الاثنين 21 جويلية 2025

لغة الضاد في الإعلام: رسالة وهوية ومسؤولية… بقلم وزير الاتصال الدكتور محمد مزيان

نُشر في:
بقلم: وزير الاتصال الدكتور محمد مزيان
لغة الضاد في الإعلام: رسالة وهوية ومسؤولية… بقلم وزير الاتصال الدكتور محمد مزيان

شكلت اللغة العربية في المبتدأ والخبر رافعة حضارية للأمة، وجسرًا للتلاقي والتفاهم والتفاعل وعنوانا للهوية والسيادة.

كما تبرز اليوم أمام تحديات العولمة والتغريب اللغوي وهيمنة الاعلام الرقمي، متعدد اللغات، الحاجة الملحة لإعادة الاعتبار للغة الضاد داخل مؤسسات الإعلام العربي، لا بوصفها أداة للتواصل فحسب، بل كحامل للمعنى، ومرآة للوجدان، وخزانًا للثقافة ولمعاني الأشياء.

إن وزارة الاتصال، وهي تشرف على ملتقى الضاد في وسائل الاعلام، تؤمن بدور الاتصال في تعزيز الهوية اللغوية، ونقل الخطاب العربي بمضامينه الأصلية إلى الأجيال الصاعدة، ونرى بأن الدفاع عن العربية لا يكون برفع الشعارات، بل بإنتاج مضمون محترم وهادف.

ونحتفي في الجزائر اليوم، بتنظيم الملتقى العربي الأول حول مكانة اللغة العربية في المنابر الإعلامية، تحت شعار “لغة الضاد في وسائل الاعلام: الواقع والافاق”.

وبمبادرة مباركة أطلقتها جمعية الكلمة للثقافة والاعلام، تحت رعاية وزارة الاتصال، وبمشاركة كوكبة من الإعلاميين، الأكاديميين والمفكرين العرب، والذين أبوا إلا أن يسجلوا حضورهم خلال هذا الحدث الثقافي والإعلامي النوعي.

في هذا السياق، يجب التذكير، أنه من ضمن واجبات الإعلاميين، كما هو متعارف عليه، الاجتهاد من أجل تطوير تواجد اللغة العربية في وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، بما يضمن ديمومتها وبما يقوي أداءها في إنتاج المضامين الإعلامية على مستوى هذه الوسائط.

وعندما نتحدث كذلك عن مكانة اللغة العربية في فضاءات الاتصال، فان ذلك يستدعي تناول مسألة هامة جدا، وتتعلق بأخلاقيات المهنة. فمن المنتظر أن تتم مناقشة هذا الموضوع الحساس، خلال هذا الملتقى، وذلك للمساهمة في مواجهة الظواهر التي طرأت على العمل الاعلامي، كنشر الأخبار الكاذبة والخطابات المثيرة للتفرقة والشقاق والتي تهدف إلى ضرب وحدة الأمة.

وبذلك فإننا ننتظر أن يطرح المشاركون موضوع الإعلام الهادف الذي يعزز السيادة الوطنية ويواكب تطلعات الشعوب.

ومن الخاصيات التي تتمتع بها اللغة العربية، والتي يعترف بها حتى أولئك الذين لا ينطقون بها، ثراء معجمها ويسر قواعدها النحوية، ويبدو أن ذلك لم يشفع لها لدى البعض من مستخدميها في وسائل الاعلام، حيث أصبحت اللغة المستعملة مبتذلة في الأسلوب، بالإضافة إلى عدم التحكم في ناصيتها.

وما دام لا يوجد مقال جيد في جريدة رديئة، على حد قول أحد المفكرين العرب، فإنه وبالضرورة لا يوجد مقال جيد مثقل بالأخطاء اللغوية. وعليه، فمن الضروري معالجة هذه المسألة لإيجاد آليات كفيلة بالحفاظ على سلامة وجودة هذه اللغة التي تنفرد بفصاحتها عن باقي اللغات.

وفي هذا الإطار، فإن أولوية التكوين المستمر للإعلاميين أصبحت أكثر من ضرورة، تماشيا مع تحديث أدوات العمل بما يواكب الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في الإعلام الرقمي.

ويجب التنويه هنا أن اللغات الحية لا تقاس، اليوم، بعدد المتحدثين بها، وإنما بمدى استعمالها في الفضاء الأزرق وفي شبكات التواصل الاجتماعي.

وعلى هذا المستوى، فاللغة العربية لم تنطلق من العدم، لكونها متواجدة في هذه الفضاءات، ويجب فقط تأكيد حضورها وترسيخه من خلال إنتاج مضامين نوعية وجيدة، بما يضمن للإعلام العربي التصدي وبقوة للهجمة التي تستهدفه والتي تدخل ضمن الحرب المعرفية.

ويأتي هذا الملتقى في وقت تزداد فيه الحاجة إلى بناء جبهة إعلامية عربية موحدة، قادرة على التصدي لحملات التضليل والتشويه التي تستهدف المجتمعات العربية. ويُرتقب أن يُسهم الملتقى في وضع تصور عملي لتكامل الجهود الإعلامية العمومية والخاصة في هذا السياق.

وعليه، فمن المنتظر أن يتم التركيز على تقييم الأداء الإعلامي العربي واقتراح آليات لتطويره وتحسين فعاليته.

وبهذا، يشكّل الملتقى منصة لتشجيع التنسيق بين الإذاعات والتلفزيونات العربية، من خلال تبادل البرامج والخبرات، وتأسيس مشاريع إعلامية مشتركة تدعم قيم الحوار والتكامل والتنمية. ويُنتظر أن يفتح آفاقًا جديدة أمام التعاون الإعلامي العربي في زمن الرقمنة.

إن هذا الملتقى يكتسي طابعًا استراتيجيًا، إذ يسعى إلى إعادة الاعتبار للغة الضاد في الفضاء الإعلامي، وإلى بلورة رؤى موحّدة تدعم الإعلام المهني الملتزم بالهوية والقيم. إنها فرصة لإطلاق مشروع إعلامي عربي مشترك يليق بلغتنا، ويواكب رهانات الحاضر والمستقبل.

م.م

رابط دائم : https://dzair.cc/laxu نسخ