هدوء حذر فى بيروت ودعوات لوقف التصعيد

أحمد عاشور

يخيم الهدوء الحذر على شوارع العاصمة اللبنانية بيروت, بعد الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة “الطيونية”, والتي خلفت 7 قتلى, وعشرات الجرحى, وسط مخاوف من تأزم الوضع السياسي الذي يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات, فيما توالت الدعوات إلى الهدوء للحفاظ على الاستقرار و السلم الأهلي.

وشهدت منطقة “الطيونية” الواقعة بين منطقتي “الشياح” ذات الأغلبية الشيعية, و”عين الرمانة-بدارو” ذات الأغلبية المسيحية, أول أمس الخميس, اضطرابات مسلحة, وصفتها السلطات بأنها “هجوم” على متظاهرين كانوا متجهين إلى القصر العدلي للمشاركة في احتجاج دعت له جماعة “حزب الله” وحركة “أمل”, للمطالبة بعزل قاضي التحقيقات في انفجار المرفأ بيروت, طارق بيطار, الذي يتهمونه بتوجيه التحقيق إلى “وجهات سياسية”.

وتبادل حزب”الله” مع حركة”أمل”, و حزب “القوات اللبنانية”, الاتهامات بشأن المسؤولية عن الاشتباكات الدامية, و التي ذكرت مشاهدها بمشاهد الحرب الأهلية في السبعينات القرن الماضي.

وأوقفت أجهزة الأمن اللبنانية 19 شخصا بتهمة تورطهم في أحداث بيروت الدامية, بحسب ما أفادت به وكالة الإعلام اللبنانية الرسمية.

وقالت الوكالة, أمس الجمعة, إن التحقيقات الأولية التي تجريها الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء, “أسفرت عن توقيف 19 شخصا ممن ثبت تورطهم في الاشتباك المسلح”, لافتة إلى, أن القضاء العسكري “كلف استخبارات الجيش بإجراء التحقيقات الأولية والميدانية, كما طلب من جهاز أمن الدولة والأمن العام وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بإجراء التحريات والاستقصاءات وجمع المعلومات عما حصل, كما طلب إجراء عملية مسح شاملة لكل كاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة, لتحديد هويات جميع المسلحين من الطرفين”.

وقد تم تشييع 3 من القتلى الذين سقطوا في الاشتباكات, في وقت عزز فيه الجيش اللبناني إجراءاته في منطقة الاشتباكات في تقاطع “الشياح -عين الرمانة”, وذلك في ظل حداد عام على أرواح الضحايا.

وينتظر أن يعقد مجلس القضاء الأعلى اللبناني الثلاثاء المقبل, اجتماعا مع قاضي مرفأ بيروت بيطار للاستماع إلى رأيه حول مسار التحقيق.

ويرى مراقبون, أن المعركة السياسية حول ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت “قد يغرق البلاد في مخاطر طائفية وسياسية وأمنية”.

 

دعوات اقليمية و دولية إلى تجنب التصعيد و الفتنة

 

وأمام الوضع المتفجر, حذر الرئيس اللبناني العماد ميشال عون, من أن القوى العسكرية والأمنية ستقوم بواجباتها في حماية الأمن والاستقرار والسلم الأهلي, و”لن تسمح لأحد بأن يأخذ لبنان رهينة مصالحه الخاصة أو حساباته”, متعهدا ب”عدم السماح بتكرار ما حصل اليوم في منطقة الطيونة تحت أي ظرف كان”.

وقال عون في كلمة وجهها أول أمس الخميس إلى مواطنيه بخصوص أحداث منطقة الطيونة: إن “ما حصل اليوم سيكون موضع متابعة أمنية وقضائية, وصولا إلى محاسبة المسؤولين عنه, والمحرضين عليه, مثله مثل أي تحقيق قضائي آخر, بما فيه التحقيق في جريمة مرفأ بيروت”.

من جهته, دعا رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي, إلى توقيف المتسببين بالاعتداء, والتحلي بالهدوء, مشيرا أنه يتابع مع قائد الجيش الخطوات التي تتخذ للسيطرة على الوضع.

وفي سياق ردود الأفعال الدولية, أعربت الجزائر, أمس الجمعة, عن قلقها الكبير إزاء تطور الأوضاع في لبنان الشقيق, معبرة عن أسفها لسقوط ضحايا جراء الأحداث الجارية, بالعاصمة بيروت.

و دعت الجزائر,”كافة الأطراف اللبنانية إلى التحلي بروح المسؤولية والحكمة للحفاظ على وحدة الشعب اللبناني الشقيق”, كما أكدت في هذا السياق “ضرورة ضمان السير العادي لمؤسسات الدولة والاستجابة لحاجيات ومتطلبات العيش الكريم للمواطنين”.

وبدورها, دعت الكويت اللبنانيين إلى ضبط النفس ووأد الفتنة, والالتزام بالدستور والقانون “بما يحفظ للبنان أمنه واستقراره ويمكن الحكومة من الاضطلاع بمسؤولياتها ومواجهة الأزمات التي يعاني منها البلد الشقيق بما يمكن المجتمع الدولي من مساعدته”.

من جهتها, أدانت إيران حادث إطلاق النار الذي استهدف متظاهرين في العاصمة اللبنانية بيروت, ودعت إلى التحلي بالهدوء, مؤكدة على “‘ضرورة الحفاظ على “الاستقرار والسلام” في لبنان.

وناشد لأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط , جميع الأطراف اللبنانية إلى ضرورة ضبط النفس وتجنب الفتنة ولغة التحريض وأفعال التصعيد, و”وضع المصلحة العليا للبنان فوق أية اعتبارات حزبية, أو طائفية ضيقة”.

ودعت منظمة التعاون الإسلامي, هي الأخرى, الأطراف اللبنانية, إلى وقف العنف وتغليب المصلحة العليا للشعب اللبناني وتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار والتنمية الازدهار”, مؤكدة “وقوفها وتضامنها مع الشعب اللبناني”.

بدوره, أدان الاتحاد الأوروبي أحداث العنف التي وقعت في لبنان, و دعا إلى ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات.

وحث جوزيف بوريل, الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي, جميع الأطراف والقادة على “التصرف بهدوء ومسؤولية لمنع تصعيد العنف في هذا الوقت الحرج بالنسبة للبنان كما يجب أن تكمن الأولوية في المعالجة البناءة والعاجلة لكل الأزمات التي يتعين على لبنان وشعبها تحملها منذ وقت طويل جدا”.

وأعربت النمسا, عن أسفها للصدامات المسلحة التي وقعت بين الفرقاء السياسيين في بيروت, مطالبة جميع الأطراف السياسية الفاعلة في لبنان ب “العمل على ممارسة ضبط النفس في مواجهة الخلافات بينهم”.

شارك المقال على :