بقلم: بوبكر عبيد
إنّ حالة الصيانة المقلقة لفندق الأوراسي، المصنَّف خمسة نجوم وأحد أبرز معالم مجموعة الفندقة والسياحة والحمامات المعدنية، العمومية، كما تظهرها هذه الصور المتداولة، تتجاوز بكثير مسألة الراحة أو الصورة العامة. فهي تكشف عن واقع بنيوي أعمق: الحوكمة الحالية لمنشآتنا الفندقية العمومية باتت بحاجة ماسّة إلى إعادة نظر شاملة، منهجية، ومتناغمة مع المعايير الدولية.
ففي أي منظومة أداء ناجحة، ترتكز الحوكمة على ثلاثة أعمدة أساسية:
الشفافية، المسؤولية، والتقييم المستمر.
غير أن الفجوة الواضحة بين مستوى “5 نجوم” الذي يرفعه فندق الأوراسي شعاراً، وبين الحالة الفعلية لخدماته، تثير أسئلة جوهرية حول هذه الأسس. ومن المشروع اليوم طرح تساؤلات مؤسساتية جادة، من بينها:
● أين هي آليات الإشراف الاستراتيجي؟
● ما هي إجراءات التدقيق الداخلي والخارجي المعمول بها حالياً؟
● كيف يتم قياس الأداء العملياتي ومتابعته وتصحيح انحرافاته؟
● وما الدور الحقيقي الذي تؤديه هيئات الحوكمة في الرقابة والاستشراف وتحمّل المسؤولية عندما تتحول الاختلالات إلى طابع هيكلي؟
إن الحوكمة العمومية لم يعد ممكناً أن تقتصر على “إدارة أصول”، بل يجب أن تتحول إلى حوكمة أداء.
ولمعالجة الاختلالات بشكل جذري ومستدام، يطرح الكاتب مسارات إصلاح رئيسية، من بينها:
○ مراجعة أساليب تعيين المسؤولين، بالاعتماد على كفاءات معتمدة وذات خبرة، تخضع لالتزامات واضحة بالنتائج.
○ إرساء عمليات تدقيق مستقلة وربع سنوية وإلزامية تشمل الصيانة، جودة الخدمة، والتسيير المالي.
○ اعتماد مؤشرات أداء موحدة ومنسجمة مع المعايير العالمية للفندقة الراقية.
○ تعزيز مبدأ المساءلة: كل تقصير يستوجب ردّاً، وكل انحراف يتطلب تصحيحاً، وكل مسؤولية يجب أن تكون قابلة للتتبع.
○ تحديث إطار الحوكمة داخل مجموعة الفندقة والسياحة والحمامات المعدنية عبر توضيح الأدوار بين المقر العام، والإدارة التنفيذية، والوحدات الفندقية، والوصاية.
○ فتح الباب أمام شراكات في التسيير أو الخبرة لتسريع بناء الكفاءات وتحصيل الفعالية.
إن فندقاً “خمس نجوم” يفقد صيانته ليس مجرد مشكلة تقنية، بل هو خطر على صورة البلاد، وعلى مصداقية صناعتها السياحية، وعلى ثقة شركائها الدوليين.
فالجزائر تطمح إلى مكانة مستحقة ضمن المشهد السياحي المتوسطي، وهذا لن يتحقق إلا عبر منشآت نموذجية، وإطارات مسؤولة، وحوكمة قادرة على ضمان الاستمرارية والجودة والشفافية.
إصلاح الحوكمة هو طريق تحديث القطاع، وتحديث القطاع هو خطوة لترسيخ سيادة البلاد وتعزيز جاذبيتها.
