الاثنين 21 جويلية 2025

مؤتمر الريف الدولي المقام بالجزائر يفضح جرائم المخزن ويشدّد على الدفاع عن حق الشعب الريفي في تقرير مصيره

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
مؤتمر الريف الدولي المقام بالجزائر يفضح جرائم المخزن ويشدّد على الدفاع عن حق الشعب الريفي في تقرير مصيره

في إدانة قوية لسياسة الدولة المغربية، كشف مؤتمر دولي عُقد في الجزائر العاصمة يوم الأحد عن حجم القمع الممنهج، والطمس التاريخي، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام المغربي ضد سكان منطقة الريف.

وشكّل المؤتمر، الذي حمل عنوان “وضع حقوق الإنسان في الريف المحتل”، نقطة تحول في النضال العابر للحدود من أجل العدالة والسيادة في واحدة من أكثر مناطق شمال أفريقيا تهميشًا.

ونظم هذا الحدث حزب الريف الوطني بالتنسيق مع مرصد الريف لحقوق الإنسان، وجمع ائتلافًا متنوعًا من الشخصيات السياسية، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والخبراء القانونيين، والصحفيين من الجزائر وخارجها، كانت رسالتهم الجماعية جلية لا لبس فيها: لشعب الريف حقٌّ غير قابل للتصرف في تقرير المصير، والكرامة، والحرية – حقوقٌ مُنتهكةٌ دون عقاب منذ عام 1956.

وبعد أداءٍ مهيبٍ للنشيد الوطني لجمهورية الريف، افتتح يوبا الغديوي، المتحدث الرسمي باسم الحزب، المنتدى بتذكيرٍ واضح: “يُمثّل هذا التجمع بداية خارطة طريق قانونية وسياسية لإعادة العدالة لشعبٍ طال دفن قضيته المشروعة تحت طبقاتٍ من التشويه والتهميش والإنكار الرسمي”.

وحدّد الغديوي الركائز الأساسية للمؤتمر – الحقيقة، والعدالة، والسيادة – وكلٌّ منها يهدف إلى تفكيك آليات القمع واستعادة الرواية التاريخية. وقال: “يجب أن نُفكّك الروايات التاريخية المُختلقة التي شوّهت سمعة مقاومة الريف، وأن نُعيد تأكيد حقيقة جمهورية وُلدت عام 1921 وسُحقت تحت وطأة وحشية الاستعمار”.

ففيما يتعلّق بالعدالة دعا المتحدث إلى إجراء تحقيقات دولية في انتهاكات المغرب الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، والتي تشمل استخدام الأسلحة الكيميائية، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والمحاكمات ذات الدوافع السياسية، مشدّداً على ضرورة محاسبة الجناة، حيث أكدّ في هذا الشأن بقوله: “الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي – وهذا ما يقتضيه القانون الدولي”.

أما في شقّ السيادة، فيستند -حسب الغديوي- إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 (1960)، الذي يؤكد حق الشعوب المستعمرة في الاستقلال. حيث صرح وسط تصفيق حار: “السيادة ليست هبة، بل حق مكتسب. ولن يتوقف شعب الريف حتى يستردها”.

وفي شهادة مشحونة بالعاطفة، روى علي عراس، وهو سجين سياسي سابق عُذب في السجون المغربية، الأهوال التي تحملها تحت وطأة اتهامات باطلة. وقال بصوت مرتجف: “أنا دليل حي على وحشية النظام المغربي”. لقد حطموا جسدي، لكنهم لم يحطموا قناعتي. أقف اليوم إلى جانب كل ريفي يُكمم صوته خلف القضبان.

من جانبها أكّدت ماري فرانسواز ديبروز، المدافعة البلجيكية عن حقوق الإنسان وعضوة لجنة “أطلقوا سراح علي عرّاس”، شاركت سنوات من مناصرتها لإطلاق سراحه، على التزام المجتمع الدولي بالتدخل. وقالت: “لقد جُرِّم أهل الريف لمجرد تجرؤهم على المطالبة بالكرامة. يجب أن ينتهي هذا”.

بدوره، وصف أسامة رضوان، رئيس الحزب الوطني الريفي، النضال بأنه نضال متجذر في خيانة ما بعد الاستعمار. وقال: “منذ الضم غير الشرعي للريف عام 1956، عانى شعبنا من محو منهجي”. وأدان الفظائع التي ارتُكبت عام 1959، بما في ذلك حرق القرى والاغتصاب الجماعي والإعدامات والاختفاء القسري، ووصفها بأنها “حملة متعمدة لمحو الهوية الريفية”.

كما شهدت الجلسة مشاركة كينيث كونين، الأمين العام للحزب الشيوعي في إسواتيني، الذي أعلن تضامنه الكامل مع قضية الريف. وقال: “إن نضال الريف هو مرآة لجميع النضالات ضد الاستعمار. العدالة والسيادة والحرية غير قابلة للتفاوض”، وحثّ المجتمع المدني والمحاكم الدولية على التحرك.

من جهتها، أكدت شارون رييس، المدافعة الهولندية عن حقوق الإنسان، على أهمية خلق مساحات للحوار المفتوح والمساءلة التاريخية. وقالت: “يُعدّ هذا المؤتمر منصة حيوية لتمكين جيل الشباب بالمعرفة والشجاعة”. وبالمثل، دعت الصحفية الإسبانية آنا كوتيلا وسائل الإعلام إلى كسر الصمت. وأكدت أن “قصة الريف قصة مقاومة وألم. إنها تستحق عناوين رئيسية لا هوامش”.

وفي كلمتهم الختامية، أكد ممثلو مختلف الأحزاب السياسية الجزائرية دعمهم الثابت لقضية الريف، منددين بطموحات المغرب التوسعية وأساليبه القمعية. وصرح أحد المندوبين: “الريف لم يُنسَ”. “إن تحريره مسألة عدالة ومسؤولية تاريخية”.

رابط دائم : https://dzair.cc/wkyf نسخ