4 سبتمبر، 2025
ANEP الخميس 04 سبتمبر 2025

هكذا أنجح الرئيس تبون معرض التجارة البينية الإفريقية هي رسالة قوية للخصوم وتكريس لمكانة الجزائر كقوة صاعدة في القارة.. بقلم/ معمر قاني

نُشر في:
بقلم: معمر قاني

لم يكن إشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على افتتاح الدورة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية حدثاً عادياً في الجزائر، بل شكل محطة بارزة حملت رسائل سياسية عميقة ووضعت حداً للتأويلات والشائعات التي روّج لها خصوم الجزائر وأبواق المخزن في الآونة الأخيرة حول غياب الرئيس. فقد جاء ظهوره العلني ونشاطه المكثف بمثابة رد عملي وصارم على كل المشككين، وعلى رأسهم بعض الأقلام المأجورة مثل محمد سيفاوي، التي حاولت الادعاء بأن تبون بعيد عن تسيير شؤون الدولة.

ظهور يبدد الشائعات ويرد على الحملات المغرضة

استقبال الرئيس تبون بنفسه عدداً من القادة والرؤساء الأفارقة الذين حضروا إلى الجزائر، ثم إشرافه المباشر على افتتاح أكبر معرض اقتصادي في القارة، كان بمثابة الجواب الأوضح والأكثر قوة على تلك الحملات الدعائية. فقد بدا الرئيس في كامل حضوره، متحدثاً بثقة أمام الوفود المشاركة، وموجهاً رسائل سياسية واقتصادية حاسمة أكدت أنه يمسك بزمام الحكم ويقود البلاد في مرحلة حاسمة من تاريخها.

الجزائر في قلب القارة: حضور إفريقي رفيع

المعرض الذي احتضنته الجزائر عرف مشاركة شخصيات وازنة من القارة، ما عزز البعد الرمزي لظهور الرئيس تبون. فقد حضر الرئيس النيجيري الأسبق أولوسيغون أوباسانجو، الذي أكد أن “الجزائر اليوم تضع إفريقيا على الطريق الصحيح للتكامل”، كما حضرت شخصيات من البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك) على غرار النائبة التنفيذية كانايو أواني، التي أشادت بقدرة الجزائر على جمع القادة الأفارقة في حدث واحد يعكس قوة الإرادة السياسية.

الرئيس تبون استقبل أيضاً قادة ومسؤولين من دول مغاربية وإفريقية، في مقدمتهم رئيس جمهورية تشاد محمد إدريس ديبي إتنو، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية إبراهيم غالي، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إلى جانب وفد رفيع من الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

كما شارك في الحدث مسؤولون رفيعو المستوى من مفوضية الاتحاد الإفريقي، يتقدمهم ممثلون عن سكريتارية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، إضافة إلى قيادات مصرفية واقتصادية من البنك الإفريقي للتنمية والبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك). هذا الحضور الوازن لم يكن مجرد مشاركة بروتوكولية، بل يعكس بوضوح الثقة المتزايدة التي تحظى بها الجزائر كقوة إقليمية صاعدة، قادرة على لعب دور محوري في قيادة مشاريع التكامل الاقتصادي والسياسي للقارة، وكمحرك رئيسي في إعادة رسم خريطة التعاون الإفريقي–الإفريقي.

هذا الحضور المتميز لم يكن مجرد مشاركة بروتوكولية، بل دليل على الثقة المتزايدة التي تحظى بها الجزائر كقوة إقليمية صاعدة، قادرة على لعب دور محوري في قيادة مشاريع التكامل الاقتصادي والسياسي للقارة، وكمحرك رئيسي في إعادة رسم خريطة التعاون الإفريقي–الإفريقي.

لقاءات ثنائية وجماعية: تعزيز التضامن المغاربي والإفريقي

وعلى هامش فعاليات المعرض، عقد الرئيس تبون لقاءات ثنائية وجماعية مع عدد من القادة، من بينهم الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. وقد تناولت هذه اللقاءات سبل تعزيز التعاون المغاربي وتنسيق المواقف في الملفات الإقليمية والدولية، خاصة في ما يتعلق بأمن الساحل، ومستقبل الاتحاد المغاربي، ودعم القضايا العادلة للشعوب وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

اللقاء الرباعي الذي جمع قادة الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا والصحراء الغربية حمل أبعاداً سياسية عميقة، حيث أكد على ضرورة إحياء روح التضامن المغاربي والإفريقي، ومواجهة التحديات المشتركة عبر تنسيق الجهود في مجالات الاقتصاد والأمن والدبلوماسية.

رسائل سياسية: ضربة للمخزن ودفاع عن السيادة الإفريقية

كلمة الرئيس تبون في افتتاح المعرض حملت رسائل مباشرة لا تخلو من رمزية سياسية، خاصة حين شدد على أن “إفريقيا لا يمكن أن تُبنى إلا بقرارات إفريقية وبإرادة شعوبها”، في إشارة واضحة إلى رفض الإملاءات الخارجية التي يسعى نظام المخزن وحلفاؤه إلى فرضها على القارة. كما أكد دعم الجزائر الثابت للقضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهو موقف ينسجم مع التوجه التاريخي للجزائر ويكرس موقعها كمدافع شرس عن سيادة الشعوب.

قائد إفريقي برؤية مستقبلية

ظهور الرئيس تبون في هذا التوقيت الحساس عكس صورة قائد إفريقي يسعى لترك بصمته في القارة. فقد شدد على ضرورة تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية كإطار عملي لتعزيز المبادلات البينية ورفع حجمها بما يحقق السيادة الاقتصادية. كما أبرز أن الجزائر استثمرت في بنيتها التحتية وممراتها اللوجستية وموانئها لتكون جسراً يربط شمال القارة بجنوبها وشرقها بغربها.

تبون بدا حريصاً على التأكيد أن الجزائر ليست مجرد بلد مضيف، بل شريك استراتيجي يسعى إلى قيادة مسار التكامل الإفريقي بما يخدم المصالح المشتركة ويفتح آفاقاً جديدة للتنمية.

دلالات الظهور القوي

المحللون أجمعوا على أن إشراف الرئيس تبون على هذا الحدث القاري الضخم كان أكثر من مجرد نشاط بروتوكولي. إنه ضربة موجعة لأبواق المخزن الذين حاولوا استغلال الشائعات لتشويه صورة القيادة الجزائرية. كما أنه تجسيد لمكانة الجزائر في إفريقيا، ورسالة واضحة بأن الجزائر في عهد الرئيس تبون تسير بخطى ثابتة لتكون فاعلاً محورياً في صياغة مستقبل القارة.

إن ظهور الرئيس تبون في قلب هذا الحدث لم يكن مجرد صورة سياسية عابرة، بل إعلاناً صريحاً عن حضور جزائري قوي في إفريقيا، وعن قيادة تتحدى الأعداء وترد عليهم بالفعل لا بالقول، في وقت تعمل فيه البلاد على تكريس مكانتها كقوة إفريقية صاعدة وصوت للشعوب الباحثة عن السيادة والتنمية.

رابط دائم : https://dzair.cc/lhx4 نسخ