الأحد 03 أوت 2025
إعلان
ANEP PN2500003

قرار الجزائر وقف استيراد القمح الفرنسي يطيل أزمة مزارعي الحبوب في فرنسا لعام إضافي

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
قرار الجزائر وقف استيراد القمح الفرنسي يطيل أزمة مزارعي الحبوب في فرنسا لعام إضافي

يُعاني منتجو القمح في فرنسا من التأثير المُتزايد لقرار الجزائر وقف واردات القمح من مُورّدها الأوروبي الرئيسي سابقًا. ما اعتُبر في البداية توترًا دبلوماسيًا مؤقتًا، تحوّل الآن إلى صدعٍ هيكليٍّ شامل في التجارة الزراعية الثنائية، وهو ما يُحذّر مزارعو الحبوب الفرنسيون من أنه قد يُؤدي إلى أزمةٍ هيكلية.

للموسم الثاني على التوالي، لم تُصدّر فرنسا طنًا واحدًا من القمح إلى الجزائر، التي كانت في السابق أكبر مُشترٍ لها. وفي حديثه مع “بلين شامب”، وهي مجلة زراعية فرنسية رائدة، أكد مهندس أعمال في بنك كريدي أغريكول: “الجزائر غائبةٌ منذ عامين. لم يُصدّر طنٌ واحدٌ لموسم 2024-2025”. يُؤكد هذا التصريح المُقلق على خطورة هذا الصدع، الذي لم يُقلّل من حجم الصادرات فحسب، بل أثّر أيضًا على التوقعات المالية لقطاع الحبوب الفرنسي. مع إنتاج إجمالي متوقع يبلغ 33 مليون طن، تتوقع فرنسا تصدير 8 ملايين طن فقط، وهو أقل بكثير من متوسطها المعتاد. ويترك غياب السوق الجزائرية فرنسا عرضة للإفراط في الإنتاج وعدم بيع المخزون، مما يزيد الضغط على قطاع يعاني أصلاً من ضغوط كبيرة ويواجه منافسة عالمية شرسة. وقد تُكلف هذه الخسارة فرنسا أيضاً المركز السادس بين مُصدري القمح العالميين، مما قد يُضعف موقفها لصالح الأرجنتين، حيث تُوسع دول مُصدرة رئيسية مثل روسيا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة الفجوة.

وتعود نقطة التحول إلى أكتوبر 2021، عندما قررت الجزائر، رداً على تصريحات مُستفزة للرئيس إيمانويل ماكرون بشأن تاريخها الاستعماري، عدم تجديد عقود استيراد القمح مع فرنسا. وكان للأزمة الدبلوماسية عواقب تجارية فورية: توقف مفاجئ وكامل لتدفق تجاري كان يُمثل، حتى عام 2020، ما يقرب من 40% من واردات الجزائر من القمح، أي ما يُقارب 3.2 مليون طن سنوياً.

ومنذ ذلك الحين، سعت الجزائر إلى تنويع مصادر وارداتها، بالتركيز على أسواق روسيا وأوكرانيا وكندا. ولكن إلى جانب مجرد إعادة تنظيم التجارة، رسخت استراتيجية الجزائر مبدأ السيادة الغذائية. وقد أكد الرئيس عبد المجيد تبون مرارًا وتكرارًا على ضرورة تقليل الاعتماد على واردات الحبوب، واصفًا إياه بأنه “غير مقبول” و”مخزٍ”، لا سيما بالنسبة لأمة تتمتع بأراضٍ شاسعة وخصبة.

وفي إعلان تاريخي، أعلن الرئيس تبون خلال لقائه الإعلامي الوطني الأخير أن الجزائر حققت، لأول مرة منذ الاستقلال، الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح الصلب. كما سلط الضوء على المكاسب الكبيرة في محاصيل الذرة والشعير والقمح اللين، مشيرًا إلى أنها دليل واضح على نجاح الاستراتيجية الزراعية المُجددة للجزائر، والتي تركز على توسيع الأراضي وحوافز الاستثمار الخاص.

ويحمل هذا التحول ثقلًا مزدوجًا: فهو يؤكد عزم الجزائر المتزايد على إعادة تعريف تبعياتها الاقتصادية، ويعكس إعادة تقييم أوسع لديناميكيات التجارة في فترة ما بعد الاستعمار. بالنسبة لمُصدّري الحبوب الفرنسيين، الدرس قاسٍ. فبفضل علاقاتهم التاريخية العريقة، لم يعد من الممكن اعتبار وصولهم إلى الأسواق الاستراتيجية أمرًا مفروغًا منه.

رابط دائم : https://dzair.cc/yuyb نسخ