الخميس 04 ديسمبر 2025

مراكش تحت صدمة الأحكام الثقيلة: القضاء المغربي يوسّع دائرة الردع وسط انتقادات لغياب المحاكمة العادلة

تم التحديث في:
مراكش تحت صدمة الأحكام الثقيلة: القضاء المغربي يوسّع دائرة الردع وسط انتقادات لغياب المحاكمة العادلة

شهدت محكمة الاستئناف بمدينة مراكش إصدار أحكام ثقيلة وصلت في مجموعها إلى عقود من السجن، بحق مجموعة من المتابعين في ما عُرف بملف أحداث «دوار كازيط»، وسط موجة واسعة من الجدل الحقوقي وتساؤلات حول طبيعة المسار القضائي الذي قاد إلى هذه القرارات المجحفة. وتُعد هذه الأحكام، التي تراوحت بين السجن النافذ لسنوات طويلة والغرامات المالية، مؤشراً جديداً على تشدد السلطة القضائية لنظام المخزن في التعامل مع الملفات ذات الطابع الاجتماعي والسياسي في المغرب.

وتفيد المعطيات الواردة من الجلسة أن المتابعين أدينوا بتهم ثقيلة، من بينها «تكوين عصابة»، «الاعتداء على القوات العمومية»، و«إلحاق خسائر مادية»، ما اعتبرته النيابة العامة سلوكاً منظماً يستدعي إجراءات زجرية قوية. لكن في مقابل ذلك، ترى هيئات حقوقية ومحامون أن الملف يفتقر إلى المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة، وأن الأحكام جاءت انعكاساً لمقاربة أمنية أكثر منها قانونية، خصوصاً في ظل غياب أدلة قطعية تثبت تورط العديد من المتهمين في الأفعال المنسوبة إليهم.

ويرى مراقبون أن هذه القضية تكشف بجلاء التوتر القائم بين سلطة المخزن والمجتمع المغربي في عدد من المناطق التي تشهد هشاشة اجتماعية وتراكماً للمطالب التنموية. ويعتبر هؤلاء أن اللجوء السريع إلى الأحكام القاسية يعكس رغبة في إرساء منطق الردع لتثبيت «هيبة الدولة»، في وقت تُظهر فيه الوقائع أن أسباب الاحتقان تتعلق أساساً بغياب الحوار والاستماع للمطالب المحلية قبل تفاقم الأوضاع.

وتذهب تحليلات أخرى إلى أن هذه الأحكام تأتي في سياق عام يتسم بتزايد الاعتماد على المقاربة العقابية لمواجهة الاحتجاجات، وهي مقاربة سبق أن أفضت إلى ملفات ثقيلة مثل حراك الريف وجرادة، ما يجعل قطاعاً من الرأي العام يشكّ في استقلالية القضاء وقدرته على تجنب الضغوط السياسية والأمنية، خاصة حين يتعلق الأمر بملفات تنطوي على بعد اجتماعي حساس أو رسائل سياسية غير مباشرة.

ويشير حقوقيون إلى أن غياب بدائل للمتابعة القضائية، وغياب الوساطة المؤسساتية في حالات التوتر، يترك الباب مفتوحاً أمام تحويل أحداث معزولة أو خلافات بسيطة إلى ملفات جنائية معقدة. ومع تزايد الانتقادات المحلية والدولية لواقع حقوق الإنسان في المغرب، تصبح هذه الأحكام نقطة إضافية تزيد الضغط على صورة المملكة في المحافل الحقوقية.

ويرى متابعون أن انعكاسات هذه القرارات لن تتوقف عند حدود المعنيين بها، بل قد تزيد من فجوة الثقة بين المواطن والدولة، خاصة في المناطق المهمّشة التي تعيش على وقع مطالب اجتماعية مؤجلة. كما قد تخلق حالة من الخوف لدى فئات واسعة، ما يحدّ من قدرة المجتمع المحلي على التعبير السلمي عن مطالبه أو المطالبة بحقوقه الأساسية.

ومع استمرار الجدل في الشارع المغربي وعلى منصات التواصل الاجتماعي، يبقى السؤال الأبرز: هل هذه الأحكام خطوة نحو ضبط الفوضى وفرض النظام، أم أنها تعمّق الأزمة بين الدولة ومواطنيها وتؤسس لمرحلة جديدة من الاحتقان؟
سؤال مفتوح على كل الاحتمالات، ينتظر إجابات من داخل المؤسسات التي تدير هذا الملف ومن خارجها.

رابط دائم : https://dzair.cc/1o4u نسخ

اقرأ أيضًا