×
Publicité ANEP
ANEP PN2500006
12 أغسطس، 2025
ANEP الثلاثاء 12 أوت 2025
Publicité Djezzy
ANEP PN2500006

هل حان الوقت لإعادة النظر في التعامل مع جرائم الأحياء وتشديد العقوبات ضدّ المجرمين الخطرين حمايةً لأمن المجتمع الجزائري؟

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
هل حان الوقت لإعادة النظر في التعامل مع جرائم الأحياء وتشديد العقوبات ضدّ المجرمين الخطرين حمايةً لأمن المجتمع الجزائري؟

لقد أخذت الجريمة في الجزائر أبعادا خطيرة لا يمكن التغاضي عنها بأيّ حال من الأحوال، وأضحت ضرورة معالجتها من خلال تحليل دقيق ومعمق لمسبباتها ووضع حلول واقعية وملموسة لرصدها والتصدي لها والوقاية منها، تشكّل أولوية قصوى وأهمية بالغة، حيث أن الأمر يتعلّق بأمن المجتمع الجزائري الذي يشكّل القاعدة الأساسية والصلبة في بناء الدولة والهدف الأسمى من وجود مؤسسات الجمهورية، إذ أن الأمن القومي المتعلّق بحماية حدود الوطن يتكامل مع أمن واستقرار المجتمع.

لا أحد ينكر المجهودات الجبارة والهائلة التي تبذلها الدولة الجزائرية، وكذا الوسائل المتنوعة والعديدة التي تحشدها، بما يؤكّد حرصها وسعيها الحثيث والدؤوب على حماية المجتمع الجزائري من مخاطر الجريمة المنظمة والإرهاب ومختلف الآفات الاجتماعية وعلى رأسها ترويج المخدرات والمهلوسات، فقد وضعت قيد الخدمة جميع مصالحها الأمنية والعسكرية في سبيل تفكيك مختلف الشبكات الإجرامية والإرهابية المحلية والدولية والعابرة للحدود، لكنّ مسألة الأمن المجتمعي أضحت تتطلّب مقاربات ردعية ومشدّدة في التعامل معها.

وفي هذا السياق، فإن أيّ مقاربة أو استراتيجية جديدة في التعامل مع هذه الظاهرة في أبعادها الخطيرة المستجدّة تتطلب إعادة النظر في الترسانة القانونية، وعلى رأسها قانون العقوبات، عبر تشديد العقوبات القانونية، من خلال رفع الحد الأدنى للعقوبات على جرائم القتل، السطو، الاعتداء بالسلاح الأبيض، والاختطاف.

لقد أضحى تطبيق عقوبة الإعدام، في ظل شبه إجماع مجتمعي يشكل ضرورة قصوى لما لها من أهمية في ردع المجرمين، وخاصة ذوي السوابق القضائية، حيث أن إعادة تفعيل عقوبة الإعدام في الجرائم الكبرى على غرار القتل العمد مع سبق الإصرار، الاغتصاب المقترن بالقتل، الإرهاب، والخيانة العظمى، تساهم بشكل كبير في حماية المجتمع من عودة المجرم الخطر إلى الشارع.

وفي سياق ذي صلة، فإنّ الأمن الجواري بات يشكّل ضرورة ملحّة بالنسبة للمواطن أثناء جميع أنشطته اليومية، ما يستدعي تفكيرا استراتيجيا يأخذ بعين الاعتبار إعادة الشرطة البلدية أو الجوارية، حيث أنّ وضع جهاز الشرطة الميدانية القريبة من الأحياء، كما كان معمولاً به في التسعينات، يساعد كثيرا في مراقبة الشوارع والأزقة بشكل دائم وكذا التدخل الفوري عند أي تجاوز، إضافة إلى السهر على توفير الإنارة العمومية داخل التجمعات السكانية.

وبخصوص التعامل مع المجرمين الخطرين الذين يتسببون في تكرار جرائمهم عند خروجهم من السجن، فإنّ مسألة إلغاء العفو عنهم أضحت تشكّل ضرورة قصوى، حيث أنّ وقف الإفراج المبكر أو العفو الكلي عن مرتكبي الجرائم العنيفة وأصحاب السوابق، يؤسّس لمبدأ عدم التساهل معهم، ما يعني إغلاق الباب أمام أي إمكانية أو مقدرة لهم على تكرار الجريمة.
إنّ الأشغال الشاقة اليومية المسلّطة على هذا الصنف من المجرمين ذوي السوابق، وإلزامهم بالعمل في مشاريع وطنية (بناء، نظافة، صيانة الطرق، الزراعة) مع استثمار عائد العمل لصالح المرافق العامة، يمثل وسيلة مهمّة في بناء شخصيتهم وتنمية أنفسهم على الاعتماد على الذات تحسبا لمرحلة ما بعد السجن، فهي بذلك طريقة تربوية ناجعة لإزالة النزعة الإجرامية عند هؤلاء المجرمين الخطرين.

كما أن البث العلني لندم المجرمين من السجن يشكّل رادعا قويا لدى مرتكبي الجنح والجرائم وحتى الناس العاديين يجعلهم يحسبون ألف حساب قبل الانجرار نحو السرقة واللصوصية والجريمة بشكل عام، وذلك من خلال إنتاج وبث مقاطع مصورة داخل السجون يظهر فيها المجرمون وهم يعترفون بجرائمهم، يوجهون رسائل تحذيرية للشباب، ويطلبون الرحمة من المجتمع، لكن دون أن يُفرج عنهم، ليكونوا عبرة لغيرهم.

إنّ أمن المواطن خط أحمر، فلا مجال للتهاون مع المجرمين، إذ أنّ سياسة “القانون فوق الجميع” هي السبيل لوقف النزيف وحماية المجتمع من الانهيار الأخلاقي والأمني، وقد رأينا كيف تتعامل دول عظمى لها تقاليد أمنية راسخة بحزم مع المجرمين، ولعلّ قرار الرئيس الأمريكي ترامب إعلان حالة الطوارئ في العاصمة واشنطن وإصراره على سجن المجرمين وإخلائها من المتشردين، يعطي ملمحا واضحا لضرورة التعامل بحزم مع الإجرام داخل مجتمعات الدول المتقدمة.

رابط دائم : https://dzair.cc/xwuj نسخ