موقع “دزاير توب” يكشف: “أصول العائلة الملكية العلوية التي تحكم المغرب منذ 12 قرنًا يهودية وليس لها أي نسب بأهل البيت “

كحلوش محمد

كشفت مصادر متطابقة أن العائلة الملكية العلوية المغربية التي تحكم المغرب منذ 12 قرنًا من أصول يهودية وليس لها أي نسب بأهل البيت وتحديدًا بعلي بن أبي طالب-رضي الله عنه- مثلما تزعم وتروج لذلك خدمة لأجنداتها وأهدافها في إقناع المغاربة بضرورة ديمومة الملكية مستغلين الدين الإسلامي في ذلك.

محمد السادس هو الملك رقم 26 في تاريخ أسرة العلويين الفيلاليين منذ 1666

استغلالهم المشين للدين لأغراض شخصية محضة، مكّن أسرة العلويين الفيلاليين من أن تكون الأسرة الوحيدة في العالم التي تحكم بلد من عام 1666 حتى الآن وأسس هذه الأسرة الشريف علي بن محمد بعد أن أخذ السلطة من بني الزبير في سلجماسة وكان أول ملوك هذه الأسرة هو السلطان محمد بن علي الشريف وامتد حكم هذه الأسرة إلى غاية الملك محمد السادس بن الحسن بن محمد الذي يعتبر الملك رقم 26 في تاريخ الأسرة الملكية العلوية في المغرب.

النسب المتعالي وتكريس الشرف

وركزوا على التصوّر الغائي القادر على “الـتأثير بذاته على الأشخاص والأشياء”، وهكذا كان خطاب الشرعنة السلطاني يهدف إلى أن يكون في نفس الوقت أداة تنظيم ودمج بحيث يستطيع أعضاء النخبة ولاسيما الفقهاء والصّالحين أن يستوعبوه ويتقبلوه بسهولة نسبية لأنه يوافق بشكل عام ثقافتهم وتمثلاتهم ممّا يسهل نشره بين عامّة الناس عن وعي أو غير وعي.

ولتحقيق هذا الغرض كان لا بد من إنتاج ترسانة من المفاهيم والرموز والصور تجعل من المشروع السلطاني وريث القرون الاسلامية الأولى أو ما يصطلح عليه بعهد السلف الصالح الذي يعتبر خير العهود على الإطلاق في المخيال الاسلامي، ونجح العلويون المغربيون في تشييد “نسب” متصل بين السلطان وبين الماسكين بهذه الشرعية الكلية بشتى الطرق الممكنة.

كان أحد موضوعات الدعاية العلوية منذ ظهورها هو ادّعاء الشرف أي ادعاء نسب مقدّس. يزعم السلاطين العلويين بالمغرب الانحدار من ذرّية علي الخليفة الرابع ومن هنا جاء لقب الشريف العلوي الذي يحملونه في أغلب الوثائق الرسمية، وللتمكين لهذه المزاعم سرعان ما قام الملوك العلويون بنشر شجرة نسبٍ ووضعوا عدّة روايات تتصل بأصل سلفهم وباستقرارهم في المغرب.

الأسرة الملكية العلوية ثاني أقدم أسرة حاكمة في العالم

الملك محمد السادس هو الملك الثالث والعشرون للسلالة العلوية، ثاني أقدم أسرة حاكمة في العالم، بعد عرش الإمبراطور الياباني، ويزعم العلويون المغربيون بأن جذور الأسرة العلوية الحاكمة حاليًا في المغرب تمتد إلى علي بن أبي طالب، إذ يزعمون بأن أجدادهم هاجروا خلال القرن الـ13 من “منطقة ينبع” في الحجاز في المملكة العربية السعودية الحالية، واستقروا في الجنوب الشرقي للمغرب،مع العلم أنه لا يوجد دليل مادي واحد يؤكد صحة ادعاءاتهم و مزاعهم ما يجعلها محك شك وشبهة.

وعرفوا بأسرة الشرفاء السجلماسيين؛ نسبة إلى مدينة (سجلماسة) التي أسست عام 757 ميلادية، وكانت عاصمة لإقليم تافيلالت، قبل أن تتحول قاعدة الإقليم إلى مدينة الريصاني. وقد أكسبهم نسبهم الشريف احترام السكان، كما استفادوا من الأهمية التجارية للمنطقة باعتبارها من الطرق الرئيسة للتجارة الصحراوية وقتها.

وتحدثنا المصادر التاريخية بأن جدّ العلويين، الحسن بن القاسم بن محمد، “الحسن الداخل”، قد نزل بسجلماسة عام 1265 خلال حكم الدولة المرينية، واستقر فيها، إلى أن وافته المنية بأرضها عام 1277 .

وحسب وثائق تاريخية عدة، فإن سبب قدوم الحسن بن القاسم بن محمد إلى المغرب راجع بالأساس إلى رغبة وطلب وفد حجي سجلماسي وجود شخصية من آل البيت النبوي في سجلماسة للتبرك به، فاتصل الوفد بشريف “ينبع النخل”، المولى قاسم بن محمد، أحد كبار شرفاء الحجاز دينًا ووجاهة، وطلبوا منه أن يرسل معهم أحد أولاده الثمانية إلى بلادهم تكريمًا وتشريفًا لهم، فاستجاب الشيخ الشريف لطلب الوفد، واختار من أولاده الحسن الداخل، بصفته الأقدر على تمثيل الأخلاق النبوية والأريحية الهاشمية، في المغرب الأقصى المعروف بحب وتمجيد آل البيت.

ولتحقيق مآربهم الخاصة وإطالة أمد حكمهم-وهو ما حدث بالفعل- سارع العلويون المغربيون إلى العزف على الوتر الحساس للشعب المغربي المُحب للدين ويُقدس أهل البيت الشريف، راحوا يزعمون بأنهم من نسل شريف يمتد إلى نسب الصحابي الجليل علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-فكان النسب الشريف المزعوم هبة دينية سرعان ما تحولت إلى شيء مقدس،فالمغاربة البسطاء يعتقدون بأن طاعة الملك المغربي الذي يُطلق على نفسه “أمير المؤمنين” من طاعة الله لهذا تجدهم يقدسونه بشكل غريب ومدهش.

ونجحت الأسرة العلوية الملكية المغربية في إقامة سلطنة استمرت بهذا الشكل في الحكم حتى مطلع القرن الـ20، معولة في ذلك على الجند والإداريين ورجال الدين لقمع حركات التمرد الداخلية، وتحصين نفوذها من جهة، ومن أخرى صد استفزازات الجيران الأوروبيين للحفاظ على استقلال البلاد وخدمة العباد، كشرط من شروط البيعة في تاريخ المغرب باعتبارها “دستورًا” لتأسيس الدولة.

وبفعل الاتصال المباشر للمغرب مع أوروبا، خصوصًا فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، تأثرت بنى النظام الاجتماعية والثقافية خلال القرن الـ19، إلا أن البناء السياسي ظل عصيًا على التحديث، بل إن الأوروبيين الذين كانوا يخدمون السلطان عبد العزيز واصلوا تقليد المغاربة في الركوع له، كما كان مختلف المقيمين العامين يلبسون لباسًا مخزنيًا، وينادون السلطان بـ”سيدنا” تقليدًا للمغاربة، لدرجة استغرب هو نفسه (السلطان)، كيف للأوربيين أن يحيوه بهذه الطريقة الغريبة عن ثقافتهم السياسية.

سيكون لهذه الثقافة (الغربية) بالغ الأثر في تحديث الإدارة والمؤسسة المخزنية، مع رجوع البعثات التعليمية المغربية التي أرسلها السلطان الحسن الأول (1873-1894) إلى بلدان أوروبا الغربية، ومن خلال فرض الحماية الفرنسية عام 1912، التي تحدث بندها الأول عن إصلاح وعصرنة المجالات القضائية والتعليمية والمالية والعسكرية، دون أن يتعارض ذلك مع تقليد احترام سيادة السلطان والحفاظ على العقيدة الإسلامية.

وكان أهل الحل والعقد من بورجوازية فاسية وقادة وعلماء ووجهاء وشيوخ قبائل وزايا قد لعبوا أدوارًا سياسية مهمة في حكم البلاد وخدمة الرعية، تسهيلًا لمهمة السلطان في الحكم. وستشهد عشرينيات القرن الماضي بزوغ جماعات وتنظيمات سياسية، بعد عقد على دخول فرنسا المغرب، ومن رحمها ستولد أحزاب سياسية حديثة شبيهة بما عرفه الغرب.

نشأت الأحزاب السياسية المغربية كرد فعل على السياسات المنتهجة من قبل سلطات الحماية؛ سواء كانت فرنسية أو إسبانية، لذلك شكلت منذ البداية الإطار التنظيمي للحركة الوطنية المغربية، وهو ما يمكن اعتباره تحولًا كبيرًا في فكر وممارسة النخبة الحضرية؛ بتأسيس إطار أقرب ما يكون إلى الحزب تحت اسم “كتلة العمل الوطني” عام 1934، إضافة إلى أحزاب أخرى أهمها حزب الاستقلال الذي تأسس عام 1944، وقدم حينها وثيقة المطالبة بالاستقلال، بعدما كان سقف المطالب لا يتجاوز الإصلاح.

أحزاب أعادت للسلطان هبته السياسية والدينية لتجاوز الأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال، من خلال قمع وتعذيب وتنكيل بالشرفاء، ومحاولة خلق شرخ وهوة بين العرش والشعب بنفي محمد الخامس خارج الوطن عام 1953، وإحداث فراغ مؤسساتي لم يتعود عليه المغاربة، الذين ألفوا مفهوم الدولة وقيمة النظام منذ الأدارسة 171 هـ (788 م)، لإرباك الوطنيين في علاقتهم بقواعدهم وبالسلطان الرمز الجامع للأمة.

كان ذلك مسعىً فشلت فيه سلطات الحماية الفرنسية والإسبانية، فالسلطان محمد الخامس عاد أقوى من قبل، وحظي بعطف الشعب المغربي كله، ليشرع في إرساء اللبنات الأولى لمستقبل البلاد سياسيًا، وتحقيق نقلة نوعية تمثلت في أول دستور للمغرب عام 1962، سيتحدث عن “الملكية” للمرة الأولى.

وحسب المفكر المغربي سعيد بن سعيد: “النقلة الكبرى من «سلطان المغرب» -الذي لم يكن بالضرورة في صلة التحام مع «الشعب» المغربي- إلى «ملك المغرب» الذي يجسد السيادة الوطنية ويمثل الأمة المغربية… تعني الانتقال من تصور سياسي للسلطة والدولة والحكم، هو ذاك الذي كان الشأن عليه ليلة استعمار المغرب، وكان الحال عليه في عهود متصلة يسِمُها العصر الوسيط بميسمه، إلى وجود سياسي معاصر تتحدد فيه للسلطة السياسية وظائف واضحة يكون المجتمع فيها تعاقدًا اجتماعيًا واضحًا دقيقًا، وتكون في الملكية نظام ملكية دستورية واضحة الأركان دقيقة الملامح”.

يعتبر نظام الحكم في المغرب ملكية دستورية، ديمقراطية، برلمانية، اجتماعية، تقوم على أساس فصل السلطات، وتوازنها وتعاونها، وعلى الديمقراطية المواطِنة والتشاركية، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، ضمن إطار عام يمزج بين الدين والتاريخ ومواكبة روح العصر.

وقد دسترة هذه الاعتبارات في الفصلين 41 و42 من دستور 2011: “الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية… الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية. الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرتها الحقة”.

ويجسد ملك المغرب، حسب المفكر محمد نور الدين أفاية، 3 وظائف اجتماعية وسياسية: “فهو شريف” سليل نبي الإسلام، و”خليفة” أي “أمير المؤمنين” مع ما يفترضه ذلك من احتكار للإنتاج الرمزي على صعيد المجال العمومي، ومن “استجابة” من طرف المؤمن. علاوة على ذلك، هو سلطان يرأس مؤسسة “المخزن” ويحكم الناس، ويترك إدارة أمورهم للجهاز البيروقراطي. ويقدَّم الملك، بصفته “الأب الأسمى” الحريص على مصالح وتطلعات أبنائه، القادر على تأديبهم ومعاقبتهم عند الاقتضاء. وقد كان الملك الحسن الثاني حريصًا، في كل مناسبة، على تأكيد وصايته “الأبوية” على كل المغاربة. ولم يكن يتردد أبدًا في الإصرار على المحافظة على هذا الدور.

ومع ذلك، فإن ثقل المشروعية التاريخية ورمزيتها في هندسة السلطة السياسية في المغرب لا يحول دون وجود حداثة سياسية، لأن البلاد اعتمدت مجموعة من الأفكار الحداثية، وسلسلة من التدابير التحديثية، لعل أهمها اعتماد آلية دستورية في الحكم منذ عام 1962، عدلت سنوات 1970، و1972، و1992، و1996، و2011 كدليل على حيوية الأحزاب السياسية خلال السنوات الماضية، وحركية المجتمع المدني، وتفاعل المؤسسة الملكية مع القواعد، خصوصًا أنها استندت جميعها إلى مبدأ فصل السلطات، واعترفت منذ عام 1992 بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليًا.

الوجود اليهودي بالمغرب يعود إلى 586 قبل الميلاد

الوجود اليهودي بالمغرب قديم قدم اليهودية، ويرجح عدد من الدراسات أن قدومهم إلى شمال أفريقيا جاء في أعقاب خراب الهيكل الأول في عام 586 ق.م، وتوالت بعد ذلك الهجرات، بينما يذهب اعتقاد آخر أن اليهودية انتشرت بين سكان المغرب الأوائل، وهذا ما تعززه بعض الدراسات الحديثة للمعلم الوراثي (الهابلوغروب)، بينما عززت الهجرات اللاحقة التواجد السكاني اليهودي في المغرب إبان سقوط الأندلس في آواخر القرن الخامس عشر، التي جاءت بعد ظهور علامات النفي والترحيل والطرد لليهود والمسلمين من الأندلس في 1492 والبرتغال في 1497.

ويوجد نحو 36 معبدا يهوديا في المغرب وعدد هام من الأضرحة والمزارات اليهودية في مختلف المناطق المغربية أشهرها في فاس (كنيس دنان)، الصويرة، وزان، مراكش، تارودانت، صفرو، وجدة وتطوان. وتماشيا مع قوانين الجنسية المغربية، صدر قرار الدولة المغربية سنة 1976 بعدم إسقاط الجنسية المغربية عن اليهود المغاربة الذين هاجروا في المراحل السابقة، وبذلك يمكنهم العودة إلى بلدهم متى شاءوا باعتبارهم مواطنين مغاربة.

كانت الإحصاءات الأولى تشير أن عدد المغاربة اليهود القاطنين في المغرب بلغت حوالي 200 ألف وهو ما كان يشكل حوالي 10% إلى 15% من سكان المغرب، التقديرات الحالية حول عدد المغاربة اليهود المقيمين حاليا داخل المغرب، غير معروفة بدقة، تشير بعض الدراسات إلى حوالي 70 ألف، منهم 10 آلاف يهودي يتوزعون في المدن المغربية الرئيسية وبالذات في الدار البيضاء نصفهم فقط هو المقيم بشكل دائم في المغرب أما النصف الثاني فلديه إقامة ثانوية فقط في المغرب.

في تقديرات أخرى وحسب تقرير صادر سنة 2010 عن منظمة أمريكية مهتمة بمراقبة الأديان وحقوق الأقليات في العالم، تدعى منتدى بيو للديانة والحياة العامة – يشكلون – نسبة أقل من 0.1 في المائة، أي أقل من 10 ألف من مجموع المغاربة المحدد عددهم في حوالي 35 مليون نسمة. وتشير العديد من المصادر أن أعداد اليهود في المغرب تتراوح بين 2,000 إلى 2,500 نسمة. قدر الباحث من الجامعة العبرية سيرجيو ديلا بيرجولا أن هناك 2,300 يهودي في المغرب اعتبارًا من عام 2015، في عام 2015 قدر المؤتمر اليهودي العالمي أعداد اليهود في الدار البيضاء بحوالي ألف شخص، تليها مراكش مع حوالي 250 شخص، ومكناس مع حوالي 250 شخص، وطنجة مع حوالي 150 شخص، وفاس مع حوالي 150 شخص، وتطوان مع حوالي 100 شخص.

لليهود في المغرب نشاط كبير سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي، فقد كان يشارك في السلطة المغربية عدد من اليهود نذكر منهم سيرج بيرديغو الذي كان وزيرا للسياحة، وكان للملك الحسن الثاني مستشار لشؤون الاقتصادية يهودي يدعى أندريه أزولاي والذي ما زال يشغل نفس المنصب في فترة حكم الملك محمد السادس، وفي عام 1986 تم تعيين النائب اليهودي في البرلمان جو أوحنا في البرلمان المغربي عن منطقة الصويرة وأمينا لصندوق رئاسة البرلمان.

دخلت اليهودية منطقة المغرب الأقصى في القرن 6 قبل الميلاد، واستطاع اليهود العيش وسط الأمازيغ وتبني لغتهم من خلال التأثير المباشر بين الجماعات اليهودية والأمازيغ، واحترفوا كل ركائز الحياة الاقتصادية رعي وصناعة، علاوة على التجارة التي حققوا منها ثروات طائلة، خاصة تجارة الرفاهيات والرقيق، ولم يقبل اليهود على الزراعة مهتمين بمهن أخرى تدر أرباحاً سريعة ولا تحتاج للتوطين. وعلى صعيد الحياة الاجتماعية لم يكن المجتمع اليهودي في المغرب مجتمعاً منغلقاً على نفسه، كما هو شائع عن المجتمعات اليهودية، وإنما كان في اختلاط دائم مع سكان البلاد في حياتهم اليومية.

بل كانوا يعيشون في ظل وجود نظام للجوار أو الحماية من طرف القبائل الأمازيغية. فبعد دخول الإسلام للمغرب عام 710 للميلاد ووعي اليهود بهذه السيطرة، دخلوا في حماية الحكام الأمازيغ المسلمين منذ أوائل القرن الثاني الهجري.

يهود المغرب اكتسبوا الكثير من عادات المسلمين بدليل أنهم في المدن المغربية كانوا يؤمنون بتعدد الزوجات، رغم أن هذا محرم في ديانتهم، أما اليهود في القرى والجبال، فقد تأثروا بالأمازيغ واكتفوا بالزواج الأحادي. والدليل على ذلك ظهور مخطوط في مدينة مراكش يعود تاريخه إلى سنة ألف ميلادية يتحدث عن تحريم تعدد الزوجات.

ينحدر غالبية يهود المغرب من اللاجئين اليهود الذين وصلوا مع التجار القرطاجيين إلى سواحل شمال أفريقيا خلال القرن 6 قبل الميلاد بعد أن دمر الإمبراطور الكلداني البابلي نبوخذ نصر الثاني مملكة يهوذا عام 586 قبل الميلاد. وكذلك اللاجئين اليهود الذين فروا من محاكم التفتيش في شبه الجزيرة الأيبيرية خلال القرن 16 للميلاد بعد سقوط الأندلس عام 1492م والمناطق المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط وعلى وجه الخصوص شمال المغرب وإقليم وهران بغرب الجزائر الذي به أعداد كبيرة من الناطقين باللغة الإسبانية من اليهود الشرقيين في حين كانت تونس والجزائر وطناً لليهود ذوي الجذور الإيطالية من وسط الميدان التجاري بـ “ليفورنو”. في البلدان الثلاث كان السكان اليهود يتحدثون اليهودية والأمازيغية والعربية رغم أن هذه اللغات قد طمست إلى حد كبير تحت تأثير اللغة الفرنسية في تلك الفترة الزمنية المذكورة. كما كانت هناك أعداد أقل من المهاجرين الجدد من أوروبا.

ينقسم المغاربة اليهود إلى قسمين: المغوراشيم (ومعناها بالعبرية المطارد) وهم يهود الأندلس، الطشابيم وهم اليهود الأصليون الذين سكنوا المغرب قبل الميلاد، وكما يوحي اسمهم، فالزعم أنهم من أصل مشرقي، وأنهم أتوا للمغرب بعد سلب القدس من قبل نبوخذ نصر الثاني عام 586 قبل الميلاد، وبلا شك فقد وجد كثيرون منهم طريقهم إلى شمال أفريقيا مع التجار القرطاجيين.

وفي أي حال، فربما يكون كثيرون من التطشابيم من أصول الأمازيغ الذين تحولوا إلى اليهودية والتصقوا بديانتهم أكثر من المسيحيين الأمازيغ الذين صمدوا فيما يبدو إلى القرن 11. ويظهر أنه كانت هناك، في زمن الفتح الإسلامي الأول في بداية القرن الثامن، أعداد من الممالك اليهودية الصغيرة في الجزائر والمغرب؛ بما فيها واحدة تأسست في سجلماسة وثانية في منطقة الأوراس بالجزائر تحت قيادة ملكتها داهية الكاهنة التي قاومت الفتح الإسلامي لأربعة أعوام إلى أن قتلت في معركة، فيما تحالف إدريس الأول أولا مع السكان اليهود ضد مؤيدي الخليفة العباسي هارون الرشيد، ولكنه تحول لاحقا ضدهم.

المغوراشيم هم اليهود الذين جاءوا من إسبانيا (الأندلس) والبرتغال بعد طردهم من قبل فرديناند وايزابيلا عام 1492 (رغم أن الكثير أتى في وقت سابق لذلك، عند سقوط كل مدينة أندلسية). وتقول تقديرات أن الجالية اليهودية في المغرب في ذلك الوقت تجاوزت 100 ألف فيما أتى نحو 25 إلى 30 ألفا من إسبانيا والبرتغال، ولا يزال كثير من هؤلاء يحملون أسماء أسرية لمدن أسبانية تعود أصولهم إليها، ومن الممكن ملاحظة أن يهود جبل طارق وكذلك معظم يهود مدينتي سبتة ومليلية، هم أيضا حفدة لأولئك الذين طردوا من إسبانيا. واستقر بعضهم في جنوى وشمال إيطاليا وذهبوا لجبل طارق بعد انتصار البريطانيين عام 1704 فيما أتى بعضهم من تطوان. ثم جاءوا من جبل طارق مرة أخرى إلى المغرب منذ عام 1840 وما تلاه. ولمعظمهم نفس الأسماء الأسرية التي يحملها رصفاؤهم الدينيون المغاربة. يهود الأندلس نزعوا في ذلك الوقت إلى الانعزال وامتلاك معابد منفصلة في المدن الكبرى بل والعيش في أحياء منفصلة سميت فيما عد بأحياء الملاّح.

استقرت وضعية اليهود بالمغرب منذ الفتح الإسلامي وتزامن ذلك مع الاضطهاد الشديد الذي تعرضوا له بأوروبا بعد اعتناق ملك القوط للكاثوليكية وصدور مرسوم في سنة 700م يقضي باستعبادهم، حتى أنهم التحقوا بجيوش الفتح الإسلامي المتوجهة للأندلس من أجل العودة إليها، واستقرت وضعيتهم أكثر بعد قيام حكم الأدارسة بالمغرب حيث سمح إدريس الثاني لليهود بالإقامة والعمل في مدينة فاس، وكان للتسامح الذي لاقوه أبلغ الأثر في قصد المدينة من طرف يهود المغرب من مختلف الجهات.

اكتسب اليهود بالمغرب وضعية أهل الذمة وهي وضعية أطرت سلوك المسلمين إزاءهم، فكان موقفهم قوامه عدم الاعتداء والتعامل في المعروف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليهود دينية أو قانونية أو وقفية أو قضائية. ومنح سلاطين المغارب للعديد من اليهود، كأفراد أو كقبائل، على ظهائر التوقير والاحترام.

أدى قيام دولة الصهاينة المزعوم عام 1948، وانتهاء عهد الحماية الفرنسية والإسبانية في المغرب عام 1956، ووقوع نكسة 1967، أدى إلى هجرة الكثير من يهود المغرب إلى الدولة اليهودية، وبعضهم فضل الهجرة إلى فرنسا، وفئة هاجرت إلى كندا وبنسبة أقل إلى إسبانيا، وهو ما جعل عدد الباقين منهم يتراجع إلى حوالي 20 ألف نسمة بداية ثمانينات القرن العشرين، وهم اليوم أقل من ستة آلاف نسمة (المقيمون بشكل دائم). ومع ذلك فان يهود المغرب ما زالوا يشكلون أكبر تجمع يهودي في البلدان العربية.

وحسب مصادر تاريخية فإن هجرة المغاربة اليهود إلى إسرائيل بدأت بدعم من المستعمر الفرنسي على دفعات، ولكن بعد حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 منع الملك الراحل محمد الخامس هجرة اليهود، مقابل منحهم كافة حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية.

غير أنه رغم ذلك استمرت الهجرة سرًّا حتى سنة 1961، حين تُوفِّي محمد الخامس وخلفه ابنه الحسن الثاني؛ لتبدأ بعد هذا مرحلة جديدة من هجرة المغاربة اليهود عبر “صفقة” بين الأمريكيين والفرنسيين والإسرائيليين من جهة والمغرب من جهة ثانية.

كانت هناك فترات، الفترة الأولى ما بين 1948 و1956، في ذلك الوقت كانت فرنسا هي الحاكمة، تعطي جميع التسهيلات، ومن مصلحتها أن تجد حلا لجزء من المجتمع اليهودي المغربي الذي كان يعيش في ظروف صعبة.

وفي سنة 1956، جاء استقلال المغرب، وكان موقف محمد الخامس موقفا شريفا، فمن جهة منح حقوقا سياسية لليهود، وأول كلامه صرح فيه بأن اليهود أضحوا مواطنين كاملي المواطنة، حيث كان يؤكد في كل خطاباته الأولى بعد الاستقلال على مواطنة المغاربة اليهود وحقهم كباقي المغاربة ويطمئنهم باستمرار. وفعلا عين وزيرا يهوديا هو بن زاكين في الحكومة الأولى والثانية، ووقف الهجرة، حيث توقفت عملية تسهيل إعطاء الجوازات لليهود المغاربة ولكنها لم تمنع كليا.

لكن، وبعد وفاة محمد الخامس، تغيرت الأمور، إذ كان هناك مكتب مخصص لـجوازات سفر اليهود وسقطت مقاومة الوطنيين اليهود لمسألة التهجير، بعد أن أصبح القانون يسهل عملية التهجير بتسهيل إعطاء الجوازات لليهود المغاربة.

مباشرة بعد حرب أكتوبر سنة 1973. تلك الحرب أحدثت رجة سياسية كبيرة داخل الكيان الصهيوني، وبدا وقتها أن العرب كان بإمكانهم حسم النزاع العربي الصهيوني، هذه الفكرة قضت مضجع الصهاينة كما لم يحدث قط من قبل طوال سنوات الصراع.

وفي خضم تلك الحالة نشرت تقارير صحافية تشير إلى أن معظم المغاربة اليهود، يعيشون في ظل ظروف اقتصادية صعبة أدت إلى أن كثيرين منهم فكر في العودة إلى المغرب، خاصة أن القانون المغربي لا يسقط الجنسية عن أي كان. ويبلغ عددهم 900 ألفا وفق إحصائيات 2000.

وبسبب حالة التمزق النفسي هذه وسط المغاربة اليهود، سيطلب قادة منظمة التحرير الفلسطينية في اتصالات متكتمة أن يوجه الملك الحسن الثاني ملك المغرب نداء إلى المغاربة اليهود بالعودة إلى وطنهم، أو على الأقل تنقل عنه رسالة بهذا المعنى.

لم يوجه الملك الحسن الثاني النداء المطلوب آنذاك لأن الأوضاع السياسية بالإضافة إلى المناخ السياسي الداخلي، لم تكن تسمح له بتوجيه نداء العودة. لكنه سيفعل ذلك بعد سنوات للعودة، حيث طلب منهم في مطلع الثمانينات الابتعاد عن تكتل الليكود المتطرف، وكان من بين أشهر زعمائه وزير الخارجية الأسبق ديفيد ليفي وهو يهودي مغربي لا يزال منزله قائما في مدينة الرباط العتيقة.

صبحت الدار البيضاء في القرن العشرين العاصمة الاقتصادية، تؤوي أكبر عدد من يهود المغرب. فبنوا تجمعاتهم السكنية ومؤسساتهم التربوية والترفيهية، علاوة على هيئاتهم الدينية التي بلغت 33 معبدا يهوديا في العديد من المدن المغربية.

وبعد سلسلة الهجرات الجماعية، تراجعت الجالية اليهودية في الدار البيضاء، والملاحظ اليوم أن الجالية اليهودية المتبقية في المغرب، على قلة عددها، تواجه حقيقة الواقع المتمثل في إقبال شباب المغاربة اليهود على الهجرة، بمجرد إنهاء الدراسة الثانوية. ونقل عن مدير المدرسة الميمونية (الثانوية العبرية) في الدار البيضاء قوله ان شباب هذه الجالية، ما أن ينهوا دراستهم الثانوية حتى يشدوا الرحال إلى إسرائيل أو فرنسا أو كندا. كما نقل عن بعض هؤلاء الشبان قولهم أنه رغم عدم وجود صراع بين العرب واليهود في المغرب، فهم لا يرون لهم مستقبلا في هذه الأرض، خصوصا بعد كل تصعيد عسكري في منطقة الشرق الأوسط، حيث ترتفع موجة العداء تجاه اليهود في الدول الإسلامية بما فيها المغرب.

ويتمتع اليهود في المغرب بعلاقات طيبة سواء مع السلطات الرسمية، أو مع المغاربة المسلمين. بل ويحتل بعض منهم مواقع هامة في دواليب الدولة المغربية. مثل أندري أزولاي الذي يشغل منصب مستشار الملك محمد السادس. ويرى أزولاي أن اصرار عشرات الآلاف من اليهود في فرنسا وإسرائيل وكندا على الاحتفاظ بهويتهم المغربية والاعتزاز بها يشكل قوة كبرى لليهود المغاربة.

ويحرص يهود المغرب على التجمع والتكتل في مؤسسات وجمعيات، سواء داخل المغرب أو خارجه. ومن أبرزها مجلس الجاليات الإسرائيلية بالمغرب، الذي يتولى أمانته العامة سيرج بيرديغو، وزير السياحة المغربي الأسبق، الذي يتولى في الوقت ذاته منصب رئيس التجمع العالمي لليهود المغاربة.

يشكل اليهود في المغرب، حسب تقرير صادر سنة 2010 عن منظمة أمريكية مهتمة بمراقبة الأديان وحقوق الأقليات في العالم تدعى منتدى بيو للديانة والحياة العامة – يشكلون – نسبة 0,2 في المائة، أي حوالي 70 ألف من مجموع المغاربة المحدد عددهم في حوالي 35 مليون نسمة، كما جاء في آخر إحصاء وطني للمندوبية المغربية السامية للتخطيط. لكن الجهات الرسمية في المغرب لم تنف أو تؤكد صحة التقارير الأمريكية فيما يخص صحة الأرقام والإحصائيات المتعلقة بعدد اليهود في المغرب. هذا التقرير اعتبره العديد من المراقبيين والباحثين مبالغا فيه، حيث أن 70 ألفا نسمة رقم كبير نوعا ما.

وحدد التقرير المناطق التي يتوزع بها معتنقو اليهودية بكثرة بين ثلاث أكبر مدن مغربية، وهي الدار البيضاء ومراكش والرباط، باعتبارها المدن التي تتوفر على معابد اليهود.

وذكر التقرير أن اليهود يتوفرون على 10 معابد مفتوحة لإقامة الطقوس الدينية بانتظام موزعة أيضا بين المدن الثالثة السالفة الذكر، دون أن تجري الإشارة إلى عدد المساجد الموزعة على المدن المغربية، بعد أن حددت المنظمة نسبة المسلمين في المغرب في 99 بالمائة.

ورأت المنظمة الأمريكية المهتمة بالأديان في العالم أن توفر المغرب على 33 معبدا يدل على حرية ممارسة الشعائر الدينية عكس بلدان عربية أخرى كالجزائر والمملكة العربية السعودية.

وأشار تقرير المنظمة إلى أن الأفراد غير المسلمين يعيشون بين المسلمين المغاربة، كما أنم يمارسون شعائرهم الدينية المنصوص عليها في دياناتهم وكتبهم بشكل علني وأمام العموم، وليس بطرق سرية خوفا من المسلمين كما هو الحال في بلدان أخرى.

عمّــــار قـــردود-للمقال عدة مراجع مختلفة-

رابط فيديو:https://youtu.be/_bicOeChD1U

شارك المقال على :