19 أكتوبر، 2025
ANEP الأحد 19 أكتوبر 2025

مشروع الأفوكادو الصهيوني في المغرب: ثمرة مُرّة على جذع التطبيع.. استثمار يروي عطش الصهاينة ويعمّق ضمأ المغاربة

تم التحديث في:
بقلم: أحمد عاشور
مشروع الأفوكادو الصهيوني في المغرب: ثمرة مُرّة على جذع التطبيع.. استثمار يروي عطش الصهاينة ويعمّق ضمأ المغاربة

في خضم أزمة مائية خانقة تهدد الحقول والسدود والحياة الفلاحية في المغرب برمتها، يطلّ مشروع صهيوني جديد على الأراضي المغربية تحت شعار “التعاون الزراعي”، بينما يرى فيه كثيرون تكريسًا لتطبيعٍ اقتصادي يتغذّى من عطش الأرض وخنوع المخزن.
شركة “ميهادرين”، إحدى أكبر الشركات الإسرائيلية المصدّرة للفواكه، قررت أن تغرس جذور الأفوكادو في تراب المغرب، في مشروع بقيمة تفوق 80 مليون درهم، يمتد على مساحة 455 هكتارًا، لكن خلف لغة الأرقام، تختبئ حقائق أكثر مرارة: فالمياه التي ستُستهلك لإنتاج هذه الفاكهة الفاخرة، هي نفسها المياه التي حُرم منها آلاف الفلاحين الصغار في مناطق الداخل، والحقول التي ستُسقى بمشاريع “التعاون”، قد تكون آخر ما تبقّى من الأراضي القابلة للحياة في ظل الجفاف المتصاعد.

من الاقتصاد إلى السياسة: أفوكادو التطبيع

ليست “ميهادرين” مجرد شركة زراعية عابرة. إنها لاعب استراتيجي في شبكة المصالح الصهيونية التي تربط الاقتصاد بالسياسة، والزراعة بالدبلوماسية.
فحين تستثمر شركة إسرائيلية تمتلك أكثر من نصف رأسمال المشروع في أرض مغربية، لا يمكن الحديث عن “تعاون متكافئ”، بل عن امتداد طبيعي لاتفاقيات التطبيع التي فُرضت في لحظة سياسية حرجة، دون نقاش شعبي أو رقابة برلمانية حقيقية.
المفارقة الصارخة هي أن “ميهادرين” تواجه في فرنسا اتهامات بمحاولة التحايل على قوانين المقاطعة الأوروبية للمنتجات الإسرائيلية، بينما تُستقبل في المغرب بالأراضي والامتيازات وكأنها شريك استراتيجي منقذ.

الصفقة الخاسرة: مياه مغربية… وربح صهيوني

كل طن من الأفوكادو يستهلك أكثر من 1000 لتر من الماء، فكم ستستهلك 10 آلاف طن سنويًا كما يخطط المشروع؟ في بلدٍ يعيش منذ سنوات على وقع ندرة المياه، وتراجع مستوى السدود، وتقلص الأراضي الزراعية، يصبح هذا المشروع أقرب إلى صفقة خاسرة للمغرب، ورابحة بالكامل للكيان الصهيوني.
الربح المالي المحدود الذي قد تجنيه السوق المحلية، لا يعوّض الخسارة البيئية والسيادية والرمزية التي تترتب عن فتح أبواب البلاد أمام فاعلين أجانب لا يحملون للمغرب سوى مصلحة اقتصادية باردة.

جيل جديد… يرفض التطبيع تحت أي غطاء

الاحتجاجات الرقمية والميدانية الأخيرة التي قادها “جيل زد 212” لم تكن فقط صرخة في وجه الفساد الداخلي، بل أيضًا تعبيرًا عن رفضٍ جارف لسياسات التبعية والتطبيع. جيلٌ وُلد في زمن الإنترنت، لكنه لم ينسَ أن “الكرامة الوطنية” تبدأ من استقلال القرار السياسي، لا من منح الأرض والماء والهواء لشركات صهيونية تبحث عن ربح في زمن الحرب والإبادة.
وهذا ما يجعل مشروع “ميهادرين” أكثر من قضية اقتصادية: إنه اختبار جديد لضمير الدولة المغربية، ولمدى استعدادها للإنصات لصوت الشارع الذي يرفض أن يتحول المغرب إلى “مزرعة مفتوحة” للصهاينة باسم الاستثمار.

حين تُسقى الأرض بماء الذلّ

قد يُزرع الأفوكادو الإسرائيلي في تربة مغربية، لكن ثماره ستبقى مُرّة لأنها نبتت من جفافٍ مائي، وخصاصٍ سيادي، وصمتٍ رسمي يُغلفه خطاب “الفرص”، وإذا كانت سلطة المخزن تراهن على أن المغاربة سينسون، فإن ذاكرة الشعوب لا تجفّ… كما لا تُروى بالوعود، ففي زمن العطش، لا تحتاج الأرض إلى أفوكادو… بل إلى كرامة.

رابط دائم : https://dzair.cc/ufk3 نسخ