7 سبتمبر، 2025
ANEP الأحد 07 سبتمبر 2025

من أرض الجزائر ترسم معالم إفريقيا الجديدة… بقلم المحلل عبد الحكيم بلعور

نُشر في:
بقلم: عبد الحكيم بلعور
من أرض الجزائر ترسم معالم إفريقيا الجديدة… بقلم المحلل عبد الحكيم بلعور

في ظل التحولات التي يشهدها العالم، بات من الضروري بروز أقطاب جديدة تتيح فرصًا متكافئة لجميع الدول، وتعمل على إعادة التوازن بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، فمرحلة الأحادية القطبية فرضت على كثير من الدول سياسات مجحفة ونظامًا ماليًا يشكل عبئًا ثقيلًا، مع تسلط مباشر وغير مباشر على مقدراتها وسيادتها.

لقد أثبتت الأحداث العالمية الأخيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية استغلت موقعها كقوة مهيمنة لفرض عقوبات وإجراءات تجارية على عدد كبير من الدول، محاولة بذلك التحكم في مفاتيح الاقتصاد العالمي، غير أن الواقع الدولي الجديد كشف عن بروز قطب شرقي متماسك تقوده روسيا والصين، وهو ما بدا جليًا في قمة منظمة شنغهاي الأخيرة، حيث تخللها استعراض عسكري ضخم أظهر أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا العسكرية وصواريخ بعيدة المدى فائقة الدقة لم تشهدها العين البشرية لتحمل رسائل واضحة حول وجوب احترام سيادة الدول الأعضاء ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، إلى جانب الدفع نحو بناء تكامل تجاري يعتمد على التعامل بالعملات المحلية بعيدًا عن هيمنة الدولار.

وفي هذا السياق، برزت الجزائر كفاعل رئيسي في إفريقيا، مستعدة لقيادة مشروع اقتصادي طموح من خلال احتضانها لمعرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة، خلال الفترة الممتدة من 04 إلى 10 سبتمبر 2025.

هذا الحدث، الذي يُعد الأضخم من نوعه في القارة، يشهد مشاركة نحو 2000 عارض، مع توقعات بإبرام اتفاقيات تفوق قيمتها 44 مليار دولار، و تؤكد على ضرورة تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة تصل إلى 90%، لتمكين السلع والخدمات الإفريقية من الانسياب بحرية أكبر بفرض شروط صارمة على قواعد المنشأ، بما يضمن أن تكون نسبة الإدماج الإفريقي في المنتجات المتبادلة بين 30% – 40% على الأقل، لتفادي إعادة تصدير منتجات أجنبية عبر بوابة القارة وتشجيع على توسيع استخدام نظام الدفع الإفريقي الموحد PAPSS، الذي يسمح بتسوية المعاملات المالية بالعملات المحلية في ظرف لا يتجاوز 120 ثانية، ما يساهم في تقليص التكاليف ويعزز السيادة المالية للدول الإفريقية.

تشير التوقعات إلى أن حجم المبادلات التجارية البينية في إفريقيا قد يصل إلى 30% بحلول سنة 2030، وهو تطور لافت إذا ما قورن بالمستويات الحالية التي لا تتجاوز 15%، هذا المسار يعكس رغبة القارة في التحرر من التبعية الاقتصادية، وبذلك فإن الجزائر تمسك اليوم بمشعل التجارة البينية الإفريقية، ليس فقط بتنظيم هذا الحدث الكبير، بل أيضًا برؤيتها الإستراتيجية التي تراهن على جعل إفريقيا أحد الأقطاب العالمية الصاعدة بما تملكه من ثروات طبيعية هائلة، وقوة شبابية صاعدة قادرة على إحداث الفارق وصناعة مستقبلها بعيدًا عن الوصايا الخارجية وإن كان دلك بعيد المدي يرفع التحدي لتحقيق آمال شعوبنا.

إن النضج السياسي لجيل صاعد في إفريقيا، يرفض تواجد الغربي على أراضيه وهذا ما رأيناه من طرف دول غرب إفريقيا، وكما يريد عقد شراكات استثمارية بمبدأ رابح- رابح ويؤمنون بحق القارة في التموقع كفاعل أساسي على الساحة الدولية، وتستمر الجزائر في الدفع لرسم ملامح إفريقيا جديدة، برؤية إستشرافية قادرة على مواكبة التطور بموازاة بقية الأقطاب العالمية.

بقلم المحلل عبد الحكيم بلعور

رابط دائم : https://dzair.cc/6b7r نسخ