الاثنين 02 جوان 2025

مستشار الأمن القومي السابق لترامب ينتقد المغرب بشدة ويدعو الولايات المتحدة لدعم استفتاء الصحراء الغربية

نُشر في:
بقلم:
مستشار الأمن القومي السابق لترامب ينتقد المغرب بشدة ويدعو الولايات المتحدة لدعم استفتاء الصحراء الغربية

يُسهم جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسفيره السابق لدى الأمم المتحدة، في توسيع فجوة دعم الشعب الصحراوي وتطلعاته لإنهاء الاستعمار، في ظلّ هجوم النظام المغربي لإعلان جبهة البوليساريو منظمة إرهابية على الأراضي الأمريكية، حيث يدعم بولتون إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية، مُدينًا تقاعس واشنطن المُطوّل باعتباره عاملًا فتح الباب أمام تنامي نفوذ الصين وروسيا في أفريقيا.

في مقال رأي نُشر في صحيفة واشنطن تايمز، وصف بولتون الصراع الصحراوي بأنه “جزء رئيسي من الشؤون الدولية العالقة”، مما يؤثر على الاستقرار الإقليمي والمصالح الاستراتيجية الأمريكية. ويرى أنه “مع تنامي نفوذ الصين وروسيا في أفريقيا، ليس الوقت مناسبًا لمنحهما فرصة أخرى لزيادة نفوذهما”.

وفيما لا يزال النزاع مستمرًا حتى اليوم، فإن الحل الواضح لقضية السيادة هو سؤال سكان الصحراء الغربية عمّا يفضلونه: الاستقلال أم “الحكم الذاتي” الموعود به في عهد المغرب. في عام 1991، عقب غزو صدام حسين للكويت بقيادة الولايات المتحدة، دفعت واشنطن بقرار مجلس الأمن رقم 690، الذي أنشأ عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة للإشراف على استفتاء حول مستقبل الصحراء الغربية. وجاء القرار عقب اتفاق عام 1988 بين جبهة البوليساريو والمغرب، بعد أن دعم كلاهما نهج مجلس الأمن، كما يستذكر بولتون.

“لطالما عرقل المغرب العملية.”

يستعرض مستشار الأمن القومي السابق جذور الصراع منذ انسحاب إسبانيا من المنطقة عام 1975، مما أدى إلى احتلال المغرب للإقليم، ولفترة وجيزة موريتانيا، في انتهاك لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. منذ ذلك الحين، يقول بولتون: “ظلت الصحراء الغربية في حالة من عدم الاستقرار، مما أضرّ بسكانها واستقرار وأمن منطقة الساحل”.

وينتقد المسؤول السابق في إدارة ترامب علنًا تصرفات نظام محمد السادس الملكي، مؤكدا بقوله: “بدأ المغرب بعرقلة جهود الأمم المتحدة لتنفيذ القرار منذ لحظة صدوره تقريبًا، خوفًا من أن يختار الصحراويون الاستقلال في استفتاء حر ونزيه حقًا. ونجح وزير الخارجية السابق جيمس بيكر في إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات للموافقة على إجراء استفتاء بموجب اتفاقيات هيوستن لعام 1997، لكن المغرب تراجع مجددًا عن التزامه، رافضًا حتى النظر في الاستفتاء الذي وافق عليه مرارًا وتكرارًا. وللأسف، استمرت عرقلة المغرب منذ ذلك الحين، ولا يزال مئات الآلاف من الصحراويين يعيشون في مخيمات للاجئين تديرها الأمم المتحدة بالقرب من تندوف”.

كما يندد المستشار السابق بما يعتبره حملة دعائية لا أساس لها من الصحة ضد جبهة البوليساريو، يقودها حلفاء المغرب في الغرب. ويُحذّر المقال من “خطّ دعائي جديد يزعم، دون دليل، أن البوليساريو وقعت تحت تأثير إيران”، ويؤكد أن “هذا التضليل قد يكون مقصودًا به صرف انتباه أمريكا عن عرقلة المغرب المستمرة منذ عقود لإجراء استفتاء”. كما يرفض المقال بشدة محاولات ربط الحركة الصحراوية بالإرهاب.

حتى أن هناك مزاعم بأن مقاتلي البوليساريو كانوا جزءًا من ميليشيات أجنبية دربتها إيران في سوريا في ظل نظام الأسد المخلوع. وأفادت صحيفة واشنطن بوست ومقالات أخرى أن الحكومة السورية الجديدة وجبهة البوليساريو نفتا بشدة هذه الاتهامات، لكن أصدقاء المغرب في الغرب يواصلون نشرها. ربما بتأثير من هذه الدعاية المعادية للصحراويين، كما قُدّم مشروع قانون في مجلس النواب لتصنيف البوليساريو جماعة إرهابية. ويؤكد أن هذا الادعاء غير دقيق إلى حد كبير بشأن الصحراويين، الذين يُعدّون من بين الأكثر اعتدالًا في آرائهم الدينية.

دفاعًا عن الصحراويين

“لم يستسلموا أبدًا للتطرف الذي اجتاح الشرق الأوسط عقب الثورة الإسلامية الإيرانية عام عام 1979. إن الادعاءات بأن الصحراويين عرضة للدعاية الشيعية الصادرة من طهران تيدحضها الوجود الطويل الأمد للمنظمات الدينية وغير الحكومية الأمريكية في المخيمات، والتي تقدم خدمات تعليمية وطبية. ومن أسباب دعم جيمس إنهوف، الرئيس السابق الراحل للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، لجبهة البوليساريو بحماس الانفتاح الديني الذي لمسه هو وآخرون في المخيمات. وعلى مر السنين، دأبت تقارير وزارة الخارجية على دعم هذا التقييم، وقد رفضت المملكة المتحدة رسميًا الادعاءات الأخيرة بالتواطؤ مع إيران”.

ويُجادل بولتون بضرورة عودة السياسة الخارجية الأمريكية إلى موقفها الأصلي، الداعم للاستفتاء الشعبي حتى يتمكن الشعب الصحراوي من تحديد مصيره، حيث يقترح بهذا الخصوص: “ينبغي أن تعود السياسة الأمريكية تجاه الصحراء الغربية إلى جذورها التي انطلقت عام 1991، داعمةً الاستفتاء حتى يتمكن الصحراويون من تقرير مستقبلهم بأنفسهم. لقد زار العديد من أعضاء الكونغرس مخيمات تندوف على مر السنين والتقوا بقادة جبهة البوليساريو والأمريكيين العاملين في المخيمات. وينبغي على المزيد منهم القيام بذلك لفهم واقع الشعب الصحراوي”.

بهذه المداخلة، يُقدم جون بولتون نفسه كواحد من أبرز الأصوات الأمريكية المُعارضة للسياسة المغربية، ومدافعًا عن حق الصحراء الغربية في تقرير المصير.

وفي هذا السياق، يقول بولتون، مُشيرًا إلى توسع المغرب المُستمر: “أحد عناصر المشكلة هو تورط الصحراء الغربية في خلافات بين المغرب والجزائر تعود إلى حقبة إنهاء الاستعمار. وينبع أحد مصادر التوتر الرئيسية من طموحات المغرب الإقليمية، والتي لا تشمل الصحراء الغربية فحسب، بل تشمل أيضًا أجزاءً كبيرة من شمال موريتانيا وغرب الجزائر”.

وخلال الحرب الباردة وبعدها، لم تكن علاقات الجزائر بالغرب قوية بقدر علاقات المغرب، مما أضرّ بالصحراويين. هذا الوضع يتغير، حيث تشير الدلائل الأخيرة على سعي الجزائر إلى تحالفات استراتيجية جديدة، واتفاقية التعاون العسكري الأولى بين الولايات المتحدة والجزائر، الموقّعة في بداية إدارة ترامب الثانية، إلى هذا التوجه الجديد، كما حذّر بولتون.

رابط دائم : https://dzair.cc/9skk نسخ