الجزائر، في المقابل، لا تختبئ خلف مصطلحات فضفاضة، موقفها ثابت: حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره حق غير قابل للمساومة ولا يُقايَض بالجوار ولا بالابتسامات الدبلوماسية.
بينما المخزن، على لسان هلال، يقدم الحكم الذاتي كهدية “حسن نية” لجارٍ لم يطلب هدايا، بل يطالب باحترام القانون الدولي.

ما حدث على الـ بي بي سي لم يكن مجرد زلة لسان أو ارتباك من سؤال مفحم؛ كان تلخيصًا مكثفًا لخلل عميق في الرواية الرسمية المخزنية، فحين يكون الدفاع عن “السيادة المغربية” المزعومة متوقفًا على إقحام الجزائر في كل جملة، فهذا يعني أن الخطاب لم يعد يجد ما يستند إليه سوى التلاعب بالرأي العام وافتعال خصومات وهمية.

لقد حاول هلال أن يبدو واثقًا، لكنه في النهاية كشف ما حاول المغرب إخفاءه طويلًا: أن الحكم الذاتي ليس “حلًا نهائيًا”، بل ورقة سياسية تُستخدم حسب السياق، وحسب من يجلس أمام المُحاور.

وما بين سؤال الصحفية نوران سلام وإجابة هلال، ظهر الفارق بين من يعتمد الحجة، ومن يعتمد المناورة.

رابط دائم : https://dzair.cc/npgg نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015