الأحد 16 نوفمبر 2025

مدريد تنتفض من أجل الصحراويين: مطالب حازمة لإسبانيا بتحمّل المسؤولية التاريخية

نُشر في:
مدريد تنتفض من أجل الصحراويين: مطالب حازمة لإسبانيا بتحمّل المسؤولية التاريخية

شهدت العاصمة الإسبانية، أمس السبت، تظاهرة واسعة شارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين من منظمات تضامن ومدنيين وصحراويين، للمطالبة بإقرار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وتحميل إسبانيا مسؤولياتها التاريخية والقانونية تجاه الصحراء الغربية.

وتجمّع المتظاهرون أمام مقر وزارة الخارجية الإسبانية، حاملين لافتات تطالب مدريد بالالتزام بالقانون الدولي ووضع حدّ لما وصفوه بسياسة “التغاضي والتواطؤ” مع أطراف تسلب حقوق الشعب الصحراوي. ونادى المشاركون بوقف ما اعتبروه “الاستمرارية الظالمة” لاتفاقيات منتصف السبعينيات التي أنهت الإدارة الإسبانية دون استشارة الشعب الصحراوي.

الحدث تزامن مع الذكرى الخمسين للاتفاقات الثلاثية لمادريد (14 نوفمبر 1975)، وهو ما أعطاه طابعا رمزيا قويا لدى الحضور ومنظمي التظاهرة الذين اعتبروا أن آثار “اتفاقية مدريد” ما تزال مفتوحة وتغذي الاحتلال واستغلال الموارد. ممثل جبهة البوليساريو في إسبانيا جدّد دعوته لإجراء استفتاء حرّ ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة، مطالبًا الحكومة الإسبانية بأن تتحمل التزاماتها القانونية والأخلاقية.

التحليلات الصحفية الإسبانية والدولية لموقع الحدث اتكأت على مقالات رأي وصحافة استقصائية تعتبر أن نقل إدارة الإقليم في 1975 شكّل “خروجا عن واجبات القوة القائمة بالوصاية” ومهد لمرحلة احتلال ونهب للثروات الطبيعية. في هذا السياق، كتب صحفيون مثل فرانسيسكو كاريون وأنصفوا وصف الاتفاقات بأنها “مخالفة صريحة للقانون الدولي” وأن صمت الحكومات المتعاقبة شكّل جرحا أخلاقيا لم يلتئم.

النشطاء ومنظمات التضامن الإسبانية والحركات الاجتماعية ربطت بين المطالب الشعبية ومقررات محاكمية أوروبية سابقة تحصر قانونية استغلال الموارد في الصحراء الغربية بوجوب موافقة ممثلي الشعب الصحراوي. كما شدّد منظّمون على أهمية أن تتبع الدولة الإسبانية موقفًا متوافقا مع قرارات القضاء الأوروبي ومعايير حقوق الإنسان بدل الانحياز إلى حلول تُهمّش حقوق السكان الأصليين.

على مستوى السياسة الرسمية، ما يزال الموقف الإسباني محطّ جدل واتهام من قبل المحتجين ومنظمات الدفاع عن حقوق الصحراويين. بعض المراقبين ذَكَروا لقاءات قَبلية ومسارات دبلوماسية تُظهر تقاربًا بين مدريد والرباط بشأن “حلول متدرجة” يُعتقد أنها تميل نحو مبادرات مغربية للسيادة المزعومة، وهو ما أثار انتقادات معتبرة بأن مثل هذه المواقف تتجاهل حق تقرير المصير. تقرير صحفي لاحظ أن وزير الخارجية الإسباني تصرّف خلال فترة سابقة بشكل داعم لطرح مغربي محدد كـ«إطار للحلّ»، وهو ما أغضب النشطاء الصحراويين ومؤيديهم في إسبانيا.

المشهد في مدريد لم يقتصر على ترديد شعارات؛ بل ترافقت التظاهرة مع كلمات وتحليلات نقدية كتبها صحفيون إسبان ومثقفون استعرضوا كيف أن التواطؤ السياسي والسكوت الرسمي أمّنا استمرار أوضاع اللجوء والاحتلال والنزاع. وأكدوا أن الاعتراف القانوني بإلتزامات الاستعمار السابقة لا يختزل بمسألة رمزية تاريخية، بل له انعكاسات ملموسة على حماية حقوق الإنسان وتنظيم استغلال الموارد الطبيعية.

خلاصة ما حملته التظاهرة ورسائلها واضحة: الشارع الإسباني — بفضاءات المجتمع المدني والبرامج الحقوقية والأحزاب والجمعيات— يطالب بردٍّ عملي من الدولة. مطالب لا تقتصر على التصريحات الرسمية الاستنكارية، بل تمتدّ إلى خطوات ملموسة: استئناف الالتزامات المتعلقة بإنهاء استعمار الصحراء، دعم مسارات أممية لإجراء استفتاء، وضمان عدم استغلال موارد الإقليم إلا بموافقة ممثلي شعبه الشرعيين.

في الختام، تُعدّ تظاهرة مدريد الأخيرة مؤشراً على أن قضية الصحراء الغربية لا تزال حية في الوعي الإسباني والعالمي، وأن الضغوط الشعبية والقانونية قد تُعيد فرض سؤال التصحيح التاريخي والمسؤولية. الرسالة من مدريد كانت واضحة ومباشرة: لا سلام عادل ولا استقرار دائم دون إنصاف الشعب الصحراوي واحترام حقّه في تقرير مصيره.

رابط دائم : https://dzair.cc/wqg1 نسخ

اقرأ أيضًا

×
Publicité ANEP
ANEP PN2500015