الاثنين 23 جوان 2025

هل يدرك الشعب المغربي أنّ الملك محمّد السادس بإبرامه لاتفاقيات التطبيع أقرّ عملياً بأنّ بلادهم مستوطنة صهيونية والمغاربة عبيد للصهاينة؟

نُشر في:
بقلم: أحمد عاشور
هل يدرك الشعب المغربي أنّ الملك محمّد السادس بإبرامه لاتفاقيات التطبيع أقرّ عملياً بأنّ بلادهم مستوطنة صهيونية والمغاربة عبيد للصهاينة؟

منذ توقيع اتفاقيات التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني أواخر عام 2020، والذي كان بمثابة استئناف علاقات دبلوماسية كانت موجودة في السابق، شهد الجانبان انطلاقة جديدة نحو تعاون استراتيجي وعسكري استثنائي وغير مسبوق في تاريخ المغرب، وتحقّق هذا التطور ضمن إطار اتفاقات أبراهام، التي مهّدت الطريق لإقامة شراكات شاملة في مجالات مثل الدفاع، التكنولوجيا، والأمن السيبراني بين الكيان وعدد من الدول العربية.

وعلى المستوى المحلي بدأت خطط الكيان الصهيوني في تحويل المغرب إلى مقاطعة صهيونية تأخذ ملامح واضحة، لتتأكّد أكثر مع العدوان الإسرائيلي على غزة ومؤخرا حربه التي شنها ضدّ إيران، حيث امتنعت الدبلوماسية المخزنية عن إصدار أيّ تنديد أو استنكار لجرائم جيش الاحتلال، ولم تنصت إلى نبض الشارع المغربي الذي طالبها ولا يزال، بقطعها وبدلا من ذلك مضى القصر العلوي في تعنته وأصر على استكمال اتفاقيات التطبيع المبرمة.

استنكر اليهود المغاربة على المحاولات الإسرائيلية باستخلاص أموال من المغرب كتعويضات عن أملاك اليهود المغاربة الذين هجرتهم الحركة الصهيونية لفلسطين المحتلة وقالوا إنها أكاذيب وادعاءات لا أساس لها من الصحة.

قبل إبرامه لاتفاقيات التطبيع كان الكيان الصهيوني يبتز المغرب من أجل إجباره على الرضوخ لمحاولاته في استئناف العلاقات الدبلوماسية المجمّدة منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية في …، حيث أقدمت وزارة المساواة الاجتماعية في الكيان الصهيوني على مطالبة المغرب بإعادة أموال 300 ألف يهودي مغربي غادروا البلاد عام 1960 متهمة إياه بأنه قام بطردهم واستولى على ممتلكاتهم.

وكان الكيان الصهيوني يطالب منذ سنوات سبعة بلدان عربية بإعادة ممتلكات يهود اتهمتها بمصادرتها، وهي مصر وسوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا والمغرب، حيث قوّمها بـ 250 مليار دولار.

وفي هذا السياق، أثيرت شبهات حول توسّط يهود مغاربة مقيمين بالمغرب، توسطوا لدى نواب بالكونغرس الأمريكي بغرض إسقاط المغرب من هذه القائمة الصهيونية، وهذا ما حدث بالفعل حيث أصدرت سلطات الكيان قرارا بهذا الشأن، لتُطرح عدة أسئلة حول ما هو المقابل الذي يكون المغرب قد دفعه من أجل وضع حد للابتزازات الصهيونية؟

الصهاينة بدؤوا بمصادرة أراضي المغاربة بعد إبرام اتفاقيات التطبيع

شرع الشعب المغربي في دفع أولى نتائج التطبيع، بعد إقدام أحد اليهود على المطالبة باسترجاع أرضه التي يقطنها حاليا أكثر من ألفي أسرة مغربية، بحجة أنها ملكه، رغم أن سكانها يؤكدون أنهم شغلوها منذ نصف قرن.

تجسدت أولى هذه الخطوات، في مطالبة أبناء أحد اليهود الذين غادروا المغرب في القرن الماضي، باسترجاع قطعة أرضية يدعون أن والدهم كان يملكها، بتفويض شركة عقارية يملكونها لتحريك الدعوى.

ويتعلق الأمر بقطعة أرضية مساحتها 14 هكتار، بمدينة طنجة تدعى حي بن كيران أو “حومة الشوك”، حيث شرعت شركة “أشرف إيموبيليي” المملوكة ليهودي مقيم بإسبانيا ترك والده المغرب منذ 50 سنة، في إجراءات استرجاع أملاكها المزعومة.

ويقطن القطعة الأرضية حاليا أكثر من ألف عائلة مغربية، تفاجأت بتلقيها إستدعاءات للمحكمة الابتدائية بالمدينة يوم 22 أكتوبر لحضور جلسة بناء على دعوى من الشركة العقارية التي تطالب بطردهم من منازلهم بدعوى أنهم يشغلونها بشكل غير قانوني.

تفضيلات استثمارية لشركات صهيونية واستحواذها على صفقات مجزية بالمملكة

أكد المفكر المغربي أبو زيد المقرئ الإدريسي أن شركات صهيونية تمارس ضغوطات وتبتزُّ موظفي الدولة من أجل الحصول على صفقات عمومية، وذلك عبر استخدام وسطاء مسنودين من المخزن وحكومته.

وكشف النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية المغربي، نقلا عن موظف سامي في الإدارة المغربية، أن المسؤولين عن منح الصفقات العمومية في مختلف القطاعات يتلقون تعليمات من جهات نافذة تربطها صلات وثيقة بالقصر الملكي وحكومة المخزن تأمرهم بمنح شركات إسرائيلية صفقات في مشاريع مختلفة.

وأضاف المقري أن هؤلاء الموظفين يتعرضون للابتزاز من قبل رجال أعمال صهاينة يمارسون عليهم ضغوطات من خلال إبلاغهم أنه تمّ توجيههم إلى تلك المصالح الإدارية من قبل أسماء وازنة في الحكومة المغربية، من أجل منحهم حصة من الصفقات العمومية في مختلف المشاريع التي تطلقها جميع القطاعات الوزارية.

وأكد المفكر المغربي أنّ مسؤولي الشركات الصهيونية يقتحمون مكاتب منح الصفقات ويضغطون على الموظفين دون اعتبار للقوانين أو مراعاة للشروط المنصوص عليها في مدونة قانون الصّفقات بالمغرب.

وفي هذا السياق، شدّد أبو زيد المقرئ الإدريسي على أنّ “الأمور تجاوزت مسألة التطبيع وتضييع فلسطين، ولم يعد الأمر يتعلق باستعادة الصحراء الغربية كما كان يزعم من قرّر التّطبيع مع الكيان الصهيوني”، ملمحاً إلى مبرّرات المخزن في قراره التطبيع مع إسرائيل كثمن “ينبغي دفعه” من أجل اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ “مغربية الصحراء”.

وفي ظلّ هذا الاعتراف الذي لم يعد القصر الملكي وحكومته يشيران إليه في تعاملهما مع ملفات التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي تجاوز بممارساته داخل المملكة مشروع التطبيع ودخل مرحلة جديدة جعلت من المغرب تحت حكم نظام المخزن يتحول إلى مجرّد مقاطعة تابعة لهذا الكيان الغاصب.

التطبيع الفلاحي مع الكيان الصهيوني يواصل استنزاف مياه المملكة

أكد الكاتب والباحث المغربي المقيم بروسيا، عبد الحكيم الرويضي، أن التطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني شمل كل المجالات و أدى الى ابرام اتفاقيات في مجال التعاون الفلاحي والأمن الغذائي، في وقت تجاهلت فيه السلطات المغربية معاناة البلد الذي لا زال يكافح ضد اتساع رقعة العطش.

وأضاف أن الحكومة المغربية تجاهلت حقيقة أن مشروع شركة صهيونية المقام على امتداد 500 هكتار من السهول الغربية الأكثر خصوبة، لإنتاج 10 آلاف طن من الأفوكادو سنويا، يمكن أن يستنزف 10 مليارات لتر من المياه سنويا، بما أن التقديرات تشير إلى أن إنتاج الكيلوغرام الواحد يستهلك 1000 لتر من المياه، أي أكثر بكثير من محاصيل أخرى كالطماطم والبرتقال.

من جهته، كشف محمد الناجي ، أستاذ باحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، عن معلومات خطيرة جدا حيث قال إن معظم بذور الخضروات المتداولة في الأسواق المغربية ذات مصدر “إسرائيلي“، بنسبة تفوق 80 بالمائة، وأن العلامات التجارية الأخرى، الهولندية والاسبانية وما إلى ذلك، تأتي في المرتبة الثانية.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “إسرائيل” قامت وتقوم بإغراء المهندسين المغاربة بالاشتغال في الشركات “الإسرائيلية” والتي تحمل أسماء أخرى، أوروبية أساسا.

وذكر الناجي أن “إسرائيل” حاضرة بشكل كبير في تزويد المغرب بالكثير من حاجاته في قطاع “البذور”، و”معدات الري الموضعي”، و”الأسمدة الذائبة”، ثم “الإنتاج الزراعي والسمكي”.

ونبه إلى أن اليوم، عقب التوقيع مع “إسرائيل”، أصبحت شركات الاحتلال الإسرائيلي تظهر بشكل علني في السوق المغربية وليس بشكل مقنع، وتتوجه في مخططاتها إلى التصدير لإفريقيا عبر المغرب.

ولفت الى أن المغرب يعاني من أزمة مياه بسبب قلة تساقط الأمطار وتوالي سنوات الجفاف، ما أدى إلى تراجع المخزون المائي بالسدود، ومعاناة السكان، خاصة في المناطق الريفية، من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب.

المغرب يتجاوز التطبيع للتعاون العسكري الوثيق مع الكيان الصهيوني

في حالة المغرب، تجاوز التعاون الطابع الرمزي والدبلوماسي، ليُترجم سريعًا إلى صفقات تسليح ونقل تكنولوجيا عسكرية وتدريبات مشتركة، وهو ما يعكس تحولًا جذرياً في العقيدة الدفاعية المغربية، واندماجًا تدريجيًا في المنظومة الأمنية المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة.

ففي فبراير 2022 وقّع المغرب عقدًا بقيمة تزيد عن 500 مليون دولار مع شركة Israel Aerospace Industries (IAI) لشراء منظومة الدفاع الجوي Barak MX.

ليس هذا التعاون الأول بين البلدين منذ تطبيع العلاقات في ديسمبر 2020، حيث اشترت المغرب أيضًا أنظمة مثل Skylock لمكافحة الطائرات المسيّرة .. وHeron وHarop وWanderB وThunderB طائرات بدون طيار من IAI وBlueBird.

كما دخلت مشاريع تصنيع طائرات مسلّحة بمنشآت داخل المغرب بالتعاون مع شركات إسرائيلية كـ BlueBird وElbit .

وقد نشرت بعض التقارير عن التعاون العسكري بين تل أبيب والرباط وأشارت أن إسرائيل أصبحت ثالث أكبر مصدر أسلحة للمغرب بعد الولايات المتحدة وفرنسا، بنسبة تقارب 11% من مجموع واردات المغرب العسكرية.

كما أن التطبيع والتعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل بلغ أقصاه عندما نشر موقع تايمز أيروسبيس، المتخصص في شؤون صناعة الطيران والدفاع، تقريراً عن أن المملكة المغربية باتت قريبة من أن تصبح أول دولة عربية وإفريقية تحصل على مقاتلات F-35 الأمريكية الشبحية، وذلك بعد موافقة الكيان على الصفقة.

وتعد مقاتلة الجيل الخامس الشبحية F-35 حكراً على إسرائيل في المنطقة العربية وأفريقيا والشرق الأوسط، وفقاً للقانون الأمريكي بضمان التفوق النوعي في الأسلحة لصالح تل أبيب على جميع الدول العربية.

ومعنى موافقة الكيان على حصول المغرب على المقاتلة الأمريكية بأنها لا تمثل أي تهديد لتل أبيب.

وتطورت العلاقات بين تل أبيب والرباط، ففي 2022، سجّلت أول مشاركة لقوات صهيونية في مناورة الأسد الإفريقي التي تُعقد سنويًا بقيادة الولايات المتحدة والمغرب، تأكيدًا على تطوّر العلاقات العسكرية بين الرباط وتل أبيب.

وفي مايو الماضي، خرجت مشاركة أكثر وضوحًا ومهنية، حيث شاركت وحدات كتائب غولاني الصهيونية في مناورات متخصصة مثل مكافحة الأنفاق باستخدام روبوتات متقدمة وتقنيات مراقبة، رغم الإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال في حق سكان قطاع غزة المحاصر.

رابط دائم : https://dzair.cc/nvdm نسخ