25 أغسطس، 2025
ANEP الاثنين 25 أوت 2025

محمد السادس يعدّ أيامه الأخيرة على عرش المغرب ويطوي عهداً سيئا من الحكم دون أن ينتهي الصراع حوله

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
محمد السادس يعدّ أيامه الأخيرة على عرش المغرب ويطوي عهداً سيئا من الحكم دون أن ينتهي الصراع حوله

لأول مرة، تتناول وسيلة إعلامية فرنسية مرموقة، على غرار صحيفة “لوموند”، بشكل موسع ما يصفه بعض المحللين بـ”نهاية عهد الملك محمد السادس”، حيث يتعمق التحقيق في استعراض التوترات وإعادة ترتيب السلطة والقلق الداخلي داخل أروقة القيادة المغربية.

وبحسب ما أوردته الصحيفة، يسود مناخ يوحي بأن الحقبة الحالية تقترب من نهايتها. إلا أن هناك وجهة نظر أخرى تشير إلى أن ما تشهده الساحة المغربية هو عملية إعادة صياغة دقيقة للتوازنات داخل النظام، حيث تتداخل الحالة الصحية للملك، وصعود شخصية ولي العهد مولاي الحسن، مع ديناميكيات النفوذ داخل “المخزن”.

فعلى مدار الأعوام الماضية، أصبح غياب الملك محمد السادس، الذي يبلغ من العمر 62 عامًا، عن الأنظار لفترات طويلة وتناقض إطلالاته العلنية محط تساؤلات واسعة حول قدرته على الاستمرار في قيادة البلاد. في ظل ذلك، يبرز ولي العهد مولاي الحسن (22 عامًا) بالتدريج كشخصية محورية من خلال ظهوره المتزايد في الأحداث الرسمية وترقيته الأخيرة في الرتب العسكرية.

أما على صعيد الوضع الداخلي، فلا تزال التوترات قائمة. العلاقة السابقة التي جمعت الملك بالإخوة زعيتر، الذين عرفوا بسمعة مثيرة للجدل، أثارت قلقًا داخل الأوساط التقليدية للنخب المغربية، قبل أن يتم احتواء الجدل الذي خلفته. وفي الآونة الأخيرة، فجّرت عمليات قرصنة استهدفت مسؤولين رفيعي المستوى ضجة بعد الكشف عن معلومات حساسة تتعلق بثرواتهم. الجهة المعلنة عن هذه التسريبات، التي تطلق على نفسها اسم «JabaRoot DZ»، جعلت أغلب الأوساط في المغرب توجّه أصابع الاتهام للجزائر، وهو ما اعتبره البعض محاولة تمويه لإخفاء احتمال أن تكون الخلافات داخل الأجهزة الأمنية المغربية هي السبب الفعلي.

من جانب آخر، أثارت عودة الأميرة لالة سلمى، الزوجة السابقة للملك، إلى المشهد بعد غياب طال لسنوات موجة تساؤلات حول دوافع هذا الظهور وموقعها المستقبلي المحتمل بجانب ولي العهد، خصوصاً بعد ظهورها العلني برفقة ابنها.

أما اقتصاديًا، فإن رئيس الحكومة ورجل الأعمال عزيز أخنوش يبقى رمزًا واضحًا للتقاطع بين السياسة وعالم الأعمال، حيث يتزايد الاستياء الشعبي تجاه ما يُعرف بـ”رأسمالية المحاباة”، إلا أن صورة الملك لا تزال محمية بقدسية سياسية تحول الانتقادات بعيدًا عن شخصه لتصب على الدوائر المحيطة به. وفي خلاصة تناول لوموند للمشهد، يختلف التوصيف بين من يرى أن المملكة تعيش أجواء “نهاية عهد”، ومن يعتبرها مرحلة تحول تعاد فيها صياغة موازين القوى تحضيرًا لمعركة الخلافة.

وتُبرز تحقيقات لوموند كيف أن الاقتصاد المغربي خلال فترة حكم الملك محمد السادس تتسم بتشابك كبير بين الملكية والقطاع الخاص. وتعد مجموعة “سيجر”، الذراع الاستثماري للعائلة المالكة، نموذجًا لذلك، حيث تنشط في مجالات البنوك والطاقة والزراعة والعقارات. ومن أبرز الصفقات التي تؤكد حضور القصر في الاقتصاد تلك التي وُقعت في عام 2024 مع مجموعة “طاقة” الإماراتية بقيمة 12 مليار يورو.

وفي الإطار ذاته، يعدّ عزيز أخنوش مثالًا لدمج النفوذ السياسي بالاقتصادي من خلال ملكيته لمجموعة “أكوا” ووجوده على رأس الحكومة. لكن صفقات مثل مشروع تحلية مياه الدار البيضاء سلطت الضوء على تضارب المصالح المحتمل في أدواره، ما أثار جدلًا واسعاً رغم محاولاته نفي ذلك.

ومن اللافت أن منابر إعلامية مقربة من القصر مثل موقع “Le360” لم تتردد في توجيه انتقادات حادة لأخنوش، في خطوة قد تعكس استراتيجية واضحة لتحويل الغضب الشعبي نحو الشخصيات السياسية مع الحفاظ على صورة الملك بعيدة عن أي اتهامات أو شبهات، لتبقى هذه المعادلة التقليدية التي تُشكل جزءاً من المشهد السياسي المغربي فعّالة حتى الآن.

رابط دائم : https://dzair.cc/fsda نسخ