7 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 07 سبتمبر 2025

مشروع استعماري مخزني جديد: المغرب يوظّف “البنية التحتية الكبرى” لتثبيت احتلاله وتوسّعه في الداخلة المحتلة

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
مشروع استعماري مخزني جديد: المغرب يوظّف “البنية التحتية الكبرى” لتثبيت احتلاله وتوسّعه في الداخلة المحتلة

في تقريرها الصادر في 6 سبتمبر 2025، كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن الحكومة المغربية تكثّف مشاريع البنية التحتية في الداخلة، ثاني أكبر مدينة في الصحراء الغربية المحتلة، ضمن حملة “التطبيع بالبناء”. هذه المشاريع، رغم ضخامة الموارد المخصصة لها، تُعد جزءاً من استراتيجية “تهديم سياسي” أقوى من كونها خطوات تنموية حقيقية لخدمة السكان المحليين.

مصانع تحلية ومشاريع سياحية عملاقة تحت مظلة الاحتلال

بيّن التقرير أن مشاريع مثل محطة تحلية مياه البحر الجديدة قرب “بير أنزاران” تُنفذ بوتيرة متسارعة، إلى جانب بناء فنادق فاخرة ومرافق ترفيهية وسياحية لجذب الاستثمار الخارجي. لكن هذه المشاريع تخدم خطط الرباط للسيطرة الاقتصادية، وتحويل الداخلة إلى “واجهة دولية” تشرعن الحكم المغربي للمناطق الصحراوية.

عمال أفارقة وسكان محجور عليهم يهمشون ترابياً

العمل في هذه المشاريع يعتمد على يد عاملة أفريقية مؤقتة، غالبًا من دول جنوب الصحراء، بينما يتم تجاهل السكان الأصليين. هذه الديناميكية تؤكد أن المخزن لا يسعى لنقل السلطة للسكان المحليين، بل لاستنزاف مواردهم – مائياً وطبيعياً – لصالح توطين مواطنين مكلفين في العاصمة وبناء قاعدة انتخابية صناعية.

توظيف الإعلام والدبلوماسية لشرعنة الاحتلال

تعتمد السلطات المغربية على تضخيم قصص عن الإنجازات الاقتصادية، لترويج رؤية أن دمج الصحراء هدف مشترك. لكن الواقع يكشف عن سياسة ممنهجة لتسويق هذه المشاريع خارجياً. ووفق التقرير، تسعى الرباط لاستغلال الاهتمام الأوروبي بتمويل الطاقة المتجددة – مثل مشروع الهيدروجين الأخضر قرب الداخلة – لتقوية مواقعها الدبلوماسية، وشرعنة العلاقات مع الغرب، عبر نظام اقتصادي يخيف المعارضين المحليين.

هل لخدمة السكان؟ أم لفرض أملاك مصطنعة للمخزن؟

اللافت أن سكان المنطقة لم يظهروا أي تحسن ملموس في حالات البطالة أو البنية الأساسية المحلية. تنتشر مشاكل نقص المياه، بينما يُشيّد فوق ظهورهم جدار استيطاني لربط “الطريق السريعة” (الداخلة–تيزنيت) بطول أكثر من ألف كلم، لتسهيل حركة البضائع والجيش ومستوطنين جدد، وليس تحسين حياة سكان المدينة من الصحراويين المحتلين.

دلالة استراتيجية: قنابل بغلاف حضري

ما يحدث في الداخلة ليس مشاريع بناء وتشييد، بل سياسة استنزاف اقتصادي ونهب غير شرعي، تهدف إلى تغيير التوازن الجغرافي لدعم المطالب المغربية بالإدارة الدائمة. من خلال مثل هذه “الحضارة المصطنعة”، تحاول الرباط فرض الأمر الواقع وتخليص نفسها من الفصل الاستفتائي المطلوب من الأمم المتحدة.

المخطّطات الكبرى في الداخلة ليست سوى أبواب خلفية جديد للاستعمار المغربي، ومنصة يمكن للسلطات من خلالها تحطيم أي مقاومة محلية، وتظهر الغرب على أنها معنية بالمساعدات الخضراء والتنمية الصناعية. لكن الحقيقة أن هذه المشاريع تُقوّي احتلالًا يوصف بالقانون الدولي على أنّه غير مشروع، وتُغيّب أصوات الصحراويين ومواقف الجزائر الرافضة لهذه المراوغات.

على الصعيد الحقوقي والدولي، فإن الاستثمار في التطبيع بالبناء لا يغني عن حق تقرير المصير، بل يُجسّد التمكين للاحتلال عبر الخرائط والطرق والمساحات السياحية، ويطرح أسئلة حول جدية مشاريع التنمية المتوازنة في مناطق تعرّضت للاحتلال لقرابة خمسين عامًا.

البناء وحده لا يُعبر عن التنمية، بل يستخدمه المخزن لتوطيد احتلال “مقنّن” وتأطير سياسي – عبر تحويل السلاح التنفيذي إلى واجهة مدنية رسمية تمهد لانفصال نهائي عن إرادة السكان الأصليين.

رابط دائم : https://dzair.cc/or49 نسخ