16 أكتوبر، 2025
ANEP الخميس 16 أكتوبر 2025

في محاولة بائسة لقمع احتجاجات جيل زد.. المخزن يسلط أحكاماً قضائية قاسية تصل إلى السجن 15 عامًا على الشباب السلمي

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
في محاولة بائسة لقمع احتجاجات جيل زد.. المخزن يسلط أحكاماً قضائية قاسية تصل إلى السجن 15 عامًا على الشباب السلمي

في مشهد يعكس تصاعد التوتر بين الدولة والمجتمع، دخلت المغرب مرحلة جديدة من القمع القضائي والسياسي، بعدما أصدرت محكمة الاستئناف في أكادير أحكاماً ثقيلة بالسجن تراوحت بين ثلاث وخمس عشرة سنة ضد خمسة عشر شاباً من المشاركين في احتجاجات جيل زد (Gen Z 212)، التي هزّت البلاد منذ أواخر سبتمبر.

الأحكام التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها “عدالة سريعة” و“انتقام سياسي” جاءت بعد أسابيع من مظاهرات سلمية نظمها شباب من مختلف المدن المغربية، مطالبين بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، ومحاربة الفساد والبطالة، ورفع التهميش عن مناطقهم. لكن ما بدأ كصرخة جيل جديد للمطالبة بالكرامة تحول إلى ملف أمني ثقيل تعاملت معه سلطات المخزن بقبضة حديدية.

أحكام جنائية لتجريم الغضب الشعبي

تضمنت التهم الموجهة إلى المعتقلين “إهانة موظفين عموميين”، و“تخريب ممتلكات عامة”، و“السرقة بالعنف”، و“إضرام النار عمداً”، وهي تهم تُستخدم —بحسب مراقبين— لتغليف الغضب الاجتماعي بغلاف “جنائي”، وتبرير التنكيل القضائي بالمتظاهرين.

وبحسب الصحافة المغربية المستقلة، فإن عدد المدانين الحقيقيين قد يصل إلى 17 شخصاً، بينهم ثلاثة حُكم عليهم بـ15 سنة سجناً نافذاً، في حين يواجه أكثر من مئة آخرين الحبس الاحتياطي في مدن متعددة، مع فرض المراقبة القضائية على مئات آخرين.

من احتجاجات سلمية إلى مواجهات دامية

اندلعت الشرارة الأولى في بلدة آيت عميرة جنوب أكادير ليلة الأول من أكتوبر، حين خرج عشرات الشباب في مسيرات احتجاجية سرعان ما تحولت إلى مواجهات مع قوات الأمن، بعد محاولات تفريق المحتجين بالقوة.

وبينما تتحدث سلطات المخزن عن أعمال تخريب ونهب، تؤكد تقارير ميدانية أن العنف بدأ من جانب الأجهزة الأمنية، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في مناطق مثل القليعة، حيث وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش مقتل ثلاثة متظاهرين بالرصاص، بينهم شاب في العشرين من عمره.

جيل يثور ضد اللامساواة واللامبالاة

حركة Gen Z 212 —التي تحمل رمز الاتصال الدولي المغربي— باتت تمثل جيل الغضب الصامت، جيل يعيش البطالة بنسبة تفوق 35% ويشعر أن وعود التنمية لا تصل إليه، فيما تُصرف المليارات على مشاريع فخمة واستعراضات سياسية مثل التحضيرات لمونديال 2030.

هؤلاء الشباب رغم أنه طالبوا سلمياً بالعدالة الاجتماعية وتحسين التعليم والصحة، إلا أن ردّ المخزن كان قمعياً وعنيفاً، ما حوّل الاحتجاجات إلى معركة رمزية بين السلطة والمستقبل.

خطاب ملكي منفصل عن الواقع

وفيما كانت المحاكم تصدر أحكامها القاسية، خرج الملك محمد السادس في خطاب بتاريخ 10 أكتوبر يدعو إلى تحسين التعليم والصحة وخلق فرص عمل للشباب. لكن اللافت أنه لم يأتِ على ذكر الاحتجاجات أو المعتقلين أو القتلى، ما فُسِّر في الشارع المغربي على أنه تجاهل متعمد ومزاعم على العادة الإصلاح دون إرادة سياسية حقيقية لتغييره.

بلد على حافة الانفجار الاجتماعي

يرى محللون أن النظام المغربي يواجه اليوم تحدياً من نوع مختلف: ليس معارضة سياسية تقليدية، بل جيل جديد وُلد في زمن الإنترنت، لا يخاف ولا يثق في الإعلام الرسمي ولا في الأحزاب. جيل يتكلم بلغة العالم ويرى تناقضات المخزن بالعين المجردة على شاشاته الصغيرة.

ورغم محاولات سلطات الملك محمد السادس فرض الصمت عبر الاعتقالات والقمع، فإن موجة الغضب هذه —بحسب المراقبين— ليست إلا مؤشراً على انفجار اجتماعي قادم إذا لم تُفتح قنوات حقيقية للحوار وتُقدَّم حلول ملموسة.

بين الخطاب الملكي عن العدالة الاجتماعية والواقع الأمني الذي يكمم أفواه الشباب، يقف المغرب على مفترق طرق: إما أن يصغي لصوت جيل يريد العيش بكرامة، أو أن يستمر في دورة القمع التي لن تُسكت إلا حين يفوت الأوان.

رابط دائم : https://dzair.cc/73zz نسخ