الاثنين 19 ماي 2025

هذا ما قاله ناصري بمناسبة انتخابه رئيساً لمجلس الأمة

نُشر في:
بقلم: كمال علاق
هذا ما قاله ناصري بمناسبة انتخابه رئيساً لمجلس الأمة

ألقى اليوم، رئيس مجلس الأمة عزوز ناصري، كلمة بمناسبة انتخابه رئيساً للمجلس، خلفاً لصالح قوجيل، أعرب فيها عن خالص التقدير وعميق الامتنان لرئيس الجمهورية، لما أبداه ويُبديه من حرص موصول على تعزيز مكانة السلطة التشريعية في منظومة الحكم، وتثمينه الدائم لأدوارها المحورية في تكريس دولة القانون وترسيخ الممارسة الديمقراطية.

وفي التالي الكلمة كاملةً:

زميلاتي الفضليات، زملائي الأفاضل، أقف أمامكم في هذه اللحظة، مثقلا بما حـملتموني من عبء وثقل مسؤوليـــة رئاسة مجلس الأمة الموقر، وأنها لمسؤولية، قائمة على التكليف لا التشريف، وجب النهوض بها والانضباط لها، والالتزام بروحها وواجباتها وضوابط أخلاقياتها.

إذ أتوجه إليكم – أيها الزملاء، أيتها الزميلات – بـــجـــزيــــل التشكرات ووافــــر العرفان نظير ثقتكم الغالية التي أضعها تاجا على رأسي ووساما أوشح بـه صدري، ألتمس منكم جميعا بل وأدعوكم إلى مــــــدي بـــــيـــد العون والمساعدة، للقيام بالمسؤولية الملقاة على عاتقي وتجسيدها على أحسن وجـه وأتعهد من جانبـي بممارستها بكل تفــــان وصدق وإخلاص، كما سأكون خلالها، بعون الله، رئيسا جامعا بين كل أعضاء المجلس، باختلاف طيفهم السياسي وانتمائهم الكتلي، وداعما لطابعه الديمقراطي التعددي.

زميلاتي الفضليات، زملائي الأفاضل،
أغتنم هذه السانحة، لأتقدم بأحر التهاني وأطيب التبريكات، إلى الزميلة والـــــزملاء الجــــــدد المنـــضمــــين حديـــــثا إلى مجلسنا – انـــــتخـــابا وتعيـــــيـــــنا – متمـــــنيا لهم التــوفيـــــق والســـــداد والنجاح.
في مفتتح هذا الاستحقاق الدستوري، أتوجه بخالص التقدير وعميق الامتنان إلى السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، لما أبداه ويُبديه من حرص موصول على تعزيز مكانة السلطة التشريعية في منظومة الحكم، وتثمينه الدائم لأدوارها المحورية في تكريس دولة القانون وترسيخ الممارسة الديمقراطية…فما يوليه سيادته للمؤسسة البرلمانية من رعاية واعتداد، يجسد قناعة راسخة بأهمية التوازن المؤسسي، ويؤكد إرادته السياسية الصادقة في أخلقة وتشبيب السلطة التشريعية، وإعلاء شأنها ضمن البناء المؤسساتي للدولة، وتشجيع التداول الديمقراطي المسؤول.

ومن باب من لا يشكر فضائل الناس لا يشكر الله، أود أن أغتنم هذا المقام، لأجـــزل الشكر الوفير، وكبير الامتنان وعظيم التقدير، إلى المجاهد الرمز من رعيل نوفمبر الثائر والوطني الفـــــذ، والرجل الشهم صاحب الخصال الحميدة، السيد الرئيس صالح قـوجـيل اعترافا واشادة بما أظهره من حكمــــة ورصانـــــة وكفاءة عاليــــة في ادارة شــــؤون مجــــلــــس الامة وبما قدمه من مجهودات جليلة بصفته عضوا ورئيسا له، وهي المجهودات المشهودة التي تـــنــم عن جهاده الثوري البطولي أثناء ثورة التحرير المظفرة، ونضالــــه الدائم الخلـــــــوص للـــــوطن، وتـحـلـيـه بــــثـــقافة الدولة، وكذا عن خبرتـــــه وتجربـــــته الطويلتين والمتبصرتين في ادارة وتسيير الشؤون العامة، متمنيا لـه دوام الصحة والعافية لمواصلة مسيرتـه الثـريــة حيثما حـــل وكلما تقلـــــد، كما لا يفوتوني في السياق نفسه، تقديم جزيل التشكرات إلى الزملاء والزميلات التي انتهت عهدتهم بمن فيهم الزملاء من الولايات العشر الجديدة جنوب البلاد الذين لم تــــحالفهم عملية القرعـــة، منوها لهم جميعا بممارستهم البرلمانـــــية السليمــــــة والجـــادة وداعيا اياهم إلى الاستمرار بجديتهم المعهودة، في خدمة الصالح العام من مختلف مواقعهم المهنية والنضالية.

في رحاب مجلسنا كذلك ولقد كانا بيــــنــنا، لا تفارق ذاكرتــنا الزميلين المرحومين الأستاذ عبد الله مسك والبروفيسور وليد العقون، اللذيــــــن التحـــــقا مؤخرا بعـــــفو ورحـــمــــــة الله تعــــالى ونشهد لهما بــــجميل بذلهما وغزارة عطائهما للوطن وبوفائهما لــه، وبنشاطاتــهما الثريـــــة والقيمة للمجلس، وإلى المولى عـز وجـل، نرفع أكف التضرع بأن بتغمدهما برحمــــتـــه الواسعة ويجعل مثواهــما الفردوس الأعلى
زميلاتي الفضليات، زملائي الأفاضل،
في الجزائر أيام بطولات وتضحية لها تاريخ،… وعليه في إن جـمعنا يلتئم في هذه الجلسة، والجزائر –وطنا وشعبا – تخلد اليوم الوطنـــــــي للذاكرة الذي أســــــسه بالتـــــرسيــــــم رئــيـــــس الجــــمهــــــوريــــــــــة الــــــسيـــــد عبد المـــجـــيــــد تــــبـــون ويصادف سنويا ذكرى مجازر 8 ماي 1945، وكذا تخليد اليوم الوطني للطالب الموافق لمثل يومنا هذا من عام 1956، لما صنع طلبــــتـــــنا الأفذاذ ملحمة بطولية أخرى من ملاحم الجزائر الثائرة ضد الاستعمار الفرنسي الهمجـي بــــتــــفضيلهم الوطن على الــــدراسة، وباختيارهم التضحية والفداء في سبيل حريـــتــه واستقلالــــــه على الشهادة العلمية أنها بكل فـــــخـر، الذاكرة الوطنية الضاربة في أعماق التاريخ، الفائضة بسخاء النــــفـــــس وعــــــلـــــو الهمــــة، الحافلـــــة بالتـــــضحــــيات الجســام والـمنــتـــــشــيـــة بـــالـــــبطولات والأمــجــــاد، وتــــــتيح لنا في كل ذكرياتها الخالدة، مـــوعـــــدا لاستــــقـــــــراء التـــــاريــــــخ الــــوطنــــــــي، والاستــــــلــــهام من عبـــــره، وجعله بالمعنى والمبنى، منهلا لا ينضب بالقيم الوطنية المثلى، ونبراسا يضيء على الدوام المعالم والدروب.
غــــنــــي عن البيان، أن مجازر 8 ماي 1945 وكافة المجازر البشريـــة الشنيعــــة التي تفـــنــن فيها الاحتلال الفرنسي ضد شعبنا الأبــــي، تأبـى في نفوسنا النسيان ولا تسقط بالتقادم وتظل وصمة عار في جبين الاستعمار الفرنسي البغيض، هي بذلك مطـــــلب اعتـــــــذار وموضع تـــجريــــــم، وعلى أحـــرار فرنـــــسا من رسـميــــــيـــن وســــــيـــــاسيــــــيـــن وبــــرلـــــمــانيــــــيــــن ومــــؤرخـــــين، الانخراط في هذا المسعى وعـــدم جعلــــــــه عــــــرضــــــة للنســــــيان أو التــــــــنـــاســـــــــي أو الانكار.
من نافلة القول، أن الحفاظ على الذاكرة التاريخية الوطنية و الاقتداء بها منهجا وعملا وسلوكا، يعتبر واجبا وطنيا مقدسا،… كما أن من أغراض الالتزام والتمسك بها، نرمي إلى ترسيخ حب الوطن، والاعتزاز بالانتماء اليه، والتحصن بمقدساتــه ودعائم هويـــــتــــه الجامعة، وعناصر وحدتـــه، ومقومات ثوابته الراسخة بما ينـمـي لدى أبناء الوطن منظومة مبادئ و قيم ، وصفات الوطنية الصادقة في ظل عولمة لا ترحم، وفي كنف ما يحيط بالوطن المفدى من مخاطر مــحدقة ودسائس دنيئة اقليميا وجهويا، وهو الثابت على مواقفه والرائد في منجزاتـــه.

زميلاتي الفضليات، زملائي الأفاضل،
وجب التأكيد، بأن مجلسنا الموقر سيظل ملتزما بصلاحياته الدستورية، متعاونا مع المؤسسات الدستورية الأخرى للدولة، وحريصا على استقرارها، ومنسجما مع ما يكفله الدستور للسيد رئيس الجمهورية من مهام ضمان الســــير الحسن للمؤسسات والنظام الدستوري، وعلى هذا الأساس ينبغي أن نتواصى جميعا – نحن أعضاء مجلس الامة – بضرورة التحلي بروح المسؤولية الحقة، والالتزام بالواجب البرلماني السليم والرزين في كل الظروف وفي جميع التصرفات، والتفرغ الكلي للأداء البرلمانــــي المتمثل في اعداد القوانين والتصويت عليها ومراقبة عمل الحكومة ،وفقا للشروط التي حددها دستور الفاتح من نوفمبر 2020، الذي كلف- فضلا على ما ذكرته سالفا- مؤسسات الدولة بالسعي إلى تحقيق الامن القانوني من خلال السهر عند وضع التشريع المتعلق بالحقوق والحريات على ضمان الوصول إليه ووضوحه واستقراره، إلى جانب الاصغــــاء لـــــقضايــا وتــــطلعات المواطنـــــيــــن والعمل على حــــلها بالتنســـيـــق مع الهــــيئــــات والسلطــــات المــــعنـــيــــة، وهي كلها عوامل كفيلة بـــتفعيل وترقية أداء المجلس ، وحتى لا يعاب علينا التقصير في القيام بالواجب التشريعــي والنشاط البرلماني الوجيـــــه.
كما أجدد التزامي الراسخ بروح المسؤولية الدستورية، وأعرب عن عزمي الصادق وإرادتي القوية في ترقية وتمتين فضيلة التنسيق والتشاور والتعاون مع المجلس الشعبي الوطني، هذا الشريك الدستوري الذي يتكامل مع مجلس الأمة في الوظيفة التشريعية، إيمانا مني بأن التناسق والتكامل بين غرفتي البرلمان يعد ركيزة جوهرية لتعزيز العمل الؤسساتي وترسيخ دولة القانون، وتجسيدا فعليا لمبادئ الديمقراطية التشاركية التي ينص عليها دستور الجمهورية.

في سياق ذي صلة، ينبغي العمل من أجل ترقية الدبلوماسية البرلمانية على المستويين المتعدد والثنائي الأطراف بالنظر لأهميتها في المنظومة البرلمانية… فهيى مجال محفوظ للبرلمان بغرفتيه، وفق مبدأ – برلمان بغرفتين وصوت واحد-، بما يسمح بالتواجد الفعلي والنشط في الهيئات البرلمانية الاقليمية منها والدولية، وبما يواكب الدبلوماسية الرسمية للدولة في اعلاء صوت الجزائر الوفية لعقيدتها الثابتة في احلال السلم والأمن العالميــيــن والتعاون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، فضلا عن الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، وعلى رأسها أم القضايا، القضية الفلسطينية وحـــــــق شعبها المضطهد في اقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف،… ومعها مواصلة الذود والمرافعة عن حق الشعوب في الاستقلال والسيادة وتقرير المصير وعلى رأسها حق الشعب الصحراوي المشروع وغير القابل للتصرف في تقرير مصيره وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

رابط دائم : https://dzair.cc/wxdb نسخ