في مقاله في الإيندبندينتي، يسلّط الحبر الدولي خوان رودريغيز الضوء على واحدة من أكثر جوانب النزاع الصحراوي غموضًا وخطورة: استغلال المغرب للموارد الطبيعية في الصحراء الغربية المحتلة. هذه المسألة ليست رسالة جانبية للنزاع، بل في صلبه، لأنها تكشف أن الاحتلال ليس فقط احتلالًا سياسيًا، بل أيضًا استثماري واقتصادي بقيمة استراتيجية بالغة.
منذ بداية الألفية تقريبًا، بدأت الرباط تمنح تراخيص للتنقيب عن النفط قبالة السواحل الصحراوية، ثم توسّعت عملياتها لتشمل الزراعة المكثّفة (معتمدّة على مياه جوفية)، وصيد الأسماك في المياه الصحراوية، وتصريف الرمال نحو قطاعات البناء، وحتى مشاريع الطاقة الشمسية والكهروضوءية.
ما يثير القلق هنا ليس فقط الحجم الكبير للاستغلال، بل شرعية هذا الاستغلال. كيفَ لدولة تحتلّ أرضاً غير معترف بسيادتها عليها دوليًا أن تستثمر مواردها؟ الكاتب يشير إلى أن الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب تلعب دورًا محوريًا في ذلك، لاسيما في مجال الصيد والزراعة. هذه الاتفاقيات تعرضت لانتقادات قانونية لأنها تشمل مناطق الصحراء دون موافقة الشعب الصحراوي.
من جهتهم، النقاش الأخلاقي لا يقل أهمية: هل يستفيد الصحراويون فعلاً من هذه الثروة؟ في الواقع، معظمهم لا يرى شيئًا من هذه المكاسب. جزء كبير منهم يعيش في مخيمات اللاجئين في تندوف، بعيدًا تمامًا عن تلك المشاريع التي تفترض أنها “تنموية”. والمناطق المحتلة كثيرًا ما تستأجرها شركات أجنبية أو مغربية، والربح يتكدس في جيوب غير صحراوية.
ثم هناك الاستراتيجية “الخضراء” التي يوظّفها المغرب بخبث دعائي: يقول إنها تجلب الطاقة النظيفة، لكنها في الواقع تخدم القضم الاستعماري.
الربط بين “البيئة” والاستثمار هو غطاء لتثبيت الوضع الاحتلالي وتعميق السيطرة الاقتصادية على الأرض الصحراوية.
من المنظور القانوني والدولي، هذه الممارسات تثير تساؤلات جادة. وفق تقارير حقوقية، فإن استغلال الموارد يُعد انتهاكًا لحق الصحراويين في تقرير المصير؛ والسؤال الأهم: هل هناك “منافع معقولة ومباشرة” للشعب الصحراوي من وراء هذا الاستغلال؟ يبدو أن الإجابة تميل إلى “لا” في كثير من الحالات.
الجزائر، التي تدعم معنويًا وشعبيًا حق الصحراويين في الاستقلال، ترى في هذه السياسات الاقتصادية جزءًا من مشروع أكبر: مشروع استعمار اقتصادي مموّل من الخارج، وليس مشروع تنمية محلية. إن الغزو الاقتصادي من خلال استنزاف الثروات الصحراوية هو أحد الأعمدة الصلبة للاحتلال المغربي، ولا يمكن فصله عن الجرم السياسي الذي يمارسه نظام المخزن ضد الشعب الصحراوي.
ختامًا، الحديث عن موارد الصحراء ليس رفاهية تحليلية، بل قضية كرامة وسيادة: إن ترك المغرب ينهب هذه الثروات من دون مساءلة دولية أو محاسبة قانونية هو بمثابة تأييد ضمني للاستعمار الاقتصادي. على المجتمع الدولي، أن يعيد رفع هذا الملف ضمن أجندات العدالة الدولية وإعادة الحقوق للشعب الصحراوي قبل أن يُصبح النهب “مشروعًا مقبولًا”.
