6 سبتمبر، 2025
ANEP السبت 06 سبتمبر 2025

لقاء دي ميستورا – بولوس (مستشار ترامب): أوهام الطرح المغربي تصطدم مع حقائق الشرعية الدولية وصرامة الدبلوماسية الجزائرية

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
لقاء دي ميستورا – بولوس (مستشار ترامب): أوهام الطرح المغربي تصطدم مع حقائق الشرعية الدولية وصرامة الدبلوماسية الجزائرية

عاد ملف الصحراء الغربية إلى الواجهة بحدة خلال لقاء جمع يوم أمس الجمعة في نيويورك بين مسعد بولوس، المستشار الأمريكي للعلاقات الإفريقية، وستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية. اللقاء حمل في طياته تضاربًا جليًا بين التوجه الأمريكي الداعم بشدة لطرح الحكم الذاتي المغربي، وبين التحفظات الدولية القائمة على مرجعيات الأمم المتحدة ومطالب الشعب الصحراوي، ومحاذير دي ميستورا من اعتماد تصريحات دعم غير مدعومة بإجراءات تنفيذية شفافة.

دعم ترامب لخرافة “الحكم الذاتي تحت السيادة المزعومة للمغرب”: إدارة أمريكية تتبنى طرحاً تدرك جيّداً عدم واقعيته

في تصريحات نشرها بولوس عبر حسابه الرسمي، أصرّ مجدّداً على موقف الولايات المتحدة “الثابت” بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي «الحل الواقعي الوحيد» للنزاع، دون أن يصطدم بالوقائع والحقائق التي تكتنف النزاع حول آخر مستعمرة في العالم، الأمر الذي أجبره على أن يستدرك ويضيف بقوله: “إن واشنطن تقدّر دور بعثة “مينورسو” كعنصر استقرار”، داعيًا إلى “تنسيق دائم قبل مناقشة ملف الصحراء في مجلس الأمن خلال أكتوبر المقبل.”

رد دي ميستورا: ردّ دبلوماسيّ بوعي بالواقع الدولي

ردّ المبعوث الأممي بحذر دبلوماسي الواضح اقتضاه اللقاء مع ممثل رئيس في حجم دونالد ترامب، ما استدعى منه “الإشادة” بالطرح الأمريكي، لكن لا على سبيل كونه بديلا واقعيا وإنما من قبيل تشجيع جميع المتدخلين على الاهتمام بالقضية الصحراوية وبذل الجهود الدولية لحل نزاعها المستحكم، ورغم ذلك لم ينسَ دي ميستورا أن يكون صريحا أكثر من وضوحه في البداية، ففي النهاية لا يصحّ إلا الصحيح؛ فالدعم الأمريكي-الفرنسي لخطة الحكم الذاتي لا معنى له في ظل عدم وجود ضمانات لإنهاء النزاع ما لم تترجم التصريحات إلى خطوات تنفيذية حقيقية، لا يبدو أنها موجودة مع اقتراحات لا تملك سياسة تطبيقها، وهذا ما حدا بـ دي ميستورا لأن ينبّه إلى أن اعتماد “التوضيح” كبديل عن تفاهم سياسي واضح وموثّق قد يعطي المؤيدين للطرح الشرعي وعلى رأسهم الجزائر، فرصة لتعطيل المسار في ظل عدم تقديم بدائل واضحة، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة حاسمة، وأن الانتظار حتى أكتوبر المقبل لا ينبغي أن يستمر باتجاه مبهم.

تصادم الدبلوماسيتين الأمريكية المغربية مع المقاومة الدولية للمخزن

الموقف الأمريكي جاء ليعزز ما يروّجه الإعلام الرسمي المغربي من تفاؤل مفرط حول “خطة سوية وجديرة بالثقة” كحل نهائي، فيما تسعى الرباط عبر البروباغندا والترغيب والابتزاز إلى تجنيد دولٍ صامتة لقبول أطروحتها. لكن هذا الطرح يتصادم مع مرجعيات الأمم المتحدة التي ظلّت مصرة على إجراء استفتاء تقرير المصير، ومع الدبلوماسية الجزائرية التي تجد دعمًا واسعًا في أوساط المجتمع الدولي وخاصة في إفريقيا، من أجل التمسك بالشرعية الدولية.

أوهام وأضاليل أبواق المخزن: تفاؤل غير مدعوم بممارسات عادلة

رغم دعم واشنطن في ظل إدارة ترامب المتحمسة لاتفاقات أبراهام الصهيونية، لخطة الحكم الذاتي، إلا أن تحليل تصريحات بولوس يظهر أن الرسالة الأميركية مدروسة لخدمة مصالح المغرب –إقليمية ودولية– ولكنها لاستراتيجية لا تزود المسارين السياسي والقانوني لتطبيق الخطة بإطار واضح أو شفاف. لذا فإن التفاؤل المفرط الذي يروّج له إعلام المخزن لا يرتكز على خطوات ملموسة، وإنما على الترويج الإعلامي والاعتماد على حشد مواقف دبلوماسية مرحبة دون رقابة فعلية على التنفيذ.

الشرعية الدولية والإصرار الصحراوي: المعيار الحقيقي والأوحد للحل النهائي

في مقابل هذا الطرح الواهم والمضلل، تظل مواثيق الأمم المتحدة مرجعية ثابتة. فقد أكدت قرارات مجلس الأمن مرارًا على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير عبر استفتاء يضم الاستقلال. هذا الموقف الوطني الصحراوي والدولي يزداد تأكيدًا من خلال مواقف الجزائر التي تنظر للصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار. وبالتالي، فإن الحل النهائي لا يمكن أن يتأسس على أوهام بولوس أو تصريحات المخزن الإعلامية، بل على احترام إرادة الشعب الصحراوي وقرارات الأمم المتحدة وجهود دبلوماسية تدعم استقلاليته الفعلية.

لقد كشف لقاء دي ميستورا – بولوس بوضوح عن فجوة كبيرة بين الطرح المغربي المدعوم أمريكيًا وبين الحقائق الميدانية والقانونية. بينما يسعي المغرب وواشنطن إلى فرض خطاب الحكم الذاتي كـ”الحل الوحيد”، أكد دي ميستورا أن المسار لا يمكن أن يستند إلا إلى التزامات شفافة وتسوية سياسية حقيقية، وإلا فإن الفرصة المفتوحة أمام دعم الشرعية الدولية سيظل السد أمام انفراد المخزن بفرض رؤيته. في نهاية المطاف، فإن حل الصحراء لن يُبنى على أوهام إعلامية أو تضليل ممارس، بل على إرادة الشعب الصحراوي وقرارات الأمم المتحدة التي ترسخ الحق في تقرير المصير.

رابط دائم : https://dzair.cc/1mbw نسخ