الثلاثاء 25 نوفمبر 2025

محمد زيان.. الشيخ الذي أرعب ملك المغرب: حين تتحوّل كلمة حق إلى “جريمة دولة”

نُشر في:
محمد زيان.. الشيخ الذي أرعب ملك المغرب: حين تتحوّل كلمة حق إلى “جريمة دولة”

محمد زيان، وزير حقوق الإنسان المغربي الأسبق، يدخل إضراب جوع مفتوح في سن الثالثة والثمانين، ليس لأن جسده يحتمل حرباً جديدة، بل لأن نظام المخزن لم يترك له سوى جسده كسلاح أخير. ما يحدث ليس قضية سجين سياسي فحسب، بل فضيحة دولة تُعرّي عمق الهشاشة داخل نظام يخاف من رأي شيخ مسنّ أكثر مما يخاف من الأزمات التي تخنق المغاربة.

زيان، الذي أنهى عقوبته كاملة في 21 نوفمبر 2025، ما يزال محتجزاً بلا سند قانوني، في احتجاز يُسمّيه العالم “تعسفياً”، لكن تسميته الدقيقة هي: انتقام. الرجل الذي تجرأ وقال للملك في حوار صحفي إن عليه أن يترك السلطة ويعيش حياته بعيداً عن البلاد، دفع الثمن غالياً. ثلاث سنوات سجناً بتهم مفبركة، وملفّات إضافية خيطت على المقاس لضمان بقاءه في الزنزانة مهما كان الثمن. اليوم، بعد انتهاء العقوبة، يكتشف أن القصر قرر تمديد حبسه بلا حكم، بلا محكمة، بلا قانون، فقط لأن “المخزن” لا ينسى الإهانة.

ما يجري يكشف طبيعة الحكم في المغرب: دولة أمنية بثياب حداثية، تُجيد صناعة الدعاية وتفشل في تحمل جملة سياسية. أحد أقدم المعتقلين السياسيين في العالم يتعفن داخل سجن العرجات، يفقد وزنه ويعاني أمراضاً مزمنة، ممنوع من الطعام الخارجي، مجبر على ابتلاع قذارة السجن، بينما الإدارة تراقبه ببرود مميت. أي نظام هذا الذي يعذب شيخاً مريضاً بمنع الطعام؟ أي دولة هذه التي ترتعد من رجل يزن 55 كيلوغراماً؟

اتهامات “التحرش”، “الاختلاس”، “الإساءة لمؤسسات الدولة” ليست سوى نسخة متكررة من السيناريو نفسه الذي يواجه كل من يعارض السلطة: تشويه، تلفيق، إسكات، وترهيب. زيان ليس وحده في هذا الجحيم، بل هو وجه جديد في سلسلة طويلة تضم الريسوني، بوعشرين، الراضي، ومئات المنسيين من سجون الحسيمة وجرادة والجنوب. المغرب الرسمي لم يعد حتى يهتم بإخراج القصة بشكل مقنع؛ يكفيه أن يُصدر تهمة، وستتكفل الآلة الإعلامية بدفن الحقيقة.

خطاب النظام واضح للجميع: “لا أحد ينتقد الملك ثم يخرج سالماً”. لكن الخوف الحقيقي ليس خوف زيان من الموت؛ الرجل اختار طريقه. الخوف هو خوف القصر من أن يتحول هذا الشيخ إلى رمز، من أن يصبح موته – إن حدث – وصمة عار تلاحق الحكم لسنوات.

ما يحدث لمحمد زيان ليس مجرد انتهاك، بل انحدار أخلاقي وسياسي يُعرّي خوف السلطة من كلمة. وإذا استمر الرجل في الإضراب، فإن موته — إن وقع — لن يكون “قضاءً وقدراً”، بل عملية قتل بطيء تتحمّل الدولة المغربية مسؤوليتها كاملة. وسيُكتب حينها أن ملك المغرب سجن شيخاً في الثمانين، وتركه يموت لأنه قال رأياً.

هذه ليست قضية زيان وحده؛ إنها مرآة تفضح نظاماً لم يعد يخشى العالم، لكنه يخشى الحقيقة.

رابط دائم : https://dzair.cc/hu66 نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500018