الاثنين 16 جوان 2025

مجلة فورين أفيرز الأمريكية: الاحتجاجات الشعبية ضد الكيان أدت إلى تحويل مسار التطبيع ليصبح أقرب إلى “كلب لا ينبح”

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
مجلة فورين أفيرز الأمريكية: الاحتجاجات الشعبية ضد الكيان أدت إلى تحويل مسار التطبيع ليصبح أقرب إلى “كلب لا ينبح”

وصفت مجلة فورين أفيرز الأميركية الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في عدة دول عربية، عقب الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، بأنها قوة غير ظاهرة لكنها مؤثرة، تساهم في كبح تقدم مسار التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني. وأشارت إلى أن هذه الاحتجاجات، رغم عدم انتشارها الواسع أو حصولها على تغطية إعلامية دولية كافية، تعكس تحولاً مهماً في الرأي العام.

وأكد المقال أن غياب التقدم في مسار التطبيع يمثل المؤشر الأهم للتغير في الديناميكيات الإقليمية، إذ أظهرت المجلة أن بعض الحكومات قد باتت مجبرة على إعادة النظر في خطواتها تحت ضغط شعبي متزايد.

في المغرب، الذي وقّع اتفاق التطبيع رسمياً، زادت حدة الاحتجاجات الشعبية بشكل كبير بعد أحداث 7 أكتوبر. فبحسب التقرير، شهدت البلاد أكثر من 110 تظاهرات في يوم واحد خلال أبريل 2025، توزعت على 66 مدينة وبلدة. ورغم مواجهتها بالقمع والاعتقالات، استمر الحراك بنقل نشاطه من الشوارع إلى الموانئ. استهدفت الاحتجاجات السفن التي يُشتبه في دعمها لإسرائيل، وشهدت انضمام أكبر النقابات العمالية المغربية للمظاهرات، مطالبة الحكومة بمنع عبور السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر المياه المغربية.

وأوردت المجلة أيضًا أن مستوى التعاطف الشعبي العربي مع القضية الفلسطينية لم يضعف، بل تعزز بشكل ملحوظ. وأظهرت نتائج استطلاعات الباروميتر العربي أن غالبية المشاركين من دول مثل المغرب والكويت يرون العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة بأنها تندرج ضمن مسميات مثل الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي. كما انخفضت نسبة تأييد التطبيع في المغرب من 31% في عام 2022 إلى 13% فقط بعد أكتوبر 2023. الوضع بدا أكثر رسوخاً في تونس، حيث لا تتعدى نسبة المؤيدين لإسرائيل 3%.

وأوضحت الدراسة أن هذه الموجة الاحتجاجية لم تؤدِ إلى مواجهات مباشرة بين الحكومات العربية وإسرائيل، لكنها فرضت قيوداً كبيرة على التحركات الدبلوماسية، مما أضعف زخم اتفاقيات التطبيع التي بدأت باتفاقات أبراهام عام 2020.

وفي الأردن، الدولة التي تربطها معاهدة سلام مع إسرائيل منذ عام 1994، شهدت العاصمة عمان احتجاجات يومية خاصة أيام الجمعة منذ أكتوبر 2023. وأدى هذا التصعيد الشعبي إلى سحب السفير الأردني من تل أبيب في نوفمبر وعدم قبول سفير إسرائيلي جديد. ورغم استمرار التعاون الأمني بين البلدين، تسبب ذلك في موجة غضب مجتمعية دفعت الحكومة إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت تقود تلك المظاهرات.

أما في الكويت، فرغم الحظر الرسمي على التظاهر، وجد المواطنون طرقًا غير مباشرة للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. فقد قاطع 84% من الكويتيين شركات تدعم إسرائيل، وتبرع 62% منهم لغزة؛ بينما استخدم آخرون وسائل التواصل الاجتماعي أو شاركوا في أنشطة داعمة.

وتطرق التقرير أيضًا إلى تأثير هذه التحولات على مواقف الحكومات العربية، إذ أصدرت السعودية بياناً في فبراير 2025 يشدد على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس يمثل شرطاً لا يمكن التفاوض عليه لأي علاقات مع إسرائيل. أما مصر، فقد تقدمت بخطة لإعادة إعمار غزة تحت إشراف عربي، في خطوة فسرتها المجلة على أنها محاولة لاحتواء الغضب الداخلي.

التقرير اختتم بتسليط الضوء على تدني النظرة الإيجابية تجاه الولايات المتحدة وحلفائها، حيث سجل الأردن وموريتانيا ولبنان انخفاضًا ملحوظًا في هذا السياق. بالمقابل، تحسنت صورة الصين لدى الرأي العام العربي، خاصة في المغرب والأردن والعراق.

خلصت المجلة إلى أن هذه الاحتجاجات، رغم ما تواجهه من تضييقات وقمع، تنجح في فرض خطوط حمراء أمام الحكومات العربية التي تجد نفسها عاجزة عن تجاهل صوت الشارع. فبينما قد لا يتحدون إسرائيل علنًا، بات واضحًا أنهم يواجهون قيودًا صارمة بفعل إرادة شعوبهم.

رابط دائم : https://dzair.cc/0ltx نسخ